ما اشبة اليوم بالأمس

عميد جمارك متقاعد/ يوسف احمد الخليفات

أخالنُي استذكر مشاهد من التاريخ ومن “وجه الزمان” حينما كان يُقاتل ابناء الجيش العربي الاردني المصطفوي البطل دفاعاً عن ارض فلسطين الطهور في وجه قوى الظلم والعدوان والطغيان … وكانت بذات الوقت تُسلب ارضهم في وطنهم الاردن… نعم في الاردن … من اولئك النزر القليل ممن كانوا يعرفوا بالمُرابين (أكلي الربا والمال بغير وجه حق) من اصحاب دكاكين الخزي والعار ودفاتر حساباتهم الحاقدة وديونهم التي لا تنتهي تزويرا وكذبا التي كانوا يقيدونها ( بالتبصيم ) على اسر المقاتلين والمجاهدين من جند الوطن المخلصين وغيرهم من الفلاحين ولا تسدد إلا بالاستيلاء على كواشين ارضهم …وبدون ادنى ذرة لقداسة ومِسك ارواحهم التي ارتقت الى عليّين … ونزف جراحِهم العطرة … لكنهم عند الله الملك العدل في أعلى مراتب الفردوس مع الانبياء والصديقين …ويتنعم ابناء المُرابين … ويتلظَى غيرهم… الى ان جاء شاعر الاردن عرار التاريخ (مصطفى وهبي التل) وبدء بوضع حد لهذه الممارسات والاستغلال وعمل جادا على رفع الظلم …
مجلس النواب الاردني وأعضائهُ هم ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطيا الناطقين باسم الشعب ومن خلال القنوات الدستورية والأدوات والوسائل التي يمتلكونها هم من ” يمتلك الحق وكل الحق ” في تنفيذ ما يرونه مناسبا في الرقابة البرلمانية وهي رقابة شرعية ولهم الحق في التأكد من عدم ايقاع الظلم على اي فرد من المجتمع او على اي من موظفي الدولة لان الاصل في ادارات ووزارات الدولة ومؤسساتها ودوائرها إلا تخرج عن حدود سياسة الدولة واستراتيجياتها العامة والتخصصية وألا تخرج ايضا عن حدود المصلحة العامة والقوانين وبلاغات رئاسة ومجلس الوزراء نفسه … لمجلس النواب الحق في ان يضع حدا لأي قرار او ممارسة وإجراء خاطئ من اي مسئول …فهم لا يتلقون اكرامية من احد ولا يجوز ان تكمم افواههم بل هم لسان الحق الناطق وسيفه المسلول على رقاب الظلمة…
ان من يولد اليوم لا بد ان يأتي يوما ليموت .. ومن يتعين اليوم بوظيفة سيأتي يوما ليغادرها ويتقاعد … وان لكل بداية نهاية “هذا ايمانُنا المطلق بالله” … والأصل في التقاعد هو التكريم وليس غير ذلك لا ان يكونوا سلعة للمقايضة … واليوم اذ اجد انه تم احالة عدد من ضباط الجمارك تتراوح خدماتهم حول 25 عاما بموازاة التمديد لعدد من الاخرين اللذين اتموا 30 عاما وأكثر … وإنني اجد ان حقي وحقوق الزملاء المحالين على التقاعد وجهودنا تضيع هباء منثورا وتسلب حقوقنا اليوم ويضيع تعب الاعوام والسنين امام معايير تجانب الصواب في ظل غياب استراتيجية واضحة ومحددة في الانتقاء والاختيار … لا بل ان عين الحقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وان الاصلاح الاداري وما يشاع بأنه اصلاح ليس بمعناه الدقيق … فأبسط معاني الاصلاح تحقيق العدالة ضمن رؤية ثاقبة وميزان عادل بدارسة الملف الوظيفي ومسيرة الموظف وسيرته كاملة … ولعلهُ غاب عن اذهاننا ان الدول الكبرى والمتقدمة والعالم المتحضر اجمع له منهجا راسخا في تحقيق العدالة اضافة للعلم وبما يصب في قوة الدولة ككل.
انني أرى ان مسيرة الموظفين وسيرتهم لا تتم معرفتها إلا من خلال انجازاتهم وملفاتهم الوظيفية من اول يوم الى اخر يوم عمل في حياة الوظيفة والعمل وعلى ان تقوم بذلك لجنة تخاف الله وتقول كلمة الحق وان تكون المقارنه من خلال دراسة دقيقة وعادلة وواضحة لكافة الموظفين اللذين تنطبق عليهم نفس الوضعية والإطار الزمني او ممن مُدد لهم وبِخلاف ذلك فانه لا يمكننا من تطوير الاداء وتنفيذ البرامج وتحقيق الاهداف… وعندئذ سينكشف الغطاء وستجد الظلم عيانا …
الخبرات الجمركية والمهارات المتنوعة للموظف وتوازنه بين مصلحة الدولة في تحقيق كافة اهدافها وبين مصلحة المواطن بعدم التجني عليه ان كان على حق وعدم الرضوخ للضغوطات من اصحاب المصالح الباطلة … ووصول ذلك الموظف الى اعلى السلم الوظيفي كالدرجة الخاصة او رتبة عميد جمارك او منصب مدير وبدون اي محسوبية او واسطة اضافة لوجود تقارير سرية للبعض منهم من كلية الدفاع الملكية تشير الى قدرته على التطور والتطوير المستمر والعمل بوظائف القيادة والإدارة العليا … لهو دليل دامغ على كفاءته وتميزه وإنجاز يسجل له اذا ما قورن خاصة مع اقرانه ممن تعينوا سويا بنفس العمر والدرجة وغالبيتهم العظمى اللذين لم يصلوا لذلك إلا متأخرين جدا …فهل ذلك جريمة يجب ان يعاقبوا عليها بإحالتهم على التقاعد وقبل الوقت الذي خطه مجلس الوزراء ببلاغاته…لا بل كان واجبا عليهم ان يعلقوا مشانقا لنا.
تسهيل التجارة وأمنها ودعم الاقتصاد الوطني والمحافظة على المال العام وامن المجتمع … يقوم اساسا على المحافظة على الموظفين وحماية حقوقهم وحقوق اسرهم بتحقيق الاستقرار الوظيفي لهم وتقدير انجازاتهم على مر الاعوام الماضية على أقل تقدير او اعتبار …بل ان التغييرات السلبية والظالمة في القرارات والعملية الادارية والتوظيف السيئ لها تنعكس سلبا على الدولة والسيادة والحرية والعدالة خاصة اذا ما انطلقت وانحصرت بشخص او شخصين فقط في أُفقهم انهم هم من يرزقوا او يمنعوا الرزق…( وبرائيي الشخصي ان الادارة مهنة وفن لا يملكه ناقلوا الكلام الكاذب واللاهثين وراء المناصب).
لقد ازالت المملكة المغربية الشقيقة جبلا لإخراج الطفل البريء ريان “رحمه الله ” والذي سقط في البئر خطأَ …ونحن دفعنا بقصد الى البئر ظلما … وان رسالة الله الى رسوله سيدنا محمد النبي الهاشمي العظيم التي حملها بأمانة وحملها آل بيته الاطهار من خلفه تستوعب وبكل بساطة الرحمة الانسانية بإقامة الحق وتحقيق العدالة ودون ان تُزيل ذرة من تراب …
اجدُ نفسي مضطرا ان اكتب هذا المقال ونشره كوسيلة مشروعة لمقاومة الظلم وسعيا لوقف التجني الذي مسني وزملائي المعنيين بل ويمس نواب الامة الشرفاء المدافعين عن الحق المبين … ولتشرق شمس العدالة نحو تحقيق الاصلاح الاداري والمالي الحقيقي فشجرة الحضارة والمدنية تموت من الظلم والظلمة وتُميت معها اسباب المنعة والقوة … ونحن على يقين تام اننا سوف نُنصف لأننا في بلد يسوده العدل والمساواة بوجود حكومة رشيدة وفي ظل القيادة الهاشمية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خُطاه … وليسمح لي شيخ الشُهداء الكبير (عمر المختار) ان اُعدل على قوله الشهير … نحن (في الاردن)… لا نستسلم …ننتصر …وسننتصر …

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى