خلال ندوة عبر الإنترنت عدم المساواة في رعاية مرضى السرطان يؤدي إلى زيادة الوفيات

 

أكد عدد من الشخصيات البارزة في مجال مكافحة السرطان حول العالم أن عدم المساواة في توفير خدمات الرعاية الصحية لمرضى السرطان يؤدي إلى زيادة عدد الوفيات، مشيرين إلى أهمية تنسيق وتضافر الجهود وإيجاد الآليات ومصادر التمويل اللازمة لمواجهة المرض والحد من انتشاره.

 

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها اليوم (الثلاثاء 1 فبراير) عبر الإنترنت المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة، المؤسسة البحثية العالمية في مجال الرعاية الصحية، بالتعاون مع مجموعة البحوث الدوائية ومصنعي أمريكا “PhRMA“، لمناقشة النتائج التي توصل إليها تقرير المعهد السويدي حول حالة رعاية مرضى السرطان في تسعة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، والذي سيتم إصداره في 4 فبراير بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للسرطان هذا العام.

 

وشارك في الندوة كل من صاحبة السمو الملكي الأميرة دينا مرعد من الأردن، والرئيسة السابقة للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان؛ وفاديا سعادة، مديرة التنمية البشرية لمنطقة أوروبا وآسيا الوسطى بالبنك الدولي؛ وتوماس هوفمارشر، الخبير الاقتصادي في مجال الصحة في المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة؛ وسمير خليل، المدير التنفيذي لمنظمة “PhRMA” في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ والدكتور أحمد حسن عبد العزيز، أستاذ مساعد علاج الأورام بكلية الطب جامعة عين شمس في القاهرة.

 

وناقش المشاركون في الندوة تقرير المعهد السويدي الذي يقيّم حالة رعاية مرضى السرطان في تسعة بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا هي الجزائر ومصر والأردن والكويت ولبنان والمغرب والسعودية وجنوب أفريقيا والإمارات. واتفق المشاركون على أن مرض السرطان يشكل عبئاً كبيراً ومتزايداً في هذه البلدان التي شملتها الدراسة، حيث كان المرض يمثل السبب الرئيسي الثالث للوفيات في البلدان التسعة في مطلع الألفية، ولكنه تقدم ليحتل المرتبة الثانية بعد أمراض القلب والأوعية الدموية في ست دول من أصل الدول التسع محل الدراسة بحلول عام 2016.

 

وركز جانب كبير من النقاش خلال الندوة على كيفية مساهمة التفاوتات في رعاية مرضى السرطان، لا سيما في مجال الإنفاق على الرعاية الصحية للفرد الواحد، في فقدان الأفراد دون داعٍ. وتعليقاً على إحدى النتائج الرئيسية للتقرير والمتمثلة في عدم المساواة المتأصلة في أنظمة رعاية مرضى السرطان، قالت صاحبة السمو الملكي الأميرة دينا مرعد إن الحاجة تكمن في إيجاد نهج منسق يجمع بين عدم التمييز وتوفير الأساليب المناسبة لتحقيق الدخل والإيرادات اللازمة لعلاج ورعاية المرضى.

 

وقالت سموها: “نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في أنظمتنا الصحية، وإعادة تنظيمها وجعلها ليس أكثر كفاءة وفعالية فحسب، بل وأكثر تركيزاً واهتماماً برعاية المريض. وإذا ما تم وضع وصياغة سياسات تتضمن المبادئ الأساسية للعدل والمساواة، وعدم التمييز، إلى جانب الأدوات التي يمكنها إعادة تخصيص الأموال اللازمة لعلاج ورعاية المرضى، حينئذ يمكننا البدء بترتيب أوضاعنا الصحية. ويجب أن تكون الأنظمة الصحية في صورتها الجديدة قادرة على تغطية وحماية جميع المرضى وخاصة فئات السكان الأكثر عرضة للإصابة بالمرض الذين تم إغفالهم حتى الآن. كما يجب ألا يكون الحصول على فرصة العلاج من السرطان مرهوناً بمنطقة جغرافية معينة أو دخل أو جنس أو عرق، لكي تتحقق مبادئ المساواة وعدم التمييز في الرعاية الصحية للمرضى”.

 

وبدورها، سلطت فاديا سعادة الضوء على الدور النشط للبنك الدولي في تعزيز التغطية الصحية الشاملة لضمان حصول الناس على الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها دون معاناة مالية، مؤكدة أن ذلك كان أمراً أساسياً لتحقيق هدفي البنك الدولي المتمثلين في القضاء على الفقر المدقع، وتعزيز العدل والمساواة.

 

وقالت: “تلتزم مجموعة البنك الدولي بدعم جهود البلدان لتحقيق التغطية الصحية الشاملة من خلال إنشاء أنظمة صحية أولية أقوى تتيح توفير خدمات صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة للجميع. ونظراً للعبء المتزايد الذي تمثله الأمراض غير المعدية، فمن المهم أن تكون الأنظمة الصحية قادرة على توفير الرعاية اللازمة لهذه الأمراض فيما نسعى لدعم التغطية الصحية الشاملة”.

 

وحدد سمير خليل خلال مشاركته أن الافتقار إلى الوصول إلى خيارات التشخيص والعلاج المبتكرة، إلى جانب التغيرات الديموغرافية، تعد من التحديات الرئيسية التي يجب مواجهتها والتعامل معها في رعاية مرضى السرطان.

 

وقال: “تضم البلدان التسعة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا التي شملها هذا التقرير حوالي 300 مليون شخص. ومع توقع زيادة حالات السرطان التي تم تشخيصها حديثاً إلى الضعف تقريباً من 410.000 إلى 720.000 حالة سنوياً بين عامي 2020 و2040، فإن صانعي السياسات بحاجة إلى إعداد أنظمتهم الصحية لمواجهة المرض المتزايد بشكل مطرد والعبء الاقتصادي الذي يفرضه السرطان. ولا شك أن الأدوية المبتكرة يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في هذا المجال. ولتلبية الاحتياجات المتزايدة، تعمل شركات الأبحاث الدوائية الحيوية على تطوير علاجات جديدة وأفضل تحملاً، حيث هنالك أكثر من 1300 دواء ولقاح لمختلف أنواع السرطان قيد التطوير حالياً”.

 

وعلى الرغم من الارتفاع المتوقع في حالات الإصابة بالسرطان في العقدين المقبلين، أشار توماس هوفمارشر إلى أن المستقبل ليس قاتماً بالكامل، واصفاً أن هناك “فرصة ديموغرافية” متاحة من خلال وجود نسبة كبيرة من السكان ضمن القوى العاملة.

 

وقال: “إن مرض السرطان آخذ في الازدياد في جميع البلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا التي شملتها الدراسة، ومن المتوقع أن تزداد الأرقام بشكل أكبر في العشرين سنة القادمة. ومع ذلك، فإن الصورة ليست قاتمة بهذا الشكل. في حين أنه من الصحيح أن عدد مرضى السرطان سيرتفع، إلا أن عدد الأشخاص في سن العمل آخذ في الازدياد في الوقت نفسه. ويعد ذلك أمراً مفيداً لبناء اقتصاد قوي، مما يعني أنه يمكن الحصول على الإيرادات الضريبية اللازمة لبناء نظام قوي ومرن للرعاية الصحية ورعاية مرضى السرطان. هنالك فرصة متاحة في العشرين عاماً القادمة في جميع هذه البلدان لإحراز تقدم جيد في رعاية مرضى السرطان”.

 

وأخيراً، قال الدكتور أحمد حسن عبد العزيز، من خلال إعطاء نظرة طبيب متخصص حول المعوقات التي تحول دون الوصول إلى رعاية مرضى السرطان، إن توافر الإرادة السياسية أمر ضروري لتحقيق التغيير المطلوب والملّح.

 

وقال: “أنا شخصياً أعتقد أنه يجب أن تكون هناك إرادة ورغبة قوية في الدعم السياسي، لا سيما في هذا الجزء من العالم، لجعل الأمور واقعية وعملية وقابلة للتنفيذ وتؤدي لإحراز نتائج ملموسة. لقد شهدت خلال السنوات القليلة الماضية من خلال ممارستي هنا في مصر أن العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية سواء على مستوى المرضى أو الجمهور أو المتخصصين لديهم الرغبة، لكنك لا ترى نتيجة ملموسة بالفعل على أرض الواقع. ولم نبدأ في رؤية هذا إلا عندما حصلنا على الدعم السياسي، عندما كان هناك دفعة قوية بالفعل في اتجاه التشخيص المبكر والاكتشاف المبكر للمرض”.

 

ويدعم تقرير المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة، الذي سيصدر يوم الجمعة المقبل، حملة منظمة الصحة العالمية التي تدعو كل دولة لإنشاء “خطة وطنية لمكافحة السرطان”، وهو عبارة عن برنامج للصحة العامة مصمم للحد من عدد حالات السرطان والوفيات وتحسين جودة حياة المرضى الذين يعيشون مع المرض. ويهدف البرنامج لمواجهة مرض السرطان من خلال تعزيز الوقاية وتجنب الإصابة، وتحسين الفحص والكشف المبكر، وتحديد مصادر التمويل المناسبة لتمويل أنشطة الخطة. وفي النهاية يستخدم برنامج “الخطة الوطنية لمكافحة السرطان” استراتيجيات قائمة على الأدلة لمساعدة البلد المعني على مواجهة عبء السرطان وتحسين تقديم الخدمات، بغض النظر عن أية قيود اقتصادية قد يواجهها.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى