الخياطة حمدة لم تمت قهرا بل ماتت قتلا

قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”، إن حمدة الخياطة التي توفيت في إحدى مشاغل الخياطة في منطقة الأزرق، تعرضت الى إهانة وإساءة وصراخ من قبل رئيسها في العمل، لم يرفع يده عليها، ولم يستخدم آداة حادة أو مسدس، ولم يقترب منها حتى، إلا أنها ورغم ذلك توفيت برصاصات خرجت من فمه، رصاصات أصابت دماغها بشكل مباشر، لم بستطع أحداً إنقاذ حياتها، لقد فات الآوان بعد أن استقرت رصاصاته في جسدها المنهك بالعنف النفسي. “حمدة” لم تمت قهراً بل ماتت قتلاً.

وقالت تضامن إن وفاة حمدة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فآلاف النساء والفتيات يعانين من عنف نفسي في منازلهن أو في أماكن العمل، وتصاب معظمهم بأمراض جسدية مزمنة، وبعضهن الآخر يصبن بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب وقد يقدمن على الانتحار أو محاولة الانتحار، ومنهن من يفقدن حياتهن وإن كان سبب ذلك المباشر حالتهن النفسية المتردية، إلا أنه في الواقع بسبب العنف بأشكاله المتنوعة الممارس عليهن مهما طالت مدته أو قصرت.

فالعنف النفسي لا يقل قساوة عن العنف الجسدي أو الجنسي، إلا أنه غير ظاهر للعيان كأنواع العنف الأخرى، ولا يحظ بالاهتمام المطلوب من كافة الجهات ذات العلاقة، أو من مقدمي الخدمات.

وتضيف “تضامن” بأنه وعلى الرغم من وجود وسائل فعالة لعلاج مرض الإكتئاب، إلا أن عوامل عديدة تساهم في عدم حصول أكثر من نصف المرضى على العلاج المناسب، ومنها نقص الموارد الذي يؤدي الى عدم الحصول على الرعاية الفعالة، وقلة أعداد الأشخاص المؤهلين والمدربين لتقديم هذه الخدمات، والوصمة الاجتماعية المرتبطة بالإضطرابات النفسية التي تطال كل من الذكور والإناث. فيما يحول التشخيص غير الصحيح لمن يعانون من الإكتئاب الى عدم تلقيهم العلاج المناسب وفي الوقت المناسب.

وبينت منظمة الصحة العالمية أن :”هناك حالياً أكثر من 300 مليون شخص حول العالم يتعايشون مع الإكتئاب، بزيادة نسبتها 18% وقعَت بين عامَى 2005 و2015، والإكتئاب هو حالة مرضية يشعر المصابون بها بالحزن الشديد ولا يجدون متعة فى ممارسة الأنشطة، التى تُدخِل عليهم عادةً الفرح والسرور، بل ويستصعبون أداء مهام حياتهم اليومية، ومن الممكن أن يصيب الاكتئاب أى شخص أينما كان، وخصوصاً الفئات السكانية التى تمر بأزمات إنسانية، وفى إقليم شرق المتوسط، يتأثر شخص من بين كل 5 أشخاص بالاكتئاب والقلق جراء وقوعه فى براثن الصراعات المسلحة وانعدام الأمن والتشرد”.

الإسعافات الأولية النفسية ضرورية للوقاية من الإكتئاب
وتشير “تضامن” الى أن الإسعافات الأولية النفسية تشمل كل من الدعم النفسي والإجتماعي، تماماً كالخدمات الصحية العامة التي لا تشمل فقط الإسعافات الجسدية الأولية، كذلك الخدمات الصحية النفسية التي لا تشمل فقط الإسعافات الأولية النفسية لوحدها.

إن الإستثمار في مجال الإسعافات الأولية النفسية يعتبر جزءاً هاماً من الجهود طويلة الأمد لضمان حصول أي فرد ذكراً أم أنثى على الإسعافات الأولية النفسية، ومن يحتاج منهم الى خدمات أكثر أن تتوفر لهم الخدمات الأخرى كخدمات الصحة والصحة النفسية والخدمات الإجتماعية.

وأكدت منظمة الصحة العالمية على أن حالات الطوارئ تشمل التعامل مع التعرض للصدمات والخسائر المفاجئة البشرية منها والمادية، ومن الأخطاء الشائعة في الإستجابات الإنسانية الحالية لحالات الطوارئ في العديد من الدول تكمن في توفير الإسعافات الأولية النفسية فقط في حال إنعدام الخدمات الأخرى، بينما الواقع هو أن هذه الخدمات أساسية وضرورية لتكون جنباً الى جنب مع الخدمات الصحية والإجتماعية الأخرى.

وتعاني النساء والأطفال بشكل خاص من الصراعات والنزاعات المسلحة والحروب التي رافداً أساسياً لكي تصبح النساء أرامل والأطفال بلا والدين أو إحداهما أو بلا أهل أو أقارب ، وفي أغلب الأحيان يترافق مع فقدان النساء لآزواجهن إنتهاكات صارخة لحقوقهن الإنسانية كمشاهدتهن لعمليات تعذيب وقتل أزواجهن ، وقد يتعرضن لمختلف أنواع التشويه والتعذيب والإعتداءات الجنسية ، ويعشن بسبب النزوح أو اللجوء بظروف قاسية أو مهينة أو غير إنسانية ، وقد يستخدمن كأدوات حرب ، وقد يتعرضن لضغوطات إستغلالية هن وأطفالهن.

وتضيف “تضامن” بأن من أبرز النتائج النفسية وأهمها هو شعور النساء والأطفال بالعزلة والوحدة، وتدهور و/أو إنعدام الخدمات الصحية والتعليمية، والبطالة، وخسارة الممتلكات ومصادر الدخل، والعيش في ظروف معيشية صعبة وغير مناسبة في أغلب الأحيان.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى