لماذا لا نتوجه الى تنمية سياحية واقتصادية مستدامة في غابات الكورة على غرار عجلون؟!

بقلم: إسراء خالد بني ياسين
باحث وكاتب في الشأن التنموي

يمتاز لواء الكورة، الواقع غرب محافظة إربد، بثرواته الطبيعية الفريدة من غابات، وتضاريس خلابة، وتنوع بيئي وحيوي يجعل منه مقصدًا سياحيًا واعدًا، لا يقلّ جمالًا وغنى عن غابات عجلون الشهيرة. غير أن هذه الثروات لا تزال مغيبة عن خارطة الاستثمار والتنمية السياحية، ما يستدعي وقفة جادة من الجهات المعنية لإعادة النظر في استراتيجيات استغلالها.

إننا ابناء اللواء نطالب بتخصيص أراضٍ من الغابات المملوكة للدولة في لواء الكورة لإقامة مشاريع سياحية مثل المتنزهات والمخيمات البيئية والمنتجعات الريفية، على أن تبقى ملكية الأرض للدولة وتُمنح للمستثمر بحق انتفاع طويل الأمد، ضمن إطار قانوني واضح. وفي المقابل، تكون ملكية البنية التحتية والمرافق للمستثمر أو الجهة المنفذة، مع خضوع المشروع لرقابة مباشرة من جهة حكومية أو هيئة رقابية مختصة تضمن الالتزام بالشروط البيئية والمعايير التنموية.

هذا النموذج يُعزز مبدأ الاستثمار في الطبيعة دون الإضرار بها، ويشجع على تنمية المجتمعات المحلية من خلال فرص عمل جديدة، ومشاريع عائلية صغيرة مساندة للسياحة، كالإنتاج الغذائي المحلي، والأنشطة البيئية، والحرف اليدوية، وغيرها.

ومن باب المسؤلية المجتمعية اقترحنا بعض الحلول الواقعية القابلة للتنفيذ مثل

1. إطلاق صندوق دعم للمشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة في الكورة
يُموّل من خلال شراكة بين وزارة السياحة، وهيئة الاستثمار، والقطاع الخاص، لدعم المشاريع البيئية التي تستخدم مواد طبيعية محلية وتوفر فرص عمل لأبناء المنطقة.

2. تأسيس هيئة تنمية غابات الكورة.
تتولى مهام التخطيط، والترخيص، والرقابة البيئية، وتعمل بنظام النوافذ الواحدة لتسهيل الإجراءات على المستثمرين، وضمان التزامهم بشروط الحفاظ على الموارد الطبيعية.

3. استحداث مسارات سياحية بيئية (Eco Trails)
يتم تحديدها وتنظيمها بالشراكة مع الجمعيات البيئية والبلديات والمبادرات الشباية وغيرها ، وتشمل أنشطة كالمشي الجبلي، والمبيت الريفي، وتذوق وشراء المأكولات الشعبية والتسويق لها ، وورش الحرف اليدوية.

4. تشجيع نماذج السياحة المجتمعية.
من خلال تحفيز العائلات على تقديم خدمات الضيافة المنزلية (Homestay) وتنظيم رحلات ريفية ثقافية يقودها سكان محليون مدربون.

5. ربط الكورة سياحيًا بالمناطق المجاورة
مثل الأغوار، عجلون، وأم قيس، ضمن مسار سياحي إقليمي يروّج للمنطقة كمحطة ضمن رحلات منظمة طويلة المدى تشمل تنوعًا في التضاريس والتجارب.

6. إدماج الشباب في العمل السياحي.
من خلال برامج تدريب مهنية معتمدة في مجالات مثل الإرشاد السياحي، الضيافة، إدارة المخيمات، والتسويق الإلكتروني للوجهات السياحية وغيرها الكثير.

7. توفير بنية تحتية خفيفة وأذكى
مثل ممرات خشبية غير دائمة في الغابات، وخيم صديقة للبيئة، ودورات مياه متنقلة ذات معالجة بيئية، ما يجعل المشروع مرنًا ومتناغمًا مع الطبيعة دون تشويهها.

ولعلّ تجارب عجلون في هذا السياق تصلح كأنموذج ناجح يجب الاسترشاد به، مع ضرورة مراعاة خصوصية منطقة الكورة واحتياجاتها. فالمطلوب ليس نسخ التجربة، بل تطويرها بما يتناسب مع هوية المكان وطاقاته غير المستغلة.

وهنا نقدم نحن ابناء لواء الكورة دعوة إلى الجهات المعنية

ندعو وزارة السياحة، ووزارة البيئة، وهيئة الاستثمار، والبلديات المحلية، إلى العمل الجاد على تحويل غابات الكورة إلى وجهة بيئية وسياحية مستدامة، من خلال شراكات واضحة بين القطاعين العام والخاص، تضمن الحفاظ على البيئة، وتحقيق التنمية، وتمكين السكان.

وكما ذكرت في مقالات سابقة ، لقد آن الأوان لتخرج الكورة من الظل إلى الضوء، ومن التهميش إلى التمكين، لتأخذ موقعها الطبيعي على خارطة السياحة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى