بعضها تم إهماله المباني القديمة والتراثية ..بيوت سجلت لمرحلة مهمة من تاريخ الأردن

كتبت: يسرى ابو عنيز ( 1-2)
البيوت القديمة في الأردن ..والتي سجلت الكثير منها لمرحلة مهمة في تاريخ المملكة،والتي كانت أيضاً في يوم من الأيام عامرة بناسها حيث تُقيم فيها الأسرة الممتدة.. بأجواء مليئة بالحب والألفة والمودة.. والتعاون بين أفراد هذه الأسر.. حيث الأجداد والأبناء وأبناء الأبناء..

هذه البيوت القديمة التي تم هجرها منذ عقود من قبل أصحابها ،كانت جزءاً لا يتجزأ من تراثنا الأردني الأصيل من حيث مكونات البيت ،والمواد المستخدمة في البناء من احجار وطين وتبن وخشب وقصيب وغيرها من المواد ،إضافة لدلالة هذه البيوت القديمة التي سجلت لمرحلة مهمة من تاريخ الأردن الحديث ،ووثقت لفترة ليست ببسيطة من حياة الأسرة في الأردن.

وفي هذه البيوت القديمة وبالذات تلك التي تسمى ب( العقود) نظام معماري فريد حيث الأقواس،والكواوير لتخزين الحبوب قديمًا ،والأعمدة والطاقات،والسقوف المبنية من القصيب والخشب والطين والتبن ،والأبواب القديمة ،إضافة لسمك الحائط في تلك البيوت لتصل أحياناً إلى أكثر من 30 سم.

وكانت هذه البيوت القديمة ،إضافة لكونها غرف للمعيشة والنوم ،واستقبال الضيوف هي كذلك أشبه بالمضافات في أيامنا هذه لإستقبال الزوار ،وإقامة المناسبات الاجتماعية المختلفة ،والاحتفالات العائلية حيث الألفة والمودة بين من يسكنون هذه البيوت ،ويجتمع فيها الجيران للسهرات خاصة في المناسبات وفي فصل الشتاء.

والبيوت القديمة التي بُنيت مع تأسيس الإمارة أو قبل ذلك في مناطق المملكة المختلفة مثل اربد ،السلط،الزرقاء،العقبة،الكرك،جرش،عجلون،مأدبا،الطفيلة
،معان،المفرق،والعاصمة عمان التي يزيد عددها في العاصمة عمّان عن 300 بيت،حيث تحولت بعضها إلى مكبات للنفايات ،أو مأوى للخارجين عن القانون والمشردين والمدمنين،وقد يكون هجر هذه البيوت بسبب الأوضاع الإقتصادية لأصحابها كالفقر،أو الهجرة من الريف إلى المدن،وقد يكون بسبب الهجرة من المملكة إلى الخارج ،او نتيجة للخلافات الأسرية على الورثة،وقد يكون لإرتباط هذه البيوت بجرائم قتل ،أو أحداث مأساوية وقعت في المكان.
غير أن بعض هذه البيوت تم ترميمها وتحويلها إلى مطاعم كما هو الحال لمطعم طبق القش في السلط الذي قامت بإنشائه الدكتورة فاطمة رجب النسور ،وهناك بيوت تم تحويلها إلى مراكز ثقافية مثل دارة الفنون،وبعضها تم تحويلها إلى متاحف مثل متحف الوهادنة للتراث الشعبي في منطقة الوهادنة في محافظة عجلون، ومتحف أبو عصام الشرع في منطقة راسون في محافظة عجلون،وبعض البيوت القديمة التراثية تم تحويله لقرية تراثية مثل قرية صمد التراثية في محافظة إربد.
غير أن الكثير من البيوت القديمة لا زالت مُهملة لغاية الآن ،ولا تجد من يقوم بترميمها أو استخدامها حتى أصبحت مُهملة وتحولت لمكبات للنفايات ،ومرتعاً للحشرات والقوارض،ومأوى لمن لا مأوى له من الخارجين عن القانون ،وغيرها من الأمور.
وزير الثقافة مصطفى الرواشدة أكد في تدوينة على منصة (X) “أهمية البيوت التراثية القديمة المنتشرة في المملكة ووصفها بمخزن الذاكرة ودفاتر السلالة ،ففي كل ركن منها ثمة حكاية وقصة وأسرار وكثير من الأحيان الفرح وكذلك الحزن”.
جاء ذلك بعد لقائه كوكبة من أبناء السلط الذين بادروا إلى ترميم بيوت الأجداد الأسبوع الماضي،مبينا” أن تلك البيوت كانت تشفق علينا صغاراً من حر الشمس ،والبرد،فتطوي على ضلوعنا أرديتها وتظللنا بدفء روحها، وجدرانها كانت صفحات لأحلامنا وأمنياتنا التي ظلت تنمو معنا كأشجار التين والزيتون والعنب التي تعربش أكتاف المكان”.
وقال” إن هذه البيوت تمثل هويتنا وتعبر عن ثقافتنا ،وتتجلى في ديمومتها وإدامتها العلاقة الجدلية بين الإنسان والمكان والزمان،وتحديداً البيوت التراثية التي تنتشر في مدن المملكة ،ولكل من هذه البيوت حكايه وقصة ورواية وهي تمثل آية عمرانية وجمالية وفنية هندسية تشهد على تحولات المكان والعمران وبعض هذه البيوت تحتاج إلى ترميم وبث الحياة فيه وإنعاش من خلال النشاطات والبرامج الثقافية وتحويلها إلى فضاءات للإبداع ومتاحف تراثية ومكتبات لخدمة المجتمع.”
وأشار وزير الثقافة في تدوينته إلى أن”وزارة الثقافة بموازاة إعلانها عن منصة تراثي التي ستُطلق مطلع تشرين الثاني المقبل بادرت إلى دراسة وإصدار خريطة للبيوت والمباني التراثية ،داعياً أصحاب البيوت التراثية القديمة والمجتمع إلى إعادة الروح إلى تلك البيوت.”
رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية الباحث والمؤرخ الدكتور أحمد الشريدة قال أنه تم خلال الفترة العثمانية بناء العديد من البيوت والمضافات في معظم القرى الأردنية وبشكل خاص في قرى شمال الأردن ،حيث كانت هذه البيوت عبارة عن عقود يجتمع بها أبناء العائلة الممتدة ،ويكون هناك مضافة لكل عشيرة أو عائلة لتبادل التهاني والتعازي وإقامة المناسبات ،وإقامة التعاليل فيها كل يوم خميس من كل أسبوع.
وأضاف الدكتور الشريدة أن هذه المضافات كانت عبارة عن مراكز ثقافية مفتوحة ،حيث شكلت هذه المضافات والعقود التي كانت موجودة خلال الفترة العثمانية وبداية الحكم الهاشمي مراكز ثقافية وسياسية واجتماعية حيث كان يتم فيها بحث الأمور العامة التي تهم المواطنين ،والأمور الإجتماعية مثل العزيات والعطوات والساحات ،ومناسبات إجتماعية ،وكان فيها ما يُعرف بالمركز الثقافي وقول القصص والروايات القديمة مثل الزير سالم ،وأبو زيد الهلالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى