دراسات توضح أن ٪53 من مصابين كورونا يعانون من اضطرابات و مشاكل نفسية

أظهرت دراسة علمية رسمية، ان 53 بالمئة ممن أصيبوا بفيروس كورونا، تولّدت لديهم ولدى المقربين منهم اضطرابات نفسية، الأمر الذي ينسحب على الأطفال وكبار السن على حد سواء.

 

هذه الآثار القاتمة وسواها، تظهرها إحصائيات أفصح عنها المركز الوطني للصحة النفسية، تفيد بأن عدد مراجعي 156 عيادة نفسية منتشرة في المملكة نحو 20 ألف مراجع، فيما سُجّلت 2353 حالة إدخال بنسبة إشغال وصلت إلى 87 بالمئة، بحسب رئيس قسم الأمراض النفسية في المركز واختصاصي الطب النفسي الدكتور منتصر الحياري.

 

ويقول الحياري ان الجائحة ضاعفت أعداد الحالات النفسية، فضلا عن الزيادة في أعداد مراجعي المركز والعيادات التابعة له خلال الجائحة، بزيادة مقدارها نحو 50 بالمئة عن السنوات السابقة.

 

ويشير إلى أن هذا المستجد دفع المركز إلى رفد المستشفيات الميدانية بالأطباء والمتخصصين بعلم النفس، لتقديم الدعم النفسي اللازم للأطباء لغايات الوقاية من الأعراض والأمراض النفسية والتعامل معها إن وجدت، إضافة إلى تزويدهم بطرق وأساليب تقديم الدعم النفسي للمرضى.

 

ومن أبرز اعراض الانعكاسات النفسية، حسبما يوضح الحياري؛ زيادة القلق والضغط النفسي والرهاب والوسواس القهري والاكتئاب والشعور بالوحدة والذهان والهذيان والإدمان واستخدام المؤثرات العقلية.

 

ويدعو الحياري إلى المرونة النفسية في التكيف مع الضغوطات المختلفة وممارسة الرياضة وكسر الروتين والبعد عن الوحدة ولو كان ذلك بالتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، بما يسهم بتعزيز الصلابة النفسية، لافتا إلى أن خدمات العلاج النفسي تقدّم مجّانا للمواطنين، بما في ذلك الأدوية مرتفعة الثمن.

 

وعلى ذات الصعيد، اجرى مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في جامعة اليرموك، في شباط الماضي، دراسة استقصائية حول الأثر النفسي للإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة للحد من استمرارية انتشار فيروس كورونا، وذلك على عينة مكونة من 376 شخصا شملت معظم محافظات المملكة.

 

وأظهرت نتائج الدراسة أنَّ نحو 2ر71 بالمئة من أفراد العينة عانوا من اضطرابات في النوم خلال الفترة السابقة، ونحو 50 بالمئة من المستجيبين سيطر عليهم الخمول والكسل نتيجة انتشار المرض وتغير نمط حياتهم اليومي.

 

فيما أثَّرت جائحة كورونا على الصحة النفسية لـ53 بالمئة منهم خلال مساهمتها باسترجاعهم للذكريات السيئة، في حين أكد 75 بالمئة من الأشخاص المشاركين في العينة شعورهم بالخوف من إصابتهم بالعدوى نتيجة الاختلاط، أو المشاركة بالمناسبات الاجتماعية أو السفر.

 

بدوره، يقول استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتور عبدالله أبو عدس، إنّ الأردن أسهم بالحفاظ على الصحة النفسية للمجتمع وزيادة الوعي بالإسعافات الصحيّة الأولية النفسية، والتي تقدّم من قبل الطاقم الطبي والتمريضي في أقسام طوارئ المستشفيات الأردنية، ولاسيما الذين تعرضوا لإصابات مزمنة من فيروس كورونا.

 

ويرى في الوقت ذاته أن الجائحة كشفت بعض العيوب في نظام خدمات الصحة النفسية في العالم بأكمله، واصفا إياها بالأزمة السيكولوجية البيولوجية والاجتماعية الاقتصادية، فتعاطي المجتمع مع هذا المرض غير المألوف أدى إلى وجود صدمة حادّة لدى البعض، رافقها الهلع الذي يعتبر عاطفة معدية.

 

ويدعو أبو عدس إلى تخفيف مشاعر القلق من فيروس كورونا وضبط الحالة النفسية، ذلك أن الهلع يعتبر من ألد أعداء المناعة، ويقلل من الاستجابة للعلاجات ويزيد من فرصة الإصابة بالفيروس، فالجهاز النفسي يتقاطع في عمله مع الأجهزة الأخرى في الجسم، وقد يصيبه بالاعتلال والاضطراب في حال الخوف والقلق، منوّها إلى أن تأثيرات الجائحة على الصحة النفسية قد تمتد إلى ما بعد زوالها.

 

ويشير إلى أن فيروس كورونا زاد من أعباء مقدمي خدمات الرعاية الصحية النفسية، كما اسهم بحدوث انتكاسات مرضية لدى بعض المرضى.

 

ويوضح أبو عدس أن العزلة منذ الجائحة سبّبت (الحمى المقصورة) وهي تعني وجود الإنسان في مكان مغلق لفترة طويلة، بما يؤدي إلى زيادة الحالة التوتريّة التململيّة والقلقيّة لديه، نتيجة تقييد حريّته في التواصل مع من حوله في البيئة الخارجية، داعيا إلى تركيز الدعم النفسي على الفئات الهشة من النساء والحوامل وكبار السن والأطفال ولمن عانوا من الاساءة أو العنف.

 

من جانبه، يوضح استشاري الطب النفسي الدكتور زهير الدباغ، أن فيروس كورونا أدّى إلى تفشي الحالة الانطوائية، وما يصاحبها في ذلك شعور بالألم والوحدة.

 

ويؤكد بهذا الصدد أن الاكتئاب يؤثر سلبا على الصحة النفسية والجسدية للفرد ووظائفه الإدراكية، داعيا إلى اتباع الأنشطة الصحيّة والرياضية، وزيارة الطبيب أو المعالج النفسي في حال عجزه عن أداء أعماله بالشكل الطبيعي نتيجة للضغوطات والتأثيرات النفسية لديه.

 

أما أستاذ علم النفس في الجامعة الأردنية الدكتور فراس حبيس فذهب الى إن أزمة كورونا أدّت إلى ما يعرف بـ (فقدان الشعور بالأمان)، ولاسيما للذين فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، أو أحد الأقارب.

 

مديرة مركز الملكة رانيا العبد الله للدراسات التربوية والنفسية في جامعة مؤتة الدكتورة وجدان الكركي، توقفت ازاء ما تصفه بـ” مرحلة حرجة من التهويل المفرط بشأن فيروس كورونا، بما يؤثر على مناعة الإنسان، والسماح للفيروس بالتمكن من جسد المصاب”.

 

وتشير إلى أن المناعة النفسية هي التي تغذي جهاز المناعة الحقيقية للجسم، حيث أن مناعة الانسان تحت الضغط النفسي تنخفض، وهو ما ورد في نظرية (سيلي للضغوط)، اذ ان الانسان عند تعرضه للضغط النفسي يكون حينها أشبه بالمقاتل ثم ينتقل إلى مرحلة المقاومة ثم الضعف ليصاب بالمرض.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى