رفع العقوبات عن سوريا وعودة داعش :

 

اسعد بني عطا

-فرض قرار الرئيس الأمريكي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا لحماية المصالح الأمريكية واقعا جديدا ، بدأ بتقليص القوات الأمريكية شمال شرق سوريا مع تصاعد تهديدات تنظيم داعش ، والمطالبة بطرد الأجانب وفصائل المقاومة الفلسطينية ، وتعزيز الإجراءات الأمنية في كل من تركيا والعراق .

. أميركا :

-أعلن ( الرئيس ترامب ) خلال لقائه بالرئيس السوري في الرياض رفع العقوبات الاقتصادية ، مشترطا تحقيق عدد من المطالب الأمريكية ، أبرزها :

. الشروع بخطوات تطبيع تدريجي مع إسرائيل، وقد بدأ النظام السوري بذلك فعلا، عبر تسليم أرشيف أمني سري مرتبط بالعميل الإسرائيلي ( إيلي كوهين ) .

. القضاء على تنظيم داعش خصوصا في مناطق شمال شرق البلاد ، ومنع عودة التنظيم إلى الواجهة ، وتحمّل مسؤولية الإشراف على مراكز احتجاز عناصر التنظيم بدلا من قوات ( قسد ) .

. تطهير القوات المسلحة السورية من العناصر المتطرفة ، ومطالبة ” جميع الإرهابيين ” الأجانب والفلسطينيين بمغادرة سوريا ، ما يعني طرد الجماعات التكفيرية بشقيها تنظيمات داعش والقاعدة ، إضافة إلى طرد بعض فصائل المقاومة الفلسطينية ، وفي مقدمتها : حماس ، الجهاد والجبهة الشعبية القيادة العامة .

. اتخاذ إجراءات عملية لحماية الأقليات وضمان تمثيلها ضمن مؤسسات الدولة في كافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية .

-في ذات السياق ، نشرت صحيفة ( واشنطن بوست ) الأمريكية نقلا عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم أن واشنطن تتعامل بحذر مع سوريا ، حتى يثبت نجاح الشرع بتطهير حكومته من المتشددين الأجانب وبقايا تنظيم القاعدة ، ويثبت قدرته على توحيد الأقليات ، *مؤكدين أن واشنطن لا تهدف بالضرورة لإنقاذ الشعب السوري ، بل لضمان عدم عودة إيران وتنظيم داعش باعتبارها مصلحة أساسية للشعب الأمريكي* .

-أوضح ( وزير الخارجية الأمريكي / ماركو روبيو ) أن سرعة تحرك الولايات المتحدة خلال اجتماع الرياض برفع العقوبات عن سوريا لتجنيبها تدهور الأوضاع إلى حرب أهلية بعودة النفوذ الإيراني وتنظيمات داعش ، ولتمكين السلطات الانتقالية الجديدة التي كانت على شفير الانهيار ، وتحفيز الدول المجاورة على تقديم الدعم ، ومساعدة سوريا على التعافي ، مضيفا بأنه تقرر إصدار إعفاء مؤقت للعقوبات وصولا لرفعها بصورة دائمة من جانب الكونجرس . من جهته اشار المندوب الامريكي في مجلس الأمن أن واشنطن بدأت بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع سوريا ودعاها لتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل ، وتولي مراكز اعتقال عناصر تنظيم داعش شمال شرق سوريا .

-المفارقة كانت بحديث الصحافة الأمريكية عن تقليص قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تمركزها في قواعدها في سوريا ، والتي بدأت بالانسحاب من حقلي الغاز ( كونيكو والعمر ) شرق دير الزور وانسحاب ( ٢٠٠ ) شاحنة لقواعد أمريكية في ( قسرك والشدادي ) بريف الحسكة محملة بحاويات تحتوي على المركبات العسكرية ومنشآت مسبقة الصنع ، وخلال ( ٢٠٢٥/٤ ) ذكرت صحيفة ( نيويورك تايمز ) في تقرير استندت فيه إلى مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى أن البنتاغون يستعدّ لإغلاق ( ٣-٨ ) قواعد شمال شرق سوريا ، ولفت التقرير إلى أن الخطة ستؤدي إلى خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا من ( ٢٠٠٠-١٤٠٠ ) جندي ، وستقّيم القيادة العسكرية الأمريكية إمكانية إجراء تقليص إضافي للقوات بعد ( ٦٠ ) يوما ، حيث يتمركز الجيش الأمريكي في ( ٢١ ) قاعدة ونقطة عسكرية بمحافظات الحسكة والرقة ودير الزور الواقعة شرق الفرات ، فضلا عن عين العرب/ حلب . يُذكر أن واشنطن عززت وجودها العسكري في سوريا أواخر ( ٢٠٢٤ ) ، ورفعت عدد قواتها إلى ( ٢٠٠٠ ) جندي بسبب تنامي خطر داعش وهجمات المليشيات على القواعد الأمريكية في المنطقة ، وأفادت شبكة ” إن بي سي ” بداية ( ٢٠٢٥/٢ ) نقلا عن مسؤولين في البنتاغون ، أن الوزارة بدأت إعداد خطط للانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من سوريا خلال (٣٠-٩٠ ) يومًا، تماشيًا مع سياسات إدارة ( الرئيس ترامب ) .

. داعش :
-بالتزامن من الاتفاق الامريكي – السوري في أنقرة ، تصاعدت تهديدات تنظيم داعش الذي يتركز ( ٧٠٪ ) من نشاطه في : سوريا ، الكونغو الديمقراطية ، أفغانستان وباكستان ، وقام التنظيم بما يلي :

. هاجم في صحيفته الأسبوعية ( النبأ ) ( الرئيس الشرع ) عقب لقائه ( الرئيس ترامب ) في الرياض ، مؤكدا أن ” الصورة باتت أوضح بعد اللقاء ، وأن الخلاف مع الشرع عقائدي وليس سياسيًا أو حزبيًا ، وان تسلسل الأحداث بدأ بإخراج إيران من سوريا كجزء من رزمة على طاولة الصفقات الدولية مربطها الحرب على الإسلام وحماية المصالح الدولية ، متهمًا الشرع باستبدال ملة إبراهيم باتفاقيات إبراهام ” .

. دعا المقاتلين الأجانب بوزارة الدفاع السورية للالتحاق بخلاياه في الأرياف ، واتهم الشرع باستغلالهم لخدمة مشروعه .

. وصف التنظيم الفصائل التي شاركت في عملية ردع العدوان التي أسقطت نظام الأسد بأنها بيادق بيد تركيا ودول أخرى ، وتنفذ حربًا بالوكالة بين البيادق التركية والأذرع الإيرانية ، وفي إصدار مرئي وصف التنظيم الثورة بأنها ثورة جاهلية تسعى لترسيخ مفهوم الدولة المدنية وليست جهادًا في سبيل الله .

. توجه داعش للهجوم على سجن مخيم الهول لإطلاق سراح الآلاف من معتقلي التنظيم .

. تركيا :

-الرد التركي على تهديدات التنظيم جاءت سريعة حيث أكدت أنقرة ارتباطا بأمنها القومي على أجندة تتمحور حول : مواجهة إسرائيل ، منع ظهور كيان انفصالي ، التصدي لداعش وضمان عودة اللاجئين ، وقامت باتخاذ الاجراءات التالية :

. أكد ( الرئيس أردوغان ) أن بلاده شكلت مع : سوريا ، العراق والولايات المتحدة لجنة لمناقشة مصير مقاتلي التنظيم في معسكرات الاعتقال وتديرها قوات قسد منذ سنوات ، وبحث إعادة لاجئي مخيمي ( الروج والهول ) ومعظمهم من النساء والأطفال إلى بلادهم .

. تخطيط الحكومة التركية في إطار اتفاقها الموسّع مع سوريا نشر أنظمة دفاع جوي وطائرات مسيّرة بقاعدة ( T4 ) أكبر وأهم قاعدة جوية استراتيجية لأنها تربط حمص بدير الزور والصحراء الشرقية ، ما يجعلها نقطة ارتكاز للعمليات ضد تنظيمات داعش والانفصاليين ، وقد تحد من الضربات الإسرائيلية ، ويتم الحديث عن قاعدة ثانية قرب ( منّغ ) في ريف حلب ، ما يوسّع من رقعة النفوذ التركي ويثير قلقًا إقليميًا في إسرائيل ، ولدى إيران وحلفائها .

. بدأت السلطات التركية تنفيذ ضربات أمنية الهدف منها لجم نشاط التنظيم والحصول على معلومات حول تحركات داعش ، وأعلن ( علي يرلي كايا وزير الداخلية ) القبض على ( ٢٩٨ ) مشتبها خلال عمليات مداهمات في ( ٤٧ ) ولاية لملاحقة منتمين لتنظيم داعش ، وتم ضبط مسدسات غير مرخصة ووثائق تنظيمية ومواد رقمية .

. العراق :
-جهاز الأمن الوطني العراقي كشف عن قيام عناصر داعش بنشر شائعات حول قرب تدخل عسكري أجنبي بالعراق مستغلة التوتر الإقليمي والدولي لنشر الفوضى وإثارة الهلع ، وضرب النسيج الاجتماعي ، وتحدث عن خطة شاملة للجهاز لتوسيع نطاق العمل الأمني .

. خلاصة :
-من الواضح أن الولايات المتحدة تسعى لإدخال دمشق في مجالها الحيوي الابراهيمي دون أن تكلف نفسها عناء تقديم الدعم المباشر الا بالحد الأدنى ، مع الاكتفاء بدور المراقب والتدخل عن الضرورة بعملية تأهيل النظام الجديد ، والاستثمار بمشاريع إعادة الإعمار السوري .

-انسحاب أو تقليص تواجد القوات الأمريكية في سوريا يتطلب من دول الجوار السوري ودول مجلس التعاون الخليجي ملئ الفراغ الأمني والسياسي ، والمساهمة بدعم العملية السياسية وإعادة الإعمار في سوريا ، وضمان عودة دمشق للبيت العربي بشكل كامل .

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى