مرمم المومياوات يتوصل لسر تركيبة زيت شعر الملكة «تي»… تعرف عليه

في مستقرها الأخير بالمتحف القومي للحضارة المصرية، ترقد مومياء الملكة «تي»، وكأنها تنبض بالحياة بشعر منسدل خالٍ من التلف، صورة أثارت اندهاش العالم عند الكشف عنها وقت خروجها في موكب المومياوات، أبريل الماضي، نظرا للحالة الممتازة التي كان عليها شعرها الطويل ذو الجدائل البنية، خاصة أنها ماتت وهي طاعنة في العمر، لكنه ظل محتفظا بحاله لآلاف السنين، ما طرح الكثير من التساؤلات عن الزيوت والخلطة السرية التي حافظت بها عليه بهذه الحالة الممتازة؟

 

وعليه بادر الدكتور مصطفى إسماعيل، مدير معمل المومياوات في المتحف القومي للحضارة، بالبحث عن السر، ونجح في تحقيق المستحيل بعد 6 أشهر من البحث والتحليل والدراسات، ويعيد إنتاج زيت شعر الملكة «تي» بالمكونات ذاتها، وعددها 13، الذي استخدمته في حياتها، وأظهرت التجارب نتائج مذهلة عند اختبارها على عينة من الثعالب والفئران؛ إذ أدت إلى كثافة شعر الحيوانات خلال شهر، ونجحت أكثر عند تطبيقها على البشر.

 

السر في 13 نوع زيت مختلف

«13 زيت مختلف استعملتها الملكة في خلطتها السرية بنسب معينة، ونجحنا في فك شفرتها بعد شهور من البحث، وركبناها معمليا، وحققنا نتائج مذهلة»، هكذا يقول الدكتور مصطفى إسماعيل، صاحب البحث، مشيرا إلى أن اختبار التركيبة على عينة الدراسة البشرية أثبتت قدرتها على علاج مشكلات فروة الرأس والقضاء على الفطريات والبكتيريا التي تصيب الشعر، وتحديدا طبقة الكيراتين الخارجية التي تعتبر بمثابة التربة للشعر.

 

وأوضح «إسماعيل»: «كلما صحت التربة صح الشعر، علاج للصلع والثعلبة ويقوي الشعر كما كان، وللزيت نتائج ممتازة في تقوية بصيلات الشعر وإطالته بشكر سريع، وتقوية الضعيف بمعدل الضعفين خلال 3 أسابيع، وبحلول الشهر زاد قطر الشعرة من 3 ميكرون إلى 13، كما أوقف تساقطه بشكل كبير، وعالج التجعد؛ إذ يعمل على تقوية فروة الشعر ويزود من البروتين في خصلته، كما نجح في علاج حالات الثعلبة والتصحر؛ إذ عانى أفراد العينة من مشكلات الصلع غير الوراثي الذي يحتفظ أصحابه بجذور البصيلات وعولجت».

 

كيفية اكتشاف التركيبة

وعن كيفية اكتشاف التركيبة، قال مدير معمل المومياوات في المتحف القومي للحضارة، في تصريحات لـ«الوطن»: «أجريت تحليلا لعينات من شعر المومياوات الملكية المحتفظة بشعرها، ولم أكتف بمومياء الملكة (تي) فقط، ووجدنا آثارا لنوع أو اثنين من الزيوت في عينات شعر للملك أمنحتب، وبنسب متفاوتة في مومياوات أخرى، ويرجع ذلك لاختلاف ظروف الحفظ وتطور أساليب التحنيط من ملك لملك، وكذلك لتطاير بعض الزيوت من المومياوات خلال السنوات، وكانت مومياء الملكة تي الأكثر تركيزا ووضوحا، والأكبر في عدد الزيوت، لذا كانت عينة شعر الملكة المثالية للبحث».

 

وأضاف الدكتور مصطفى إسماعيل: «بعد الوصول للمكونات الـ13 ونسب تركيبها، استخلصت المادة الفعالة معمليا؛ إذ توصلت خلال بحثي إلى أن المصري القديم لم يكن يخلط الزيوت فحسب، لكن كان يستخلص المادة الفعالة من الزيت ويخلطها بنسب ليصل لأقصى درجات التركيز والفاعلية، وهو ما كان سببا في احتفاظ الملكة بشعرها بهذا الشكل».

 

شركات عالمية تسعى للحصول على الحقوق الملكية للتركيبة

وعن خطة إنتاج الزيت، أكد «إسماعيل»: «بالفعل بدأت بعض الشركات العالمية تقديم عروض للحصول على حقوق الملكية للتركيبة، وأملنا أن تنتج تركيبة زيوت الملكة (تي) بشركة وطنية، بالتعاون بين وزارة الآثار والمتحف القومي للحضارة، والخبر السعيد أن التفاوض يجرى حاليا تمهيدا لطرحه قريبا في الأسواق».

 

 

وأشار مدير معمل المومياوات في المتحف القومي للحضارة، إلى أن إنتاج التركيبة معمليا مرتفع؛ إذ وصلت تكلفة الـ100 مللي إلى 1500 جنيه، فيما سيصل السعر عند تصنيع الزيت تجاريا إلى 300 جنيه للكمية ذاتها التي تكفي لعدة أشهر.

 

ونوه بأنه من أجل الحصول على أفضل النتائج، يستخدم الزيت على فروة الرأس 3 مرات أسبوعيا، بعد غسيله بمواد خالية من الكبريت

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى