الثقوب السوداء قد تكون المصدر الخفي للطاقة المظلمة في الكون

اقترح فريق دولي من العلماء المشاركين في مشروع “مقياس الطيف للطاقة المظلمة” (DESI) فرضية ثورية جديدة تشير إلى أن الثقوب السوداء يمكن أن تكون مصدرا للطاقة المظلمة المسؤولة عن تسارع توسع الكون. وجاءت هذه النظرية في دراسة نشرتها مجلة Physical Review Letters بتاريخ 21 أغسطس 2025، بالاستناد إلى بيانات مشروع DESI وأرصاد الخلفية الكونية الميكروية، ما يفتح الباب أمام فهم أعمق لأصل الكون وطبيعته.
وتعتبر الطاقة المظلمة من أكثر الألغاز الكونية غموضا، إذ تشكل ما يقارب 70% من محتوى الطاقة في الكون. وبينما كان يُنظر إليها طويلا على أنها ثابتة، كشفت القياسات الحديثة لمختبر DESI أنها تتطور مع مرور الزمن. ومن هنا، جاء نموذج “الثقوب السوداء المقرونة كونيا” (CCBH) ليطرح تفسيرا جديدا يقوم على أن الثقوب السوداء الناتجة عن انهيار النجوم الضخمة قد تكون قادرة على تحويل المادة العادية إلى طاقة مظلمة.
ويوضح مؤلفو الدراسة أن هذه العملية تحدث بالتزامن مع معدلات تكوين النجوم، ما يجعل النموذج متوافقا مع كل من الملاحظات الكونية المبكرة والمتأخرة. ووفقا لهذه الفرضية، فإن الثقوب السوداء لا تُعد فقط مراكز جاذبية هائلة ذات تفرد (Singularity)، بل يمكن النظر إليها كبؤر مستقرة للطاقة المظلمة، قادرة على التفاعل مع توسع الكون وزيادة كثافة هذه الطاقة مع مرور الزمن.
ومن أبرز إنجازات هذا النموذج الجديد، حله لمفارقة “كتلة النيوترينو”، التي حيّرت العلماء سابقا. فبينما أشارت النماذج المعيارية إلى احتمال كتلة سالبة للنيوترينو، وهو ما يتعارض مع قوانين الفيزياء، يقدم نموذج (CCBH) تفسيرا مقنعا يتيح بقاء النيوترينو ذا كتلة موجبة متوافقة مع نتائج التجارب المخبرية على الأرض. وإذا ما ثبتت صحة هذه النظرية، فإنها ستغير جذريا من فهمنا لتطور الكون، موضحة أن الطاقة المظلمة ليست مجرد ثابت جامد، بل عملية ديناميكية مرتبطة بدورة حياة النجوم والثقوب السوداء.