اخضاع النواب الجدد لدورات تدريبية

بدأ مجلس النواب التاسع عشر مباشرة مهامه الدستورية بعقد دورة برلمانية غير عادية، حيث أكمل ترتيب بيته الداخلي بانتخاب مكتبه الدائم وأعضاء لجانه النيابية. فما يميز مجلس النواب الجديد العدد الكبير من الأعضاء الجدد الذين وصلوا إلى السلطة التشريعية لأول مرة، وأولئك الذين عادوا إلى المجلس بعد غياب سنوات عن العمل البرلماني. واللافت للنظر أن هذا “السيناريو” هو تكرار لما جرى في عام 2016، حيث ضم مجلس النواب الثامن عشر عددا كبيرا من النواب الجدد الذين التحقوا بالعمل النيابي دون تجارب مسبقة. وبهذا تكون ميزة قانون الانتخاب الحالي أنه قادر على إحداث تغيير في تركيبة المجالس النيابية، على الرغم من ثبات قواعده القانونية واستقرارها خلال الانتخابات النيابية السابقة التي جرت في عامي 2016 و2020.

إن تجديد الدماء في مجلس النواب المنتخب له ايجابياته التي تتمثل باعتبار أن الديمقراطية التمثيلية في الأردن ما تزال حية، وبأن الناخب الأردني قادر على محاسبة نوابه الذين يقصرون في متابعة مهام عملهم في البرلمان، وذلك من خلال اقصائهم عن طريق صناديق الاقتراع والاستبدال بهم ممثلين جدد.

في المقابل، فإن زيادة عدد النواب المستجدين في المجلس النيابي يثير تساؤلات مشروعة حول قدرة النواب الجدد على القيام بمهام التشريع والرقابة وفق أحكام الدستور، خاصة وأن الممثلين الحزبيين في المجلس الجديد هم قلة، وأن معظم النواب الجدد ليسوا من الشخصيات العامة التي سبق وأن اختبرت العمل العام، الذي يحتاج إلى خبرة ودراية في التعاطي مع دوائر الدولة ومؤسساتها المختلفة.

من هنا، تكمن الحاجة إلى اخضاع النواب الجدد لدورات تدريبية حول العمل البرلماني، وذلك ابتداء من مفهوم التمثيل النيابي ونطاقه، وطبيعة الأعمال المتوقعة من النائب، والمتمثلة في التشريع والرقابة على الحكومة بأشكالها المختلفة من سؤال واستجواب وطرح ثقة. كما تنبع الحاجة إلى تثقيف السادة النواب بأبرز القواعد الدستورية الناظمة لتركيبة المجلس النيابي، وتلك الأحكام الإجرائية التي تتعلق بسير العمل أثناء جلسات المجلس كما وردت في النظام الداخلي لمجلس النواب.

ومن الموضوعات الجوهرية التي يجب توضيحها لعضو مجلس النواب المستجد الحصانة النيابية بصورتيها الاثنتين، حرية الكلام والنقاش أثناء جلسات المجلس، وعدم جواز توقيف النائب أو ملاحقته أثناء اجتماعات المجلس ما لم يصدر القرار بالإذن بملاحقة العضو جنائيا. كما يجب التأكيد على ضرورة التزام النواب الجدد بنصوص قانون الكسب غير المشروع، وضرورة تقديم نماذج إشهار الذمة ضمن المدد المحددة قانونيا.

 

إن نطاق هذه الدورات التدريبية يجب أن يمتد ليشمل النواب القدامى الذين عادوا إلى العمل البرلماني بعد انقطاع. فالدستور الأردني قد خضع لسلسلة من التعديلات الجوهرية على نصوصه وأحكامه منذ عام 2011 والتي كان آخرها عام 2016. كما أنه قد صدر نظام داخلي جديد لمجلس النواب لعام 2013، والذي بدوره خضع لتعديلات أساسية تتعلق بتشكيل الكتل والائتلافات النيابية، ودورها في تعزيز العمل المؤسسي في المجلس المنتخب.

إن الأمانة العامة للمجلس الجديد مدعوة إلى الاهتمام بتدريب النواب، وذلك بالتعاون مع الشركاء والداعمين المحليين بما سينعكس ايجابا على تأدية المجلس لمهام عمله وفق أحكام الدستور.

 

 

               أ. د. ليث كمال نصراوين :  أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى