غزة مقبرة حرية الراي

اسعد بني عطا

-شهدت الحرب الاسرائيلية على غزة منذ بدايتها تدميرا ممنهجا لكل نواحي الحياة في القطاع ، وانتهاكا صارخا لكافة المواثيق الدولية ، واستهدافا غير مسبوق لحرية الصحافة ، وكان آخر فصولها اغتيال مراسِلَيْ الجزيرة ( أنس الشريف ومحمد قريقع ) في محيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة ، حيث ؛

. فرض الجيش ” الاكثر إنسانية واخلاقية ” قيودا على حرية الصحافة ، ولم يسمح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول إلى القطاع بشكل مستقل ، ورافق الجيش بعض العناصر الصحفية إلى ما وراء السياج الحدودي بزيارات إعلامية مُقيّدة ، عُرِفَت ب( الزيارات المُرافقة ) .

. أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ارتفاع عدد الضحايا بين الصحفيين في اليوم الـ( ٦٧٥ ) من الحرب  على قطاع غزة الى ( ٢٣٨ ) ، واشارت لجنة حماية الصحفيين الى تعرض ( ٣٢ ) صحفيا على الاقل للإصابة، وفقدان صحفيين ، ووجود ما يزيد على ( ٤٤ ) صحفيا معتقلا لدى الجيش الإسرائيلي ، وكشفت اللجنة عن تعرض العديد من الصحفيين للتهديد والرقابة وقتل أفراد الأسرة ، ويواجه الصحفيون في القطاع مخاطر كبيرة ، حيث يتعين عليهم تغطية الحرب قُبيل تنفيذ الجيش خطة احتلال غزة ، ومواجهة الغارات الجوية المدمرة ، وسط انقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي .

. يجمع المراقبون السياسيون ان عدد الصحفيين الذين قضوا في حرب غزة فاق عدد الذين قتلوا في الحروب مجتمعة منذ الحرب العالمية الاولى حتى الان ، في مؤشر على نجاح الاعلام بتغطية الأحداث والتجاوزات الانسانية بدقة ، وإعادة تشكيل الرأي العام العالمي ما الحق ضررا كبيرا بسمعة اسرائيل گ( ديمقراطية يتيمة ) في الشرق الاوسط ، وضرب عُرض الحائط باسطورة الجيش الذي لا يُقهر .

. خلاصة القول ؛ رغم الدور الإعلامي البارز الذي عرّى الموقف اليميني ” السيكوباتي ” الاسرائيلي ، وحرّك الضمير الدولي ، ودفع بالناس للنزول الى الشوارع في جميع القارات ، فقد كشف عن ” انقسام فلسطيني ” اعاد عقارب الساعة الى ما قبل السابع من أكتوبر ، وتراجع سقف المطالب الفلسطينية من تحرير الارض واقامة الدولة ، الى المطالبة برفع الحصار وإنقاذ القطاع من المجاعة ، لذا بات لزاما علينا كعرب ومسلمين توحيد الاهداف والصفوف ، والقفز عن ” الفصائلية ” ولملمة الصف الفلسطيني لانقاذ ما يمكن انقاذه ، ولتجاوز اثار حرب اشعل فتيلها جناح عسكري لتنظيم في غفلة من مكتبه السياسي ، وعلينا ان ندرك معادلة التاريخ ، بانه عندما يتقدم الخط العسكري والتنظيمي على السياسي فان النتيجة هي النزاع والتفكك والضعف ، والمزيد من التقسيم والتبعية والتغريب .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى