ماريا كورينا ماتشادو تحصد جائزة نوبل للسلام 2025 — “المرأة الحديدية” التي تحدّت النظام الفنزويلي

في حدث تاريخي عالمي، حصلت المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو على جائزة نوبل للسلام لعام 2025، لتصبح بذلك أول شخصية من فنزويلا تنال هذا التكريم الدولي المرموق منذ أكثر من نصف قرن.

وجاء هذا التتويج تقديراً لدورها المستمر في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، رغم سنوات من التضييق والتهديد والملاحقة السياسية.

كورينا ماتشادو
كورينا ماتشادو

المرأة الحديدية في مواجهة النظام

عُرفت ماريا كورينا ماتشادو، المولودة في 7 أكتوبر 1967، بلقب المرأة الحديدية في فنزويلا بفضل مواقفها الثابتة وشجاعتها السياسية في مواجهة حكم الرئيس نيكولاس مادورو.
فبعد الانتخابات التي أعلن مادورو فوزه فيها، رفضت الانسحاب وبقيت مختبئة لأكثر من 14 شهراً متحدّية السلطات، لتصبح رمزاً للمقاومة السلمية في بلادها.

إقرأ أيضا  : تحذير خطير من تطبيق مزيف يسرق الحسابات المصرفية ويتحكم بالأجهزة

عُرفت ماتشادو بخطابها القوي ودعواتها الدائمة إلى التغيير السلمي، مؤكدة أن الطريق نحو الديمقراطية يبدأ من الوعي الشعبي، لا من الصدامات المسلحة.
وخلال السنوات الماضية، حظيت بدعم واسع من الجاليات الفنزويلية في الخارج، خاصة بعد منع ترشحها للرئاسة بقرار من المحكمة العليا.

كورينا ماتشادو
كورينا ماتشادو

المسار السياسي والنضالي

بدأت مسيرتها السياسية داخل حزب العمل الديمقراطي قبل أن تؤسس حزباً جديداً حمل اسم العمل الوطني، وهو تيار ليبرالي يدعو إلى حرية السوق وتقليص تدخل الدولة في الاقتصاد.
وفي عام 2011، فازت بمقعد في الجمعية الوطنية الفنزويلية، حيث ركزت جهودها على مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في المؤسسات الحكومية.

إقرأ أيضا: حماس وإسرائيل تتوصلان لاتفاق لإنهاء حرب غزة.. وهذه التفاصيل

وفي عام 2014، أسست تحالفاً سياسياً جديداً أطلقت عليه اسم “التحالف من أجل الحرية”، هدفه توحيد صفوف المعارضة في وجه نظام مادورو.
أما في عام 2024، فكانت محط الأنظار حين فازت بالانتخابات التمهيدية للمعارضة، قبل أن تُمنع من الترشح رسمياً بسبب اتهامات تتعلق بعدم الإفصاح المالي الكامل، وهي اتهامات وصفتها بأنها “ملفقة لتقييد المنافسة السياسية”.

أنشطة ومواقف جريئة

في يناير 2025، شاركت ماتشادو في مظاهرات ضخمة بالعاصمة كراكاس ضد النظام القائم، حيث تم اعتقالها لعدة أيام قبل أن يُطلق سراحها لاحقاً.
ووصف فريقها الحادثة بأنها “اختطاف سياسي” استهدف إسكات صوت المعارضة، وهو ما أثار موجة تضامن دولي واسع من مؤسسات حقوقية وسياسيين من أوروبا وأمريكا اللاتينية.

تؤمن ماتشادو بأن الحل في فنزويلا يكمن في العودة إلى اقتصاد السوق الحر وتحرير الشركات الوطنية من القيود الحكومية.
كما دعت مراراً إلى إعادة بناء الثقة بين الشعب والمؤسسات من خلال إصلاحات دستورية جذرية تُعيد توزيع السلطات وتضمن استقلال القضاء.

جائزة نوبل للسلام — تكريم لنضال طويل

فوز ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام لعام 2025 اعتُبر تتويجاً لمسيرة كفاح طويلة امتدت على مدار عقدين.
إذ كرمتها لجنة نوبل تقديراً “لجهودها الاستثنائية في تعزيز الديمقراطية في فنزويلا والدفاع عن حقوق الإنسان رغم المخاطر الجسيمة”.

وكانت ماتشادو قد نالت سابقاً جائزة ساخاروف لحرية الفكر من البرلمان الأوروبي عام 2024، في إشارة واضحة إلى التقدير الدولي المتزايد لدورها وتأثيرها السياسي المتنامي.

كورينا ماتشادو
كورينا ماتشادو

ردود الفعل الدولية

لاقى فوزها ترحيباً واسعاً من عواصم العالم، حيث هنأها الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان، فيما عبّر البيت الأبيض عن دعمه “لكل الأصوات الحرة التي تناضل من أجل مستقبل ديمقراطي لفنزويلا”.
أما في الداخل الفنزويلي، فقد اعتبر مؤيدو النظام الجائزة “تدخلاً سياسياً في الشأن الوطني”، بينما احتفل الآلاف في الشوارع معتبرين فوزها رمزاً لأمل جديد في الحرية.

ماريا كورينا… من السجن إلى المجد العالمي

قصة ماريا كورينا ماتشادو ليست مجرد رحلة سياسية، بل ملحمة إنسانية في مواجهة القمع والتحدي.
فبعد سنوات من الملاحقة والمنع، ها هي اليوم تقف على منصة نوبل كرمز للحرية والإصرار، لترسل رسالة قوية إلى العالم بأن صوت العدالة لا يمكن إسكاتُه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى