اتحاد الكتاب يواصل فعالياته الجرشية بندوة “العمق التاريخي لعروبة فلسطين”، ويحلق بأمسية وطنية للشعر ونجومه بمركز الحسين الثقافي.

واصل اتحاد الكتّاب والأدباء الأردنيين اليوم السبت، مشاركاته في جرش للثقافة والفنون بدروته الحالية بندوة حملت عنوان “العمق التاريخي لعروبة فلسطين”، في رسالة واضحة على تبني الاتحاد غاية سامية في رؤيته الوطنية والعربية تجاه قضية الهاشميين المركزية ، كما احييا أمسية شعرية ثرية لشعراء الاتحاد وضيوفه. بحضور رئيس الاتحاد وعضو اللجنة العليا للمهرجان الشاعر عليان العدوان
وشارك في الندوة كلٌّ من رئيس مركز عمّان والخليج للدراسات الاستراتيجية الدكتور محمد عيسى العدوان، والباحث عبد القادر ابو شمسية الحداد، والكاتب السياسي حنا ميخائيل سلامه ، وأدارها الدكتور عبد الغني حجير، عضو اتحاد الكتاب والأدباء الاردنيين وتطرقوا خلالها الى الجذور التاريخية والروابط الثقافية والحضارية التي تؤكد عروبة فلسطين، ودحض الروايات السياسية التي تتنكر لهذا الامتداد التاريخي.
إستهل الدكتور محمد العدوان، الندوة بالحديث حول أهمية التوثيق المعتمد على المراجع التاريخية لا على المصادر غير الموثوقة، موضحاً أن “لغة التوثيق هي لغة العقل، لا العاطفة”، وأن الجغرافيا والتاريخ يشهدان على عروبة فلسطين الضاربة في عمق الحضارات.
وأضاف، إن مصطلح “فلسطين” ارتبط تاريخياً بقبيلة طي اليمنية التي هاجرت إلى يبوس منذ آلاف السنين، مبيناً أن اليهود، وفقاً للمراجع، ليسوا أصحاب الأرض الأصليين بل مجموعات سكنت اليمن ثم تفرقت إلى الجزيرة وبلاد الشام، مؤكدا أن الرواية الصهيونية فاقدة للسند التاريخي الثابت.
من جهته، استعرض الحداد تطور الهوية الفلسطينية عبر مراحلها التاريخية، ابتداءً من الهوية العربية الأصل، مروراً بالهوية الإسلامية بعد الفتح، وصولاً إلى الهوية الوطنية الجامعة، مؤكدا أن الهوية المقدسية تشكل محوراً روحياً وحضارياً للديانات السماوية الثلاثة، ما يعزز مكانة القدس في الوجدان العربي والعالمي.
واختتم الندوة حنا سلامة، بتسليط الضوء على البعد الزمني العميق لفلسطين، مشيراً إلى أن أريحا تعد من أقدم المدن المأهولة في التاريخ منذ أكثر من 7 آلاف عام، مشيرا الى أن الأرض الكنعانية شكلت محطة حضارية منذ العصور الغابرة، في حي بدأ مشروع الهجرة والاستيطان بدأ عام 1900 فقط.
وأشار إلى خطورة محاولات طمس الهوية من خلال مصادرة الأراضي، وآخرها قانون “قومية الدولة اليهودية” عام 2018، واعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، في تجاهل صارخ للحقيقة التاريخية والجغرافية.
وأكد أن مفتاح السلام في المنطقة لن يمر إلا من خلال حل عادل وشامل، يُعيد الحقوق لأصحابها، ويضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، كما يؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني باستمرار في مختلف المحافل الدولية.
وفي أمسية شعرية غنية بعطاء شعراء الاتحاد والتي ادار مفرداتها الأديب ضيغم القسوس بمشاركة الشاعر الكبير الدكتور عبد الرحمن مبيضين، والشاعر العذب عدنان الرحاحلة، ومدير التراث بوزارة الثقافة الشاعر عاقل الخوالدة، أتحف الشعراء الحاضرين من محبي الشعر وذائقته الشجية بقصائد متنوعة.
وقرأ الشاعر مبيضين أبيات من قصيدة بعنوان “الشهيد ماهر الجازي”، قال فيها ؛
لم يرضَى ذلًا في المعيشة ماهرُ
وجرى الى أرض الجهاد يسافرُ
عرف الطريق لِجنةٍ هي غايةٌ
فيها رجالٌ طيبون اكابرُ
فيها رسول الله كلّ رجالِه
فمُجاهدٌ وعلى الصلاة مُثابرُ
فاليك يا جازي جزاءٌ صادقٌ
في جنة الفردوس انت الظافرُ
فلأنت من عرف الطريق وحسبُكُم
ان الذي يعطي كريمٌ قادرُ
المسجد الأقصى يئن ويشتكي
فعلى رؤوس الناس ظلمٌ جائرُ
فاليك يا الله نشكوا طغمةً
انت العزيزُ المستجارُ القاهرُ
أما الشاعر الرحاحلة فقد ألقى أبياتا قال فيها :
مهما يحاول لن يكون أمامي
فأنا القصيدة والنجوم ُ مقامي
حلَّقت ُ في شعري وطفت باحرفي
ونصبت فوق الراسيات خيامي
وزرعت ما بين الصخور سنابلاً
وأنرت ُ بالتوحيد ِ كل َ ظلام ِ
السلط تشهد أن اوردتي لها
ممدودة حتى تغيب َ عظامي
فالشرق شرقي واليمين يميني
والحرف حرفي والحسام حسامي
محفورة ٌ في القلب ِ أصلي ثابت ٌ
فيها وفرعي شقَّ كلَّ غمام ِ
الفخر ليس مذمة في نسبتي
للسلط فهي هويتي ووسامي
احجارها رمز الصمود وارضها
تاج ُ الإباء يتيه ُ فوق الهام ِ
فيها رجال لم يخونوا عهدهم
عند اشتداد الحرب كالاعلام ِ
يوم الكرامة شاهد وشهادة
الشهداء قد نطقت بغير كلام.
وختم الخوالدة الأمسية ب أبيات من قصيدة “أمنيات الشاعر البدويّ”، قال فيها ؛
لوْ كُنتُ طَيرا… ما ضَمَمتُ جَناحا
أو كنتُ غيمَا عابِرَا.. ورِياحَا
فَسَرَقْتُ مِنْ شمسِ الصباحِ مَلامِحي
أو كُنتُ نجما لامِعا وضّاحَا
رافقتُ أسرابَ الحمامِ فلمْ أعُدْ
للأرضِ ثانية لكيْ أرتاحَا
ومللتُ من سيري و قطعانَ المها
واشتقتُ وجه الظبي.. حينَ أشاحا
فسريتُ في ليلٍ أُحاولُ وَصَلَهُ
وتَخَذتُ من قلبي لهُ مِصْباحَا
قلبي كعصفورٍ يُراوِدهُ المدىٰ
فيَمدُّ للحلواتِ مِنهُ جَناحَا
بالعطرِ والريحانِ يومَ غَسلْنَهُ
ولَفَفْنَهُ مِنْ حُسنِهُنَّ وِشاحَا
لغتي كعمانَ الحبيبةِ حينما
تصحو فتُهدي للصباحِ صباحَا
يَتسلقُ الغيمُ النديُّ جبالَها
كيْ يَستفزَّ عَبيرَها الفوّاحَا
ويَتيهُ فيها العاشقونَ صبابةً
يتنافسون بنادقا ورِماحَا
قلميْ يئِنّ على الدفاترِ كُلّما
آنستُ حرفاً اشبَعَتْهُ جِراحَا
غَنّيتُ أشعاري بنبضِ مواجعي
ما كنتُ يوما شاعِرا مَدّاحَا
يامن يُحيلُ البؤسَ بَسمَةَ عاشقٍ
ويحيلُ همَّ المُرهَقينَ مُزاحَا
ويقومُ كالدحنونِ أيقظهُ النَّدى
كي يعلنَ الأعياد والأفْراحَا.
وفي ختام الفعاليتين، كرم رئيس الاتحاد الشاعر عليان العدوان المشاركين بالشهادات التقديرية لهم من إدارة مهرجان جرش على إبداعاتهم في هذه الدورة الفريدة من مهرجان جرش للثقافة والفنون “39”.