يسرى أبوعنيز تكتب : المشاجرات العشائرية من جديد

لم تشفع الأوضاع،الإقتصادية، والإجتماعية التي نمر بها،ولا حتى الظروف السيئة التي يمر بها المواطن،وذلك بعد انتشار فايروس الكورونا في العالم،والأردن كجزء منه،وحصده أرواح الألاف من الأردنيين حتى الآن.

ولم يشفع شهر رمضان المبارك،شهر المحبة والتسامح بين البشر،وهو الشهر الذي يتفرغ فيه معظم الناس للعباده،ومسامحة بعضهم البعض،ويصلون أرحامهم،ويعطف صغيرهم على كبيرهم،ويساعد غنيهم فقيرهم.

كما لم يشفع فقداننا،وخسارتنا لأعزاء خطفهم فايروس الكورونا وهم في قمة العطاء ،بعد أن فتك بهم هذا المرض القاتل،ولم تشفع الظروف السياسية ،وما تتعرض له القدس من هجمة شرسه من قبل المحتل الصهيوني،كل هذه الظروف لم تشفع لنا لإيقاف مسلسل المشاجرات العشائرية ،والتي باتت تشكل ظاهرة خطيرة في مجتمعنا الأردني.

ولعل ما حصل مساء الإثنين الماضي ، حيث فقدنا شابين في مشاجرة عشائرية في منطقة الجويدة،يعيدنا لمربع هذه المشاجرات ،والتي تقع بين الحين والآخر ،ولتكون خسائرنا فادحة،ليس من الناحية المادية فحسب،بل من الناحية البشرية،نتيجة لمقتل أشخاص قد يكون لهم علاقة،او ليس لهم علاقة بهذه المشاجرة،وقد تتسبب هذه المشاجرات بإحداث عاهات دائمة،أو إصابات خطيرة للمشاركين فيها.

وهذه المشاجرة ،أعادت لأذهاننا عشرات المشاجرات ،وقعت في مناطق مختلفة في المملكة ،وعلى مدار عدة سنوات،،حيث ذهب ضحيتها العشرات من الأشخاص،كان أغلبهم من الشباب،إضافة لحرق المحلات والمنازل ،والسيارات،وتشريد أهالي القاتل ،بعد أن اضطروا لترك منازلهم.

ولعلنا نتذكر تلك المشاجرة التي وقعت قبل عامين بين ابناء الخالات،في منطقة شفابدران بالعاصمة عمان ،خلال شهر رمضان المبارك ،وذهب ضحيتها شابين في مقتبل العمر،أحدهم قتله إبن خالته،والشاب الآخر اختنق بدخان النيران التي تم اشعالها في منزل ابن عم القاتل،لتكون النتيجة،وفاة شخصين أحدهما قتلاً،والآخر اختناقا،عندما أراد الأخذ بثأر إبن عمه،ولتكون الخسارة كبيرة، الأمر الذي اضطر أهل القاتل لترك المنطقة،ومنازلهم، وتنفيذ” الجلوة”بحسب العرف العشائري،مما ألحق الضرر بهم ،وبممتلكاتهم.

والحديث هنا عن المشاجرات العشائرية ،ليس من باب العرض فقط،ولكن حتى نتخلص منها،لما تتركه ،وما ينجم عنها من خسائر كبيرة ،وخاصة في العنصر البشري ،ليكون شبابنا كبش فداء لهذه المشاجرات،وبالتالي يتم حرمان عائلة،أو أم من فلذه كبدها،أو أطفال من والدهم بسبب هذه المشاجرات ،والتي باتت تؤرق المجتمع ،كما أنها تستنزف وقت وجهد أجهزتنا الأمنية.

لذا فإننا في هذه الظروف السيئة ،وهذه الفترة الحرجة التي نمر بها، بحاجة لتوظيف عناصرنا البشرية،وأجهزتنا الأمنية لما يخدم الوطن ،والمواطن،والتصدي لكل ما يواجهنا،بدلاً من هذه المشاجرات العشائرية ،والتي قد تبدأ بكلمة وتنتهي بجريمة قتل،وأن نوسع صدورنا ،ونتسامح،لأن في الحياة اشياء كثيرة تستحق منا أن نكون متكاتفين،وذلك لمواجهة الصعوبات التي نمر بها ،ويكفينا حصد أرواح بريئة ليس لها ذنب.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى