د. حنين عبيدات تكتب : الإستثمار في الصحة

(الإستثمار في الصحة)

الصحة تعد من أهم الأساسيات التي تقوم عليها الدول و في مقدمة الحقوق التي يجب أن توفرها كل دولة لمواطنيها، وهي من العناصر الهامة للتنمية البشرية التي تنهض بالدول و تطورها ، و هي حاجة إنسانية لازمة ، بالإضافة إلى أنها استثمار اقتصادي هام، فالنظام الصحي إذا كان متينا تكون الدولة لها قدرة على توفير الحقوق الأخرى.
أدت جائحة كورونا إلى استنزاف الكثير من الموارد الإقتصادية و الصحية ، و اهتزاز في البنية التحتية للقطاع الصحي في جميع الدول العربية، و ذلك لأن الكثير منها لم يكن مدركا على مدار السنوات الماضية بأنه من الممكن أن يتعرض العالم لأي ظرف قد يسبب مشاكل اقتصادية أو سياسية أو صحية أو تعليمية و غيرها.
يعد الإستثمار في القطاع الصحي حاليا واجب وطني لإنقاذ الإنسانية من الأمراض و الحالات النفسية التي خلفتها الجائحة، و تقديم الرعاية الصحية الشاملة التي يحتاجها المواطنون، بالإضافة إلى أنه يعد إستثمارا هاما اقتصاديا و لوجستيا.

كيف نستثمر بالصحة؟
بالتأكيد ستكون جائحة كورونا لها الأثر المباشر في التركيز على تطوير القطاع الصحي و تمتين بنيته الصحية، و تمكينه ليكون قادرا على تحمل أي طاريء قد يجتاج العالم، و القدرة على علاج و مواجهة الأمراض الموجودة، و تقديم الرعاية الصحية و الدوائية للمريض.
إن القطاع الصحي في الدول العربية يجب أن يكون شاملا في كل مجالات الرعاية الصحية، ولا يقتصر على جانب دون الآخر، من كوادر صحية و تأمين المواطنين طبيا، و توفير الأدوات الصحية كالأجهزة و المستشفيات و المراكز الطبية ،و الإعلام الطبي و غيرها .
الإستثمار في الصحة الآن ضرورة و ذلك لتطوير الأنظمة الصحية و تمكينها من جهة، و الإستفادة اقتصاديا من جهة أخرى ، و إليكم بعض المقترحات : تخصيص ميزانية كبرى لوزارات الصحة لتوفير كل ما يخصها لتطوير القطاع الصحي، التركيز على البحث العلمي في الجامعات و مراكز الأبحاث العلمية و تسخيرها للصالح العام، إنشاء مراكز تبادل معلومات بين الجامعات العربية و العالمية ،ربط مراكز الدراسات و تطوير الأبحاث و شركات الأدوية مع مراكز الدراسات داخل الدول العربية و خارجها ، فتح قنوات بين الحكومات و القطاع الخاص من خلال تبادل الخبرات و تدريب الكوادر الصحية و التعاون فيما بينها في مجالات عديدة، تدريب منتسبي النقابات الصحية بالتعاون مع وزارات الصحة على أي طاريء صحي ممكن حدوثه مستقبلا و التركيز على التعليم المهني المستمر ، شمول جميع المواطنين في التأمين الصحي، استخدام التقدم التكنولوجي و الرقمي في تطوير وزارات الصحة و ربط هذه التكنولوجيا مع المرضى لمتابعة الحالات المرضية و تقديم الرعاية الصحية و تطوير الكوادر الصحية، تحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة من وزارات الصحة و القطاع الخاص، التوجه لإنشاء مدن طبية متطورة تشمل جميع أقسام الأمراض و تعزيزها بالكوادر الطبية و ربطها بالمدن الصحية الرئيسية في العالم المتطور ، أن يهتم الإعلام العربي بما يسمى الإعلام الطبي المتخصص، و تعزيز دور الإعلام المرئي والمكتوب و المسموع في عمل برامج صحية توعوية تجمع جوانب إنسانية و مرضية و دوائية، و على الدول العربية أن تتجه إلى وضع ميزانيات مالية خاصة لمشاركة الدول الغربية في تصنيع الأدوية و اللقاحات و المستلزمات الطبية.
كل ما ذكر سيجعل الدول العربية من أوائل الدول في القطاع الصحي و الدوائي_ بالرغم من أن الأردن لديها شركات دوائية هامة على مستوى العالم، و لكننا نحتاج في كل الدول العربية إلى نهضة صناعية دوائية مؤثرة_ و ستكون الدول العربية آيضا بيوت خبرة للعالم أجمع، و سيكون هناك تبادلا صحيا و علميا هاما و تبادل للخبرات الصحية و العلمية داخل و خارج الدول العربية ، و جلب استثمارات متعددة من الخارج و الداخل العربي، و تشغيل الأيدي العاملة و تطويرها، و عقد برامج تبادل صحي بين الدول كي يتم الإستفادة من التطور الدوائي و الصحي و تشغيل كوادر صحية و غيرها من الكوادر البشرية ، و كل ذلك سيعود على الدول العربية بفائدة اقتصادية كبيرة ستنعش المنطقة بأكملها بالإضافة إلى الحصول على حق إنساني يليق.

حنين عبيدات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى