م. علي ابو صعيليك يكتب: الوطن مابين مطرقة الإقتصاد وسندان السياسة

م.علي فريح ابوصعيليك- من الواضح أن الشغل الشاغل للعديد من الحكومات في العالم هو كيفية التعافي اقتصاديا نتيجة القرارات المرافقة لجائحة الكورونا والبداية كانت في القارة الأوروبية حيث بدأت التسهيلات في القطاع السياحي وهو عصب العديد من الاقتصادات وما تبع ذلك في بعض الدول الآسيوية من العودة التدريجية لفتح العديد من القطاعات الإنتاجية والتجارية ويبقى القلق يلوح في الأفق من عودة محتملة لإنتشار الوباء مجددا وهو ما حدث فعلا في الصين هذه الأيام وهي التي تمتلك القدرات الكبيرة لمواجهة التحديات وأثبتت ذلك فكيف يمكن للدول النامية وفق إمكانيات متواضعة للغاية من مواجهة هذا التحدي الكبير وهو التعامل مع العودة المحتملة للوباء وإنعاش الحالة الإقتصادية بنفس الوقت؟

في الأردن مثلا بدأ وزير المالية حديثة الإعلامي مؤخرا عن مراجعة عميقة لما يسمى التهرب الضريبي وهو ما ترافق مع حديث مماثل لوزير العدل من حيث وجود تشريعات تساعد وزارة المالية في تطبيق خطط لا رجعة عنها في مكافحة الفساد المالي والتهرب الضريبي مع الأخذ بعين الاعتبار إرتفاع مستوى النقاش الشعبي على مواقع التواصل الإجتماعي  وتوجيه سهام الحديث والإتهامات نحو أسماء معينة لم يتم الاقتراب منها سابقا ولا يمكن عزل الحديث الشعبي عن الحديث الرسمي في هذه المرحله الحرجة من تاريخ الوطن مع الأخذ بعين الاعتبار مدى التأثير السلبي لتخفيض الرواتب في القطاعين العام والخاص على السلوك العام للمواطن والذي أنهكته العديد من الأزمات المتعاقبة وسط إرتفاع مستوى ثراء البعض وتزامن ذلك مع شدة الصعوبات التي يواجهها الأفراد في تسيير أمورهم اليومية وهو مؤشر خطير حيث كان المواطن فعليا في ظروف معيشية صعبة قبل الكورونا والعديد منهم أضطر للإقتراض من أجل تعليم أبناءه على سبيل المثال.

في نفس الوقت تبرز في واجهة الأحداث تصريحات قادة الكيان الصهيوني بضم أجزاء من فلسطين وغور الأردن ومثل هذا الحديث لا يمكن فصله خصوصا في توقيته عن باقي الأحداث المشار إليها من حالة التذمر الشعبي للفساد المالي ووعود الحكومة بإجراءات صارمة في مواجهة المتهربين ضريبيا والفاسدين ومن الضروري جدا في هذه المرحلة أن تثبت الحكومة مصداقيتها مما يساهم في تعزيز الجبهة الداخلية حيث أن الروح المعنوية للمواطن هي مكون أساسي في مواجهة الكيان الصهيوني وتهديداته ولذلك يجب أن لا تتأخر الحكومة كثيرا في الكشف عن نماذج من جهدها في مكافحة الفساد المالي والتهرب الضريبي وهو ما قد يعيد بعض الأموال لخزينة الدولة وبالتالي مساعدتها في مواجهة تحديات المرحلة وأيضا يفترض أن يلمس المواطن نتائج هذا الجهد على تكاليف معيشته.

إن هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن تتطلب أعلى درجات الحس الوطني للخروج من هذا النفق المظلم لأن التحديات فيها مفصليه وتقريبا غير مسبوقة من حيث الناحية الوطنية المتمثلة بتهديدات الكيان الصهيوني ومن ناحية الصعوبات المادية التي يعاني منها الوطن والمواطن،  وإذا كان المواطن وهو حجر الأساس في الوطن قد تقبل على مضض تخفيض الرواتب فإن رأس المال المحلي عليه أن يظهر الجانب الوطني بدلا من إجباره على ذلك بالقانون حسب تصريحات وزيري المالية والعدل لأن الدولة لا ينهض بها إلا أبناءها ودائما هنالك فرص لبدايات جديدة وكما قال الحبيب المصطفى {كل إبن أدم خطاء وخير الخطائين التوابون} وهذه المرحلة هي فرصة لتنظيف الصفحات السابقة قبل أن تتكشف بالصدف العديد من المستورات التي لا تليق.

ولكن وبعيدا عن المثاليات فإن البعض ممن أدار وجهه عن الوطن وهو الذي لم يترك منصبا أو فرصة غير شرعية إلا وأستغلها في سبيل صناعة ثروته وإمبراطوريته الخاصة فهؤلاء لا تتوفر الروح الوطنية كحافز لديهم حتى لو غرق الوطن ولن يكون غير القانون هو الوسيلة لأن الوطن وإستقراره أهم منهم ومن تنميتهم لثرواتهم  ونستذكر المقولة الشهيرة لجيفارا ” إذا إستطعت أن تقنع الذباب بأن الزهور أفضل من القمامة حينها تستطيع أن تقنع الخونة بأن الوطن أغلى من المال” وهذا فعلا ما ينطبق مع الأسف.

أكون أو لا أكون هو عنوان المرحلة القادمة فإما نجاح في التحديات ينقل الوطن إلى الأمام بجهود أبناءة الأوفياء بعطائهم وجهدهم ووطنيتهم وهذا ما تؤيده الأغلبية الصامتة التي ضحت كثيرا ولازالت من أجل الوطن، وإما لا قدر الله سقوط وغرق نحو المجهول وهذا أيضا إن حدث فسيكون أساسة ابناء الوطن العاقين لوطنهم وإخلاصهم لثرواتهم وتزامن ذلك مع طموحات العدو المحتل.

 

 

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى