الدكتور أنور الشعر يشهر روايته تقاسيم على جدار الوهم في المكتبة الوطنية

تحت رعاية مدير عام المكتبة الوطنية الأستاذ الدكتور نضال الأحمد العياصرة استضافت المكتبة مساء يوم الاثنين الماضي وبالتعاون مع منتدى البيت العربي الدكتور أنور الشعر للحديث عن روايته «تقاسيم على جدار الوهم» وقدم قراءة نقدية للرواية: الدكتورة أماني أسعد والدكتور عبدالله الخطيب وشهادة إبداعية للشاعر علي الفاعوري وأدار الحفل الشاعرة ردينة آسيه.

قالت أسعد إن رواية «تقاسيم على جدار الوهم» تصف مجموعة من المشكلات الاجتماعيّة والتحوّلات التي يواجهها الإنسان ويسعى من خلالها للوصول إلى قمّة الهرم الاجتماعيّ، فتُسلّط الضوء على قضايا الصراع الطبقيّ والعنف المعرفيّ القائم على فكرتيّ الإقصاء والتهميش، مع ما ترتبط به من أساليب مخاتِلة مثل: المحسوبيّة والفساد والانتهازيّة والوصوليّة والنفاق والتسلّق بغير وجه حقّ، وتغليب المصلحة الخاصّة على مصلحة الجماعة.

وبينت أن الرواية سعت في تفاصيلها الكثيرة إلى التفريق بين ثقافتين ضديتين: ثقافة الذات وثقافة الآخر، وهذه العلاقة الضديَّة قد أدّت إلى نشوء صراع تمثيليّ فكريّ وحضاريّ بين ثقافة ونقيضتها في محاولة لغزو أيديولوجيّات الآخر عن طريق زعزعة الانتماء المعرفيّ والوطنيّ، وهذا يتطلّب أساسات من الوعي والمعرفة الشاملة مثلما حدث بين «صادق» والتيّارات الثقافيّة الأخرى، إذ تتجلّى مظاهر الأيديولوجا وتتّضح بصورة أكبر حيثما وُجد الاختلاف.

قال الخطيب إن من يقرأ الرواية يكتشف واقعيتها رغم إشارة الكاتب إلى أن شخصياتها وهمية من خلال الفساد المستشري المالي والإداري والأخلاقي في عدد من القطاعات الحيوية وحتى على المستوى الفردي حين تنساق بعض الشخصيات وراء مصالحها ونزواتها

وقال الفاعوري في شهادته الإبداعية متغنياً بالكاتب بقوله:

«ها شجرةُ الحياةِ أمامكَ.. فاصعَد بكلّ ما أوتيتَ من شَهوةِ السّمو.. لتقطفَ ثمَرةَ الخلود.. ولكي لا تنسَ نصيبكَ الدنيا..

ها وجهُكَ يكسِرُ كلَّ مرايا الصّعب.. فلم تنتظر بائع الحظّ.. ولا لاعب النّرد..

وقمتَ إلى صلاةِ المجد في وقتها.. حين أذّنَ الصّوتُ.. حيَّ على الوصول..

منذ ذلك الصوتِ القادمِ من بين شقوق الوجع.. الطالع من طقطقات «الزينكو».

في حارةٍ منسيةِ الطرقاتِ.. يئن فيها الفقرُ والقهرُ والانتظار.. من هناك.. وبعد دمعتين من بداية الخمسينية الثانية من القرن التعيس الفائت.. وفي أرضٍ سرقها الاحتلال النجس من تحت أحلامنا.. كانت تسمى عقبة جبر.. وظلّت تسمى عقبة جبر.. وسوف تبقى رغم أنوفهم تسمى عقبة جبر..

هناك.. أفاق فتىً أنورُ الطّلةِ.. بهيُّ الإشراق.. أفاقَ على معنى أن تقاتل دون بندقية.. وأن تُحاربَ بالقلم.. وأن تقهر عدوّكَ باللغاتِ التي تسيلُ على لسانهِ كلعابٍ مقيت..

أفاقَ على معنى أن توثّقَ في هذه الحياة بشهادةِ ميلادٍ مكتوبةٍ بخط يدٍ مرتجفة.. وخاتَمٍ مُحَبّرٍ بدمعِ الحزنِ على بلادٍ لن تضيع.. ولكنها تنتظر

مع تلك الأصوات الآتية من هفهفات زيتونةٍ عجوز.. الممزوجةِ برائحةِ الخبز الذي تربّى على أصابع أمّهاتِ الفجر.. المعجونةِ بزيتِ الشموخِ والعنفوان..

أقولُ: مع تلك الأصواتِ.. قرّرَ أنور.. الفتى الفتيّ العتيّ.. أن لا يكون لاعب نردٍ وأن يُمسكَ بمقودِ حياتهِ بنفسِهِ.. وبكلِّ قوّةٍ.. كما قالَ ذات اعتراف..

حملَ أحلامَهُ على كتفيهِ.. وآمالَ أمٍّ موغلةٍ في المحبّة.. زادُهُ دفاترٌ بها من الأوراق ما يكفي ليُفرغَ على جدرانها ما تحملُ نفسُهُ من طموحٍ وجموح.. وما يجولُ في روحِهِ من دهشة!

أيّها المُعلّمُ المُعلّم:

لأنَّ الشّعر هو الأقربُ إلى نفسي.. وأظنُّهُ كذلك إليك.. سأستعينُ بهِ.. عساهُ يقولُ ما قد تبقّى من حكايةٍ في خاطري هذا المساء..

على أيِّ بَحْرٍ أُغنياتُكَ تُغْزَلُ/ ومِن أيِّ غيْماتِ القصائدِ تهْطِلُأنَخْتَ رِكابَ العِلمِ حتى تَيَقَّنتْ/ بِلادٌ مِنَ الدَّيجورِ أنّكَ مِشعَلُ/ وأنّكَ والأيّامُ تُحصي خُيولَها/ وتَنْظُرُ أيُّ الواثقينَ سَتُرسِلُ/ تصَدَّرتَ قومًا لا صَدارةَ بَينَهم/ وصَوتُكَ مِن أقْصى السَّماءِ يُجَلجِلُ/ لمِثلِكَ يا راوي الحكاياتِ نلتجي/ وتحتَ قريضٍ صِغْتَهُ نَتَظَلّلُ/ لأنَّ زمانَ القائِلينَ قد انْقَضى/ وَوحْدَكَ بينَ الحاضِرينَ تُؤوِّلُ/ ستُخبِرُ عنكَ العادِياتُ صِغارَها/ وتقرأُ عنكَ الصّافِناتُ وتَجْفُلُ/ وسوفَ على ما قُلتَ تَربطُ جأشَها/ ومِن حِبرِ ما غَنّيتَها تَتَكَحَّلُ/ وحَسْبُكَ أن السّائلينَ تَحيَّروا/ بِما قد يُعيبُ النّاقِصينَ وتَكْمُلُ».

وفي نهاية الحفل قرأ الكاتب الشعر عدداً من نصوص روايته.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى