تايتنك نتنياهو ورحلة الحرب على غزة

اسعد بني عطا
-يصرّح ( نتنياهو ) خلال لقاءاته المتكررة بأن الهدف الرئيسي للمرحلة الحالية من الحرب هو ” بكل بساطة ” استعادة المحتجزين وهزيمة حماس ” بشكل كامل ” ، مؤكدا أنه يعمل بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية على نقل قادة ( حماس ) إلى دولة ثالثة بشكل يضمن إنهاء حكم الحركة في القطاع وانهاء الصراع ،وفي رحلته لتحقيق “النصر المطلق ” ، وحصد في طريقه النتائج التالية :
. تصاعد عمليات المقاومة ، وأقر الجيش بمقتل ( ٨٥٦ ) عسكريا منذ ( ٢٠٢٣/١٠/٧ ) وإصابة (٥٨٤٧) جنديا بينهم ( ٢٦٤١ ) في المعارك البرية في غزة ، وتشمل الأرقام العسكريين القتلى بغزة وجنوب لبنان والضفة ، وخلافا للأرقام المعلنة يُتّهم الجيش الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية للخسائر في الأرواح ، حيث تفرض إسرائيل رقابة عسكرية صارمة على وسائل إعلامها بخصوص الخسائر البشرية والمادية جراء ضربات الفصائل لأسباب عديدة ، بينها الحفاظ على معنويات الإسرائيليين .
. أشارت دراسة لجامعة ( تل أبيب ) إن ( ١ من ٨ ) جنود قاتلوا في غزة غير مؤهل عقليا للعودة للخدمة ، وقام الجيش بتجنيد افراد بقوات الاحتياط مصابون بأمراض واضطرابات نفسية لتعويض النقص العددي للجنود في إطار تصعيد حرب الإبادة على غزة ، وانتحر ما لا يقل عن (٣٥) جنديا في الخدمة الفعلية ، ويعالج قسم إعادة تأهيل الجنود بوزارة الدفاع أكثر من ( ١٧ ) ألف جندي ، بينهم ( ٩ ) آلاف مصاب بأمراض نفسية ، وطلب ( ٦٦ ) ألف جندي وعائلاتهم علاجا ودعما نفسيا بعد أن تبين انهم يعانون الاكتئاب وخللاً في العلاقات الاجتماعية ، وطالب أكثر من نصف مليون إسرائيلي بتلقي علاج نفسي .
. تم الإبلاغ عن ( ١٢١٢ ) حالة تجنيد من بين ( ٢٤ ) ألف أمر تجنيد صدرت عام ( ٢٠٢٤ ) ، ووقّع ( ١٢٠٠ ) جندي احتياط رسالة طالبوا فيها بوقف الحرب السياسية فورًا وإعادة جميع الرهائن ، وأعلن كثير من الضباط والجنود قبل إرسال أوامر الاستدعاء أنهم لا يعتزمون الامتثال للخدمة العسكرية رافضين المشاركة في توسيع العملية العسكرية ، ويمتنع الجيش الإسرائيلي عن إرسال أوامر تجنيد لجنود كشفوا رفضهم القتال خشية عدم التزامهم علما بأن نسبة الالتزام بالخدمة العسكرية في صفوف الاحتياط متدنية ، و( ٨٠٪ ) المعلن عنها رسميا لا تعكس الواقع .
. عمليات الجيش عرّضت حياة ( ٥٤ ) أسيرا على الأقل للخطر ، وأسفرت عن مقتل عن ( ٢٠) منهم ، وقد أخطأت الاستخبارات الإسرائيلية بتحديد مواقع الأسرى وقادت إلى تنفيذ غارات قاتلة دون التحقق من وجودهم ، وتفيد شهادات أسرى مفرج عنهم بأن العديد من الأسرى قُتلوا نتيجة الغاز المنبعث من السلاح المستخدم في الغارات الإسرائيلية ، مؤكدين أن استمرار هذه الحرب يتعارض مع إرادة الغالبية العظمى من الإسرائيليين ، وتؤدي إلى مقتل الرهائن والجنود والمدنيين الأبرياء ، وتُورّط إسرائيل في جرائم حرب .
. التكلفة المباشرة للحرب على غزة بلغت ( ٤٨,٤ )مليار دولار ، بمتوسط إنفاق يومي يصل إلى ( ٨٥,٦٥ ) مليون دولار ، كما أن استئناف وتوسيع الحرب أدى لاستدعاء قوات الاحتياط ، تمديد فترة الخدمة الإلزامية وشراء الذخائر ، واسفر عن عجز مالي كبير يتراوح بين (١٥-٢٥) مليار شيكل ، ولم تعد جميع الفرضيات الأساسية التي بنيت عليها الميزانية هذا العام صالحة ، وحذر خبراء اقتصاد من أن العجز قد يؤدي لرفع الضرائب وتقليص الخدمات الاجتماعية ، هذا في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الغلاء المعيشي ، وتنامى فقدان الأمل بمستقبل اقتصادي مستقر .
. كشف استطلاع راي لشركة ( C-Marketng ) أرقاماً صادمة عن واقع الهجرة ، حيث غادر (٦٠) الف إسرائيلي البلاد ( ٢٠٢٤ ) ، ولم يعد أكثر من ضعف عدد المغادرين عام ( ٢٠٢٣ ) ،ويفكر ( ٤٠٪ ) من السكان بجدية بالهجرة .
. تفشي الفوضى السياسية وازدياد الاستقطاب الداخلي وارتفع ضجيج المعارضة المطالب بسحب قوات اسرائيل لفشل حكومة ( نتنياهو ) بإخضاع وتدمير حماس ، وأكد تيار واسع منها على أن غزة أرض فلسطينية ، ويجب أن يخرج منها الجيش الاسرائيلي ، وضرورة وقف الحرب وإبرام صفقة لإعادة الأسرى من غزة ، خاصة مع غياب وجود هدف عسكري مقنع لاستمرار الحرب ، وُوصِف كل من ” سموتريتش وبن غفير ” بأنهما إرهابيان وأعداء لإسرائيل ، مؤكدين ثقتهم بقدرة الإدارة الأمريكية على التأثير على حكومة نتنياهو التي دمرت صورة إسرائيل في العالم لوقف الحرب .
-أمريكيا ؛ تشهد العلاقة بين ( ترامب و نتنياهو ) توترًا متصاعدًا وسط إحباط متبادل على المستوى الشخصي بين الطرفين ، ما دفع الاول لاتخاذ قرار بالمضي قدما بخطوات إستراتيجية في الشرق الأوسط بمعزل عن إسرائيل ، بدات بوقف الضربات ضد الحوثيين دون تنسيق مع ( تل أبيب ) ، وتوقيع اتفاقيات ضخمة مع السعودية دون المرور بمحطة التطبيع ، وتسود أروقة القرار الإسرائيلي مخاوف متزايدة من سياسات ( ترامب ) تجاه المنطقة في ظل مؤشرات على تراجع مكانة إسرائيل ضمن أولويات إدارته .
-بلغة المنطق ( ١+١ = ٢ ) ، لكن بمنطق ( نتنياهو ) ليس من الضرورة بمكان أن تكون هذه المعادلة صحيحة ، فما ورد بالمقال من احصائيات ومعلومات حول ” إنجازاته البطولية” – إن جاز التعبير – منشور في مصادر بحث وإعلام اسرائيلية وأمريكية ، وليست سرا خافيا على أحد ، ومن الواضح أن شيئا لن يتغير بوجود “دونكيشوت ” يتوهم تحقيق ” نصر مطلق ” على شعب اعزل ، وتنظيم أفراده بالمئات ، فعلى من يمكن المراهنة لإسقاط ” الزعيم الأوحد ” ؟ هل على القوة الأمريكية الضاربة ؟ ام على الضغوط العربية والدولية ؟ ام على الداخل الاسرائيلي الذي يسدد فاتورة نتنياهو قبل أن يغرق ويُغرق ” تايتنك ” الاسرائيلي معه ؟