قصة «شعيشع» طبيب الإجهاض الذي تحول لنبي على يد دجال

تمر السنوات، وتتوالى الحكايات، في فوضى الزحام، تغيب التفاصيل، وتتوه المعالم، تختفي وجوه عديدة من تلك الحكايات، وفي سلسلة من الحلقات، تعيد «الوطن»، من واقع التحقيقات، نبش ركام قضايا قديمة، تكشف عن تفاصيلها الخفية، ووجوهها الغامضة، فى خطوة أعمق نحو سبر أعماق جرائم وقضايا، بعضها سمعنا عنها، والبعض الآخر، سقط سهوا من الذاكرة، لتعود لتلك الحكايات ألقها الغابر، عبر زاوية منسية، أو لمحة ضائعة، أو فعل مسكوت عنه، تتحسس خطى أبطالها، وتقتفي أثرهم، مثل صلاح بريقع المعروف إعلاميًا باسم «الشيخ شعيشع»، الطبيب الإسكندراني الذي اشتهر بـ«ملك الإجهاض»، وادعى النبوة وصار له أتباع من أساتذة الجامعة والأطباء، وصك له طقوسا روحية غريبة.

 

النشأة.. من اليتم حتى كلية الطب

في حى محرم بك بمحافظة الإسكندرية، عام 1922 ولد صلاح بريقع، لم تمر سوى أيام قليلة على مولده حتى توفى والده، لتربي الأم الفقيرة، ابنها وسط معاناة لا تنتهى من الفقر، والعوز، لكن الطفل شب نابها وذكيا ومتفوقا في دراسته، كان يعمل حتى ينفق على نفسه ويساعد والدته، حتى تمكن من دخول كلية الطب بجامعة الإسكندرية، عداوات لا تنتهى بسبب معاناته، وذكائه، كان صلاح بين أصدقائه في الجامعة شابا ساخرا، سليط اللسان، لا يقيم وزنا لأحد، كان فارع القامة، ذا بنية جسدية قوية، وعينين تشعان ذكاء وطموحا، كان يشعر بأفضليته على الجميع، لذلك لم ينجو من سخريته ولا لسانه السليط، أحد، لا من زملائه ، ولا من أساتذته، بمرور الوقت اكتسب عداوات لا حصر لها، بسبب طباعه وخصاله، وغروره وشعوره بالأفضلية.

 

تفوق وإحباط

تفوق صلاح في دراسته بكلية الطب، وفي السنة النهائية، كان من ضمن قائمة الأوائل، هيأ نفسه كي يتم تعيينه معيدا، لكن سجله العدائي مع الجميع، حرمه من التعيين كمعيد فى الجامعة، ليتخرج فيها محبطا، مهزوما، قلبه محتقن بالحقد والغل، وتم تعيينه طبيبا في الصحة المدرسية، لكنها وظيفة لم يستمر فيها، لحدة طباعه، واعتباره أنها وظيفة لا تتناسب مع قدراته وإمكانياته .

 

أول عيادة

كان الفقر لا يزال عائقا بين صلاح وبين طموحه، ظل يبحث عن شقة ليفتتح عيادة، وبالكاد عثر على شقة في حي محرم بك، وترك عمله في الصحة المدرسية، وتخصص في الأمراض الباطنية، لكن العائد من تخصصه قليل، ولا يكفى للوفاء برغبته في الزواج، لذلك غير تخصصه من الأمراض الباطنية إلى النساء والتوليد، لكن العائد لم يعجبه، فقرر احتراف عمليات الإجهاض التي أنعشت حالته المادية، ولأول مرة يجد في نفسه القدرة المادية والشجاعة كي يتقدم للزواج من جارته الثرية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى