الماس الصناعي.. بريق جديد في معركة الذكاء الاصطناعي ضد الحرارة

يشهد عالم التكنولوجيا سباقًا محتدمًا لإيجاد حلول تقلل من استهلاك الطاقة الهائل في مراكز البيانات التي أصبحت العمود الفقري للحوسبة الحديثة والذكاء الاصطناعي. فمع تضاعف الطلب على الخدمات السحابية، باتت هذه المراكز تستهلك كميات هائلة من الكهرباء تتحول معظمها إلى حرارة مهدرة تعيق الأداء وتزيد التكلفة.
الماس الصناعي يدخل ساحة المعركة
من بين الحلول المبتكرة التي يجري تطويرها حاليًا، يبرز الماس الصناعي كخيار ثوري قادر على تغيير قواعد اللعبة في صناعة الرقائق الإلكترونية. هذه المادة، المعروفة بصلابتها الفائقة، تمتلك أيضًا أعلى موصلية حرارية بين جميع المواد، ما يجعلها مرشحة مثالية لتبديد الحرارة الناتجة عن تشغيل مليارات الترانزستورات في المعالجات الحديثة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن شركات التكنولوجيا العملاقة تعمل على دمج قطع صغيرة من الماس الصناعي داخل الرقائق للمساعدة في خفض حرارتها. ويقول المهندس الكهربائي آر. مارتن روشايسن من شركة Diamond Foundry إن أكثر من نصف الطاقة في الرقائق الإلكترونية الحالية تُهدر على شكل تيارات تسرب حرارية، وهو ما يقلل كفاءتها ويقصر عمرها.

ما الذي يجعل الماس مميزًا؟
يشير الكيميائي الفيزيائي بول ماي من جامعة بريستول إلى أن “الماس يتمتع بأفضل خصائص توصيل حراري في العالم، إذ يوصل الحرارة أسرع بعدة مرات من النحاس المستخدم في تبريد الشرائح الإلكترونية”.
ويرجع ذلك إلى الروابط القوية بين ذرات الكربون داخل بلورة الماس، ما يسمح بنقل الاهتزازات الحرارية بكفاءة مذهلة.
حل لأزمة استهلاك الطاقة
يقول الدكتور أحمد بانافع، المستشار الأكاديمي بجامعة سان خوسيه، إن التوسع في الذكاء الاصطناعي جعل مراكز البيانات “مصانع حرارة” تستهلك نحو 70٪ من الكهرباء دون فائدة.
ويضيف أن دمج الماس الصناعي مع السيليكون في تصنيع الشرائح يمكن أن يقلل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 30٪ ويطيل عمر الأجهزة.
كما تعمل شركات مثل IBM وIntel على مشاريع لتصميم رقائق هجينة تجمع بين السيليكون والماس الصناعي لتبريد أفضل دون المساس بالأداء.
إقرأ أيضا: انعطافة حادة في سوق الكاكاو العالمي بعد عامين من الارتفاع التاريخ
تحديات التكلفة والتصنيع
رغم المزايا الكبيرة، تواجه الصناعة تحديات في توسيع إنتاج الماس الصناعي بسبب تكلفته العالية وصعوبة دمجه في خطوط الإنتاج الحالية.
غير أن الخبراء يرون أن التطورات في تقنيات ترسيب الطبقات الذرية قد تفتح الباب أمام استخدامه على نطاق أوسع خلال السنوات القادمة.

حلول موازية لاستغلال الحرارة المهدرة
في جامعة رايس الأمريكية، طوّر باحثون نموذجًا مبتكرًا لاستغلال الحرارة المهدرة في مراكز البيانات لتوليد طاقة جديدة باستخدام نظام دورة رانكين العضوية (ORC).
إقرأ أيضا: سعر صرف الدولار مقابل الجنية اليوم الجمعة في مصر
ويُظهر النموذج إمكانية توليد طاقة إضافية تصل إلى 5٪ من سعة مركز البيانات، ما قد يغير مفهوم إدارة الطاقة في هذا القطاع الحيوي.

رؤية مستقبلية: الماس صديق الذكاء الاصطناعي
يؤكد الدكتور حسين العمري من وادي السيليكون أن الماس الصناعي قد يكون “الصديق الجديد” للرقائق الإلكترونية في عصر الذكاء الاصطناعي، نظرًا لقدرته على تبريد المعالجات، وتقليل استهلاك الطاقة، وتمكين أداء مستدام وعالي الكفاءة.
ويختم بالقول إن المستقبل سيشهد شرائح هجينة تجمع بين الماس والسيليكون ومواد أخرى مثل كربيد السيليكون ونتريد الغاليوم، لتلبية متطلبات الأداء والحرارة في وقت واحد.