يسرى أبوعنيز تكتب:  ماذا لو استمرينا في التعليم عن بعد ؟

يسرى أبوعنيز
قد يكون السؤال الذي يُطرح حالياً ،كما أنه يطرح نفسه وبقوه،وذلك بعد مرور أكثر من ثلاثة فصول على تعليق التعليم الوجاهي في المدارس في المملكة ،واللجوء الى التعليم الالكتروني ،أو ما يسمى بالتعليم عن بُعد،ألا وهو ماذا لو استمرينا في التعليم عن بُعد؟.

ومثل هذا السؤال لم يأتِ من عبث،ولا حتى من فراغ ،وذلك لأن النتائج التي لمسناها لهذا التعليم لم تكن مرضية،وغير مجدية،حتى ولو قيل عكس ذلك،لأنه وكما يقول المثل الشعبي”الميت بتكذب الغطاس” فلا النتائج مُبشره،ولا العملية التعليمية بخير ،وأطفالنا هم الخاسر الأكبر في هذه الحالة.

فالعملية التعليمية، وكما هو معروف لنا تحتاج لمرسل ومستقبل، على ان يكون هذا الأمر وجاهياً بين الطالب والمعلم ،مع وجود الكتاب،والسبورة،وحتى كل هذه الأمور لا تكفي إن لم يكن هناك تشاركية بين الطرفين ،وكذلك التفاعل،وكذلك عقد الإمتحانات بحضور المعلم،وغير ذلك فإن النتائج غير مضمونة،والطالب ،والعملية التعليمية في خطر،لكوننا لا نعلم من الشخص الذي سيُقدم الامتحانات عن الطالب في ظل استمرار التعليم عن بُعد،وبالتالي ستتضاعف خسارة الطالب.

كما أن بعض المناهج في ظل التعليم عن بُعد،وفي كثير من المدارس تم تجاهلها مثل العلوم ،والتربية الوطنية ،والإجتماعية،والتربية الإسلامية ،مما يُضاعف من صعوبة الأمر لدى الطلبة وللسنة الثانية على التوالي،بل وزادت المشكلة أكثر من خلال لجوء معظم الطلبة الدروس الخصوصي،لعدم تمكنهم من فهم المناهج التي يطرأ عليها تغييرات في كل عام،مما زاد من المصاريف على الأهالي ،رغم صعوبة الأوضاع الأقتصادية بسبب جائحة الكورونا.

وفي حال استمرينا في عملية التعليم عن بُعد ،فإننا بهذه الحالة حتماً سنعطي الفرصة للطلبة عند عودتهم للمدارس، وللتعليم الوجاهي،فرصة كبيرة للتسرب من المدارس،وذلك لكونهم إعتادوا على التواجد خارجها،ولفترة إستمرت ما يقارب سنة ونصف،أي ما يقارب ثلاثة فصول دراسية.

عمالة الأطفال في الأردن،وإرتفاع عدد الأطفال ممن انخرطوا في سوق العمل ،لم تكن هي الأخرى بمنأى عن هذا التعليم،حيث أنها أدت لإرتفاع نسبة عمالة الأطفال ،وذلك بسبب تعليق الدوام في المدارس،وعدم الإنتظام في الدوام ،وإرتفاع نسب الفقر بسبب جائحة الكورونا ،والتي تسببت بفقدان العمل لدى بعض أرباب الأسر،أو انخفاض الأجور،أو إغلاق بعض المنشآت الصغيرة ،وبالتالي إرتفاع نسب البطالة بين الشباب ،ولجوء الأطفال للعمل حتى لو كانت الأجور متدنية ،بهدف كسب المال ،والمساهمة في نفقات عائلاتهم.

واذا ما استمرينا في التعليم عن بُعد،فإننا سنساهم في تجهيل جيل كامل دون قصد،لأن من خسر عامين من التعليم الوجاهي ،وخاصة ممن هم في مرحلة رياض الأطفال ،وفي الصفوف الأساسية الأولى،أو من سيتقدمون لإمتحان الثانوية العامة في العام المقبل،فإن معضلة كُبرى بإنتظارهم،حتى ولو تابعوا عملية التعليم عن بعد.

كما أن مشاكل إجتماعية كثيرة،وكبيرة نحن بغنى عنها إجتماعية ستنجم عن الفراغ الذي يعاني منه طلبتنا،وذلك بعد قضاء كل هذا الوقت دون الانتظام في مدارسهم،إضافة لمشاكل إقتصادية،اقلها المصاريف التي ستترتب على أصحاب المدارس الخاصة ،من أجور للمباني،وحرمان عشرات الألاف من المعلمين والمعلمات من عملهم،في حال لم يستمروا بالتعليم.

وعند الحديث في التعليم عن بعد ،وإستمراره،فإن النتائج السلبية كثيره،ومن هنا فإننا نتمنى أن نعود للتعليم الوجاهي ،وذلك لإنقاذ طلابنا،والتعليم،ونعود إلى مدارسنا كما كنا من قبل،ولنستمتع بأجواء،وطقوس الدوام المدرسي ،والذي يعلمنا على الأقل على الإنضباط ،والتقيد بالدوام،والنشاط،بدلاً من الخمول،والفوضى.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى