لكِ الله يا غزة… ما بين جوعك وخذلاننا تسقط الكرامه

مجد عبد اللطيف العرود

لكِ الله يا غزة يا وجعَ الأمة المختبئ في صدر الزمان يا جمرةً لا تنطفىء يا شظيةً في قلب الضمير
لكِ الله حين يجوع أطفالك، ويبيتُ الرجال بلا زاد، وتحتَ الركام تبحثُ الأمهات عن ما تبقى من الحياة
لكِ الله يا غزة يا قصيدة الوجع الطويل، كلما جاع فيكِ طفل، امتلأت موائدنا بالترف ، كلما شربتِ من مائكِ المالح ، سالت الخمور في بلادنا بلا حياء كلما نزفتِ من جرحكِ المفتوح ، غطّينا آذاننا بالضجيج الفارغ، وزيّنا صمتنا بأغلفة المؤتمرات.
جوعي يا غزة، فما عاد الجوع عاراً في قاموس الصامتين ، بل صرتِ أنتِ العار الذي يخافونه ، والمرآة التي تُحرج وجوهنا الغارقة في التخمة.
متخمون نحن، لا بالوجع ، بل بالفرار من الوجع ، متخمون لا بالرصاص ، بل بالصفقات والصمت والخذلان
يا غزة ، لا تلومي من باعوكِ في الأسواق ، فقد أرهقهم الشبع حتى نامت قلوبهم ، وغابت ضمائرهم خلف الستائر االناعمه ، لا تنتظري منا خبزاً أو نصراً ، فقد اكتفينا بتصريحات باهتة ، وبيانات لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
لكِ الله يا غزة…
فيكِ نساءٌ من نور، يَسقين الصبر لأطفالهنّ كما يَسقين الحليب ، يُجدّدن الحياة من تحت الردم ، وينسجن من الحزن ثوبا من العزّ.
فيكِ أمهاتٌ يحملن الوطن في أحضانهنّ ، ويمسحن على رؤوس اليتامى وكأنهن يَمسحن على جبين الأمة كلها ، صامدات ، شامخات ، لا يطلبن مجداً ولا وساماً ، بل يربين جيلاً يوقن أن فلسطين لا تُباع.
وفيكِ شباب، أعمارهم صغيرة ، لكنّ قلوبهم بألف جيش ، يحملون الحجارة كأنها سيوف ، ويكتبون التاريخ بصدورهم العارية.
يؤمنون أن للكرامة ثمن ، وأن العدو مهما طغى سيخسر ما لا يفهمه … حبّ الأرض ، وعناد الأمل ، وغضب المقهور.
حين يُقطع عنكِ الماء، تتفجّر ينابيع الكرامة فيكِ .
حين تُقصفين ، تنهضين من تحت الرماد أنقى .
حين يجوعُ فيكِ الصغار، يتعلّمون أن الخبز ليس كل الحياة ، وأن الكرامة قد تكون أغلى من الروح .
ستبقين رغم الجوع ، رغم الحصار ، رغم الصمت العربي المريب ، شوكةً في حلق المحتل ، ورايةً لا تنكسر .
لكِ الله يا غزة…
وجوعي أنا ، أنني لا أملك لكِ غير الكلمات والدعاء .
وهناك قلوبٌ تبتهل ، وأرواحٌ لا تنساكِ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى