إربد.. التي لا تعرف الإتاوات، منارة الحضارة وقلب الأمان

د. عمّار محمد الرجوب

في كل صباح، حين تشرق الشمس على سهول إربد، تشعر أن المدينة ليست مجرد جغرافيا، بل نبض حياة ينساب في عروق أبنائها. يقول جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم: “قوة الوطن في أبنائه وبناته الذين تربوا على ثقافة الخير والإنجاز”، وهذه العبارة تتجسد في كل زاوية من زوايا إربد، حيث الانتماء ليس مجرد شعار على الجدران، بل ممارسة يومية، والولاء للعرش الهاشمي وتراب الوطن هو لغة الحياة، والوعي قيمة لا تهتز.

في هذه المدينة، الأمن مستقر، ولا يعرف الناس الإتاوات، فلا أصحاب السوابق يبتزون التجار أو يخيفون المواطنين، لتصبح إربد نموذجًا للمدينة الآمنة، حيث القانون حامي الكرامة، والمسؤولية تصنع نهج الحياة اليومية. المواطنون مثقفون وواعون، يعيشون الانتماء في كل خطوة، ويصنعون حضارة الفكر والأخلاق بسلوكهم اليومي، فتعلو المدينة فوق كل ضجيج أو فوضى خارجية.

ويقود هذه المدينة محافظها عطوفة رضوان العتوم، الرجل الذي جعل من الإدارة فنًا، ومن القيادة رسالة إنسانية قبل أن تكون قرارًا. بابه مفتوح دائمًا لكل الناس، كبيرهم وصغيرهم، الفقير والغني، متواضع لكنه حازم، عادل لكنه مرن. حين تسلم ملف كورونا، كان نجاحه الأعظم لأن الإدارة عنده ليست أرقامًا أو بيانات، بل عقول وقلوب مجتمع كامل، يسير بتوازن بين الاحتراز والحرية، بين الصحة والمصلحة العامة، ليكون نموذجًا وطنيًا يدرس في كل محافظة أردنية.

ولا يكتمل هذا النجاح دون متابعة دقيقة من معالي وزير الداخلية مازن الفراية، الذي يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ويضمن انسجام الإدارة المركزية والمحلية في كل مشروع وأزمة. حضوره الدائم وتوجيهاته الواضحة يصنعان الانضباط والوعي الوطني، ويجعلون كل إدارة نموذجًا يحتذى في المسؤولية والحرص على مصلحة الوطن والمواطن.

ويظل العطاء في إربد مستمرًا ليس فقط في المشاريع والمؤسسات، بل في الروح التي يحملها الناس وقيادتهم. فـ رضوان العتوم ليس مجرد محافظ، بل هو القيادي الفذ الذي يسير بين الناس بعقل منفتح وقلب رحيم، يرى في كل مواطن قصة، وفي كل موقف فرصة لصقل المواطنة والانتماء. وفي الجانب المركزي، يبرز معالي وزير الداخلية مازن الفراية كداعم دائم لكل خطوة، فتتحد الرؤية بين القيادة المحلية والمركزية، لتصبح كل إدارة نموذجًا للانضباط والوعي، وهذه الروح تجعل من إربد فلسفة حياة، حيث القانون يحمي الكرامة، والانتماء يصبح فعلًا يوميًا، والثقافة شعلة تتوهج في العقول.

إربد ليست مدينة الأزمات فقط، بل مدينة الفرح والانتماء. ففي احتفالات عيد الاستقلال وصيف الأردن، كان عشرات الآلاف في مدينه الحسن للشباب وساحاتها، بلا أي فوضى، بلا أي حادث، لتنظم المدينة نفسها كجسد واحد ينبض بالبهجة والانتماء. وفي عرس ولي العهد، شهدت مدينة الحسن للشباب ايضًا حضور سبعين ألف شخص، خرجوا كما دخلوا، بهدوء وانضباط، لتثبت المدينة أن الفرح مسؤول، وأن الاحتفال مرتبط بالوعي قبل أي شيء.

وعندما نأتي إلى الثقافة، نجد أن إربد حملت لقب عاصمة الثقافة العربية، ليس مجرد إعلان، بل تتويج لمدينة تتنفس الفكر والفنون، وترسم خارطة الحضارة المعاصرة بألوان الشباب والمثقفين والفنانين. فعالياتها لم تكن عروضًا سطحية، بل أشارت إلى قوة المدينة الفكرية وقدرتها على تقديم نموذج حضاري متكامل، يليق بمكانة الأردن في الوطن العربي.

وأهل إربد، على امتداد أحيائها وميادينها، هم أهل العلم والفكر، مثقفون يدركون قيمة التعليم والمعرفة، ويفهمون أن الانتماء للوطن أسمى من أي انتماء آخر. من جامعاتها إلى مدارسها، ومن منتدياتها الثقافية إلى صالوناتها الأدبية، ترى أن العقل والفكر يجتمعان مع القلب والوفاء، لترتقي المدينة بأهلها إلى مراتب الصدارة، وتجعل منها منارة في الفكر والوعي والانتماء.

ويأتي دور الجامعات ومراكز البحث في إربد ليصنع الإبداع الحقيقي؛ فالمؤسسات الأكاديمية ليست مجرد مبانٍ أو برامج، بل مختبرات حضارية تُنمي الفكر المستنير، وتزرع في الشباب ثقافة النقد البناء والوعي المجتمعي. من خلال المشاريع البحثية والنشاطات الثقافية والفنية، يخلق الشباب بيئة حية للحوار والفكر المستقل، يربطون التاريخ بالحاضر، ويخطون المستقبل بخطوط علمية مدروسة، لتكون إربد مصدرًا للنهضة الثقافية والسياسية في الأردن. الطلاب والمثقفون الشباب ليسوا مجرد جمهور، بل شركاء في صناعة القرار، وسفراء للفكر، وحراس للقيم التي تشتهر بها المدينة، بما يعكس الولاء للعرش الهاشمي والانتماء الحقيقي للوطن وترابه.

ولا يمكن الحديث عن مدينة بهذا الحجم من الوعي والحضور دون الإشارة إلى المشاريع المستقبلية التي تعزز هذا المسار: الجامعات والمعاهد، والمراكز الثقافية والفنية، والمبادرات الشبابية، كلها تصنع من إربد مساحة حقيقية لصناعة المستقبل، حيث يكون المواطن شريكًا في القرار، والمثقفون صناع التغيير، والقيادة على رأس هرم العطاء.

كل هذا يصنع فلسفة المدينة: الإدارة حكمة، المواطن وعيًا، الثقافة شعلة، والانتماء فعلًا يوميًا. هنا يلتقي الماضي بالحاضر، ويصنع المستقبل بأيدٍ تعرف قيمة الوطن والعرش والإنسان.

ختامًا:
إربد، المدينة التي تحمي كرامة أهلها، تعرف كيف تُصنع الحضارة، وكيف يُخلق المجد، وكيف يُحتفى بالفرح من دون أن يُخاطر أحد. المدينة التي تجعل من الأمن فلسفة، ومن الانتماء سلوكًا، ومن الثقافة شعلة تتوهج في عقول كل أبنائها، ومن الشباب سفراء حقيقيين للفكر والوعي، والقيادة مصدر إلهام وإشعاع لا ينطفئ.

أنتِ يا إربد أنشودة الوطن يا قلب الأرض النابض
تبقين في وجداننا مجدًا خالدًا، وراية عالية فوق القمم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى