حاجز الخوف تهدم.. ممارسات الاحتلال بالضفة الغربية تنذر بفتح جبهة ثالثة بالحرب

 

“اتفاق أوسلو انتهى للأبد.. والدولة الفلسطينية ستولد من رحم الحرب في غزة”.. هكذا تحدث حسن عصفور الوزير السابق وعضو الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات أوسلو، في رده على مذيع الـ”bbc”، عند سؤاله عن مستقبل فلسطين.

 

تأتي تلك التصريحات بالتزامن مع تقارير غربية تتحدث عن انكسار حاجز الخوف لدى الفلسطينيين، حيث أنه بعد معركة 7 أكتوبر، والهزيمة القاسية للجيش الإسرائيلي في عقر داره، أصبح كل فلسطيني يمتلك أملا في فرض حقوقه، وبالأخص على الجبهة الفلسطينية الثانية داخل أرض فلسطين التاريخية، وهى الضفة الغربية.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة إندبندنت الأمريكية، فإن الضفة الغربية أصبحت على وشك أن تكون الجبهة الثالثة في الحرب الدائرة داخل إسرائيل، وذلك بعد جبهتي غزة وجنوب لبنان.

 

وفي تحليلها للمشهد ذكرت الصحيفة الأمريكية، أن الضربات المستمرة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية لتلك المنطقة، أضعف بشدة سلطة الحكومة الفلسطينية، وأدى لكسر حاجز الخوف لدى أهلها، ودفعهم للانتماء لجماعات الجهاد المسلح الفلسطيني مثل حماس والجهاد، بل وأصبحوا في العلن يرفعون أعلامهم داخل الفعاليات الجنازات.

 

حملة قمع إسرائيلية تدفع للتحذير من جبهة حرب

 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، حذر مسؤولون في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من إمكان تحول الضفة الغربية إلى جبهة أخرى في الحرب الإسرائيلية، خصوصاً مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات في أعقاب الهجمات التي شنتها حركة “حماس”، وسقوط عدد متزايد من القتلى الفلسطينيين، وكان 13 فلسطينياً – منهم 5 أطفال – قد قتلوا في هجوم للقوات الإسرائيلية في مخيم “نور شمس” للاجئين قرب بلدة طولكرم، الخميس، ليتطور إلى تبادل طويل لإطلاق النار، واستدعاء القوات الإسرائيلية مروحية “أباتشي” شاركت بإطلاق صواريخها لأول مرة منذ 20 عاما بالضفة.

 

في المقابل ذاق أهل الضفة لذة القدرة على الانتقام، حيث قتل رقيب في شرطة الحدود الإسرائيلية بالرصاص خلال عملية نفذتها قوات الاحتلال للقبض على أربعة من مقاتلي “حماس”، زعم أنهم هاجموا مستوطنين إسرائيليين في وقت سابق من هذه السنة، وفيما كان الاهتمام الدولي منصباً في الأساس على التوغل العنيف لـ”حماس” في إسرائيل والغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، شهدت الضفة الغربية أيضاً مواجهات متكررة وأعمال عنف دموية.

 

80 شهيدا و900 معقل في أسبوعين يغزى حماس والجهاد

 

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله مقتل أكثر من 80 فلسطينياً وإصابة نحو ألف في هذه المنطقة برصاص الجيش الإسرائيلي ومستوطنين، منذ هجوم “حماس” قبل أسبوعين، كما اعتقل نحو 900 شخص خلال تلك الفترة، مع دخول فرق خطف إسرائيلية إلى المنطقة الخاضعة شكلاً لسيطرة السلطة الفلسطينية.

 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن تلك الحصيلة من الضحايا، بالتأكيد تصب في صالح حماس والجهاد، وهو ما تم ملاحظته من وجود دعم واضح لحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، تحديداً في أوساط كثير من الشباب العرب، حتى إن علمي الجماعتين الإسلاميتين ولافتاتهما رفعا في جنازة أفراد فقدوا أرواحهم في مخيم “نور شمس”.

 

ويقول خالد (20 سنة) الذي عرف نفسه بأنه عضو في حركة “الجهاد الإسلامي”، إن “الإسرائيليين يشعرون بقلق عميق مما حدث مع (حماس)، لذلك هم يشنون هجمات على الفلسطينيين، وأتوقع أن نشهد مزيداً من تلك الهجمات، خصوصاً عندما يواجهون مصاعب كبيرة في الدخول إلى غزة، وتلك الصورة تدفع كثير من الشباب للتفكير في الانضمام للحركات صاحبة القوة في وجه إسرائيل، فليس لنا بديل غير ذلك، خصوصا في ظل موجة القمع المستمرة بالضفة قبل وبعد عملية طوفان الأقصى.

 

700 ألف مستوطن داخل الضفة يغزون نمو حماس والجهاد

 

وبالتحليل لانتماءات شباب الضفة، نجد أنه على مدار السنوات الماضية هناك نمو كبير لمؤيدي حماس والجهاد، وهنا تتحدث السلطة الفلسطينية عن عامل آخر يدفع شباب فلسطين لذلك، فاستناداً إلى ما تقوله السلطة الفلسطينية، فإن بعض الاشتباكات وقعت نتيجة تصرفات مستوطنين إسرائيليين حيث يقيم نحو 700 ألف منهم الآن في الضفة الغربية، وقد أصبح هؤلاء المستوطنين أكثر عدوانية، ويبدو أنهم يتصرفون من دون رادع منذ هجوم “حماس”، وهنالك ادعاءات بوجود تواطؤ من جانب قوى الأمن الإسرائيلية وعهم.

 

وبحسب الأحداث الأخيرة، أفيد بأن أربعة عرب أصيبوا برصاص مستوطنين في مدينة بيت لحم مساء الخميس الماضي، وسقط آخر بالرصاص في جنين، وقد أقيل قائد إحدى وحدات الجيش الإسرائيلي بعد تحقيق داخلي أجراه الجيش في قضية قيل فيها إن خمسة قرويين ضربوا وأحرقوا بالسجائر، وإن أحدهم تعرض لاعتداء جنسي.

 

وأكد مسؤول أمني إسرائيلي أن عدد الاعتقالات ارتفع بشكل واضح، وقال: “حدث مزيد من حالات الاعتقال الاحتياط، بعضها جاء على خلفية ادعاء مستوطنين أنهم يشعرون بالتهديد، ومن المهم الإشارة إلى أن هؤلاء المستوطنين هم مواطنين إسرائيليون، وتقع على عاتقنا مسؤولية حمايتهم”.

 

وأشار إلى “تزايد المخاوف الأمنية بشكل عام، فحركة (حماس) تمارس أنشطة في المنطقة، ولها خلايا فاعلة فيها ومخابئ أسلحة، ويبدو أن النية هي صرف الانتباه عن غزة من خلال فتح جبهة ثانية”.

 

الجيش الإسرائيلي يعترف … نحن ندفع لحرب الجبهات

 

وتشير الصحيفة الامريكية، إلى ما قاله المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس في السياق نفسه، وذلك حين قال: “تحاول (حماس) إغراق إسرائيل في حرب الجبهات الثلاثة، ومن الواضح أن التهديد قد ارتفع”، لكن في المقابل يقول صبري صيدم عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” والمستشار البارز لرئيس السلطة محمود عباس، إن هناك مخاوف من أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول تنفيذ سيطرة كاملة على الضفة الغربية بتلك الذريعة.

 

ولفت في هذا الإطار إلى أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو سبق أن اتخذ قراراً يدعو إلى ضم كامل للضفة الغربية إلى إسرائيل.

 

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدث عن دعمه لضم “تدرجي” للمناطق الفلسطينية، وقدم أثناء إلقاء كلمته أمام “الجمعية العمومية للأمم المتحدة” في سبتمبر الماضي، خريطة لإسرائيل تشمل الضفة الغربية وغزة، معتبراً أنهما تشكلان جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل، ويضاف إلى ذلك أن اتفاق الائتلاف الحاكم في إسرائيل بين حزب الليكود و”الحزب الصهيوني الديني” المتطرف يحدد التزامهما “تعزيز سياسة تطبيق السيادة على يهودا والسامرة” – وهما الاسمان التوراتيان لإسرائيل الكبرى التي تضم الضفة الغربية.

 

الجرائم في غزة تغزى العنف بالضفة

 

وتشير الصحيفة الأمريكية إلى الارتباط الوثيق بين ازدياد الجرائم الإسرائيلية في غزة، وبين زيادة العنف في الضفة، فقد كان مئات من سكان الضفة الغربية قد اشتبكوا مساء الأربعاء الماضي مع قوى الأمن الإسرائيلية، بعدما أدت غارات جوية على “مستشفى المعمداني الأهلي” في مدينة غزة، إلى استشهاد مئات من الأشخاص، وجرى التعبير عن الغضب من الوفيات التي وقعت في غزة بصوت عال خلال مسيرة احتجاج نظمت في رام الله، مباشرة بعد صلاة الجمعة الماضي، وصدرت أيضاً إدانة لغياب أي تحرك دولي في شأن عقود من القمع الإسرائيلي.

 

ويقول أحمد عوض، وهو طالب فلسطيني يبلغ من العمر 20 سنة، شارك في تظاهرة مساء الخميس، إن الجرح المضمد في ذراعه الذي أظهره لنا، ناجم عن هجوم شنه مستوطنين، وأن أسرته لديها مزرعة قرب نابلس، حيث يوجد كثير من المستوطنين في المنطقة، وهم يضايقوننا ويستفزوننا باستمرار الآن.

 

وأضاف: “ذهبت أنا وشقيقي لمساعدة والدي في الاستعداد لموسم قطف الزيتون، فوجدنا بعض المستوطنين في أرضنا، وطلبنا منهم المغادرة، فبدأوا بالصراخ علينا، ثم ذهب أحدهم وأحضر مسدساً وأخذ يطلق النار منه، وقد أصبت في ذراعي، ولحسن حظي أن الأمر لم يكن شديد السوء، فنحن نتخبط في هذا الوضع الآن، وقيادتنا لا تفعل شيئاً، لذا ليس من المستغرب أن تحظى (حماس) بالتأييد من جانب عدد كبير من الناس هنا”.

 

ابن البرغوثي : الحل في المقاومة

 

وتنقل الصحيفة حديث عرب البرغوثي (33 سنة) – وهو ابن مروان البرغوثي أحد زعماء حركة “فتح” المسجونين لدى إسرائيل، الذي يعد زعيم الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية ضد إسرائيل – وكان من بين المشاركين في الاحتجاجات، وقال إن “الناس أدركوا أن الطريقة الوحيدة للرد على دائرة القمع والعنف هذه، تتمثل في المقاومة والتضامن، فهم يشعرون أن المجتمع الدولي تخلى عنهم تماما، وليس هناك شك في أن (حماس) اكتسبت شعبية هنا”.

 

وأضاف البرغوثي “إن أحداً لا يمكنه التغاضي عن بعض الأمور الفظيعة التي حدثت خلال هجوم (حماس)، لكن الناس يرون أنها تقوم بشيء ما، ولا يعتبرون أن السلطة الفلسطينية تقف بجانب الشعب”.

 

تجدر الإشارة إلى أن والده مروان البرغوثي يتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين، فبحسب استطلاع للرأي أجري في وقت سابق من هذه السنة، فإنه في حال لم يترشح محمود عباس مجدداً للانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة، وجرى إطلاق سراح البرغوثي وتقدم بترشيحه للمنصب عن حركة “فتح”، سيحصل على 41 في المئة من الأصوات، وسيحوز إسماعيل هنية زعيم المكتب السياسي لحركة “حماس” الذي يعيش في قطر على 17 في المئة، أما يحيى السنوار وهو الزعيم الراهن لحركة “حماس” في قطاع غزة، فسيحصل على أربعة في المئة فقط.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى