العقبة الشمالية… نحو وجهة سياحية عالمية تنافس شرم الشيخ
كتب أ.د. محمد الفرجات
ملاحظة: تم تطوير ومعايرة الرؤية والطرح عبر الذكاء الاصطناعي وبعدة محاولات وتلقيم المعطيات…
تشهد شرم الشيخ حركة سياحية لا تتوقف، إذ ترتفع نسب الإشغال الفندقي فيها على مدار العام، لتكون وجهة راسخة للسياح الأجانب والعرب معًا. وتؤكد تجربتها أن نجاح المدن الساحلية يقوم على دمج بنية تحتية متقنة، وخدمة عالية الجودة، ومنتج سياحي متنوع، وتسويق ذكي بأسعار تنافسية. تمتلك العقبة كل المقومات لتقدم تجربة مماثلة، بل أكثر تكاملًا، إذا ما فُعّلت نقاط قوتها الحالية وربطت بخطة تنفيذية دقيقة.
المعطيات (خط الأساس ونقاط القوة القائمة)
العقبة تملك واجهة بحرية ممتدة بشواطئ شمالية داخل النسيج الحضري، ومطارًا قريبًا من مركز المدينة، وميناءً سياحيًا ونادي يخوت، وسوقًا شعبيًا وسوق سمك، ووسط بلد نابض، إلى جانب مشاريع سياحية عصرية مثل أيلة (بحيرات اصطناعية، نادي غولف، مسارات ودراجات ومرافئ داخلية) وسرايا العقبة (تجزئة وترفيه وضيافة). وتتميز بيئة الخليج بمياه دافئة صافية وشعاب مرجانية وأنشطة غوص ورياضات بحرية، مع قدرة فريدة على تجميع منتجات “البحر–الصحراء–التاريخ” في حزمة واحدة (رحلات يومية للبتراء ووادي رم والحميمة).
على صعيد الكلفة، يستطيع الزائر الحصول على خدمة جيدة بسعر أقل من وجهات إقليمية منافسة، ما يفتح الباب لسياسة “الأسعار المخفضة جدًا” دون التضحية بالجودة إذا مورست الحوكمة الصحيحة على التعرفة والمعايير.
الحلول (رزمة التدخلات العملية)
1) الواجهة البحرية والشواطئ الشمالية
تأهيل الكورنيش الشمالي بممرات مشاة ودراجات، مقاعد مظللة، تشجير، إنارة ذكية، نقاط مياه ودورات صحية نظيفة، وإنفاذ صارم لمعايير النظافة. تجهيز شواطئ مجانية منظمة مع خدمات منقذين، مناطق ألعاب، أكشاك طعام مرخّصة بمعايير جودة وسلامة غذائية، ومسارات وصول ذوي الإعاقة. اعتماد نظام إدارة نفايات وفرز من المصدر، وغسيل يومي للشاطئ.
2) السوق ووسط البلد وسوق السمك
تحويل السوق الشعبي إلى منطقة تراثية عصرية: واجهات موحدة، لوحات تعريف، موسيقى وفعاليات يومية، “ليلة العقبة” أسبوعية للحرف والمأكولات. تطوير سوق السمك ليصبح تجربة “اختر واطبخ”: شراء السمك الطازج من السوق وطهيه في مطابخ مجاورة مرخّصة بأسعار مضبوطة، مع دليل أسعار يومي معتمد، ومسار صحي للسلامة الغذائية.
3) المنتج البحري والرياضي
منظومة رياضات بحرية منظمة: غوص تمهيدي للمبتدئين، سنوركلينغ موجه للعائلات، قوارب زجاجية، تزلج وقوف، تجديف، رحلات غروب باليخوت الصغيرة، مع منصة حجز موحّدة رقمية وتقييمات فورية للخدمة. تخصيص مواقع إنزال/تحميل موحدة تقلل الازدحام وتحافظ على البيئة البحرية.
4) مكوّن “عافية الشمس”
تبنّي علامة “العافية الشمسية” كميزة تنافسية أخلاقية: باقات إرشادية للتعرّض الآمن للشمس، جداول أفضل ساعات التعرض، تعاون مع عيادات محلية لفحوص اختيارية قبل/بعد، جلسات يوغا وتأمل على الشاطئ، مسارات مشي صباحية “هواء البحر”. الإطار تسويقي–توعوي (غير علاجي)، ويُربط بمدوّنة سلوك صحية ورسائل سلامة موحدة.
5) الفنادق والخدمة والأسعار المخفضة جدًا
برنامج موحّد لتدريب العاملين على خدمة الضيف والتواصل متعدد اللغات. “ميثاق جودة العقبة”: معايير نظافة وخدمة ووقت استجابة. آلية تسعير شفاف: حزم إقامة+نشاط+وجبة بسعر ثابت مُعلن، مع مستويات اقتصادية وعائلية. نموذج تحفيز: رسوم امتياز منخفضة للملتزمين بالسقوف السعرية والجودة، وغرامات على المخالفين.
6) الحركة والراحة العامة
مواقف ذكية على أطراف المنطقة مع نقل داخلي نظيف (ميني باصات كهربائية وعربات جولف)، مسارات مشاة متصلة، مظلات رذاذ صيفية، نقاط شحن للأجهزة، واي-فاي عام آمن، وتطبيق موحّد للمعلومات والحجوزات وخريطة فعايات اليوم.
7) التسويق والمحتوى
تقويم فعاليات سنوي ثابت (موسيقى شاطئية، مطبخ البحر، مهرجان الغوص، سباقات جري ودراجات، ليالي تراث). محتوى رقمي يومي (قصص قصيرة من السوق، مطابخ السمك، لقطات الغروب)، تعاون مع ناقلين وسلطات سياحية في السعودية والخليج ومصر وأوروبا الشرقية. حوافز طيران موسمية و“أسبوع العقبة العائلي” بحزم منخفضة الكلفة.
8) الحوكمة والتمكين
إنشاء إدارة منطقة الشواطئ الشمالية (Public–Private) بصلاحيات تشغيلية: تصاريح موحّدة خلال 72 ساعة، تفتيش غذائي وصحي دوري، لوحة قياس مؤشرات في الوقت الحقيقي (النظافة، زمن الاستجابة، رضا الزائر، إشغال، إنفاق)، ومركز شكاوى موحّد يستجيب خلال 24 ساعة. تمويل صغير لأصحاب الأكشاك والحرف لتحديث المعدات مقابل الالتزام بالميثاق.
أمثلة أسعار موجِّهة (قابلة للتعديل)
– باقة 3 ليالٍ فندق 3★ + إفطار + نشاط بحري خفيف: 119–149 دينارًا للشخص خارج الذروة.
– جلسة سنوركلينغ موجهة للمبتدئين (90 دقيقة): 20–25 دينارًا.
– جولة قارب زجاجي (45–60 دقيقة): 6–8 دنانير.
– “اختر واطبخ” في سوق السمك (طبق سمك لشخصين): 10–14 دينارًا شامل التحضير.
– رحلة غروب على يخت صغير (75–90 دقيقة): 18–25 دينارًا.
– بطاقات عائلية موحّدة (شاطئ+نشاط خفيف+وجبة): 12–16 دينارًا للفرد.
هذه المستويات تتحقق عبر: عقود جماعية، تنظيم هوامش ربح عادلة، تخفيض رسوم الامتياز للملتزمين، ودعم لوجستي (نقل/مواقف) يقلل الكلف على المشغلين.
الجدول الزمني
0–6 أشهر (انطلاقة سريعة): تنظيف وتأهيل فوري للشواطئ، مرافق أساسية، تنظيم الأكشاك، منصة الحجز، تقويم فعاليات، إطلاق “ميثاق الجودة” وحملات الأسعار المخفضة جدًا.
6–18 شهرًا: استكمال الكورنيش الذكي، تطوير سوق السمك التجريبي، توسعة النقل الداخلي، تشغيل برنامج التدريب، توسيع باقات العافية الشمسية.
18–36 شهرًا: توسعة الواجهات، مركز زوار موحد، ربط أيلة والكورنيش والسوق بمسارات مشاة ودراجات، استضافة مهرجانات إقليمية كبرى.
المخرجات (أهداف قياس قابلة للتحقق)
– رفع الإشغال الفندقي السنوي إلى 80–90% خلال 24–36 شهرًا.
– زيادة متوسط مدة الإقامة من ~ليلتين إلى 3–3.5 ليالٍ.
– مضاعفة إنفاق الزائر اليومي بنسبة 30–40% عبر حزم متكاملة.
– خلق 3000–5000 وظيفة مباشرة، و4–6 آلاف غير مباشرة.
– رفع صافي رضا الزوار (NPS) إلى +60 خلال 12 شهرًا.
– خفض شكاوى النظافة وخدمة الضيف بنسبة 60% في السنة الأولى.
– تحسن مؤشرات البيئة البحرية (نظافة الشاطئ، التزام مواقع الغوص) عبر برنامج رصد ربع سنوي.
الكلفة التقديرية (دينار أردني)
البنية التحتية والخدمات:
– تأهيل الكورنيش الشمالي (ممرات، إنارة، أثاث حضري): 8–10 مليون.
– تجهيز الشواطئ المجانية (مرافق، إنقاذ، ألعاب، وصول ذوي الإعاقة): 3–4 مليون.
– لافتات إرشاد وهوية بصرية ومسارات ذكية: 0.6–1.0 مليون.
– مواقف ذكية ونقل داخلي كهربائي: 1–1.5 مليون.
– نادي اليخوت/المراسي الخفيفة وتجهيزات السلامة: 1.5–2.5 مليون.
الأسواق والوسط:
– تطوير سوق السمك “اختر واطبخ” ومطابخ السلامة: 1.5–2 مليون.
– تجميل واجهات السوق والوسط (إضاءة، تظليل، خدمات): 1–2 مليون.
التشغيل الناعم والبرامج السنوية:
– فعاليات ومهرجانات ومحتوى رقمي: 4–6 مليون/سنة.
– تدريب وجودة وخدمة ونظام تفتيش: 2 مليون/سنة.
– تسويق دولي وحوافز طيران: 3 مليون/سنة.
– برنامج “عافية الشمس” (تجهيزات خفيفة، دليل إرشادي، شراكات صحية، محتوى): 0.7–1.0 مليون/سنة.
إجمالي السنة الأولى (رأسمالي + تشغيلي): نحو 28–37 مليون دينار، مع ميل أعلى إذا اختيرت مواصفات فاخرة للكورنيش والمراسي.
التمويل والحَوْكمة المالية
مزيج PPP مع هيئة خاصة للمنطقة، رسوم امتياز مخفّضة للملتزمين بالسعر والجودة، عوائد رخص وأنشطة، رعاية تجارية (تسمية مهرجانات/ساحات)، ومِنَح بيئية صغيرة مقابل تعهّدات الاستدامة. لوحة مالية شهرية شفافة تربط الصرف بالمخرجات (إشغال، رضا، دوام نظافة، التزام سعر).
الاستدامة والبيئة
مدوّنة سلوك بحرية (مواقع غوص محددة، عدم لمس الشعاب، حظر المراسي العشوائية)، إدارة نفايات وتشجيع أدوات متعددة الاستخدام، مراقبة نوعية المياه ربع سنوي، وإشراك المدارس والجامعات في برامج توعية شاطئية.
بهذه الرزمة المتكاملة—المعطيات الواضحة، الحلول العملية، والمخرجات المقاسة—تنتقل العقبة من إمكانات مُعطلة إلى وجهة مكتملة الأركان تنافس شرم الشيخ بثقة: خدمة أفضل، أسعار أكثر عدلًا، منتج أوسع، وتجربة “عافية الشمس” التي تميزها وتُطيل إقامة الزائر وتزيد إنفاقه—بما يعود بالنفع المباشر على سكان المدينة واقتصادها.
