جامعات خاصة… وجدارا حكاية الحلم الذي صار واقعًا”

بقلم د. انوار عبد النبي
شهد الأردن خلال العقود الأخيرة نهضة واضحة في ميدان التعليم العالي، فقد كانت الجامعات الخاصة بمثابة استجابة حقيقية لتطلعات المجتمع، ورغبة متزايدة لدى الشباب في امتلاك فرصة تعليمية نوعية تتجاوز حدود التقليد، وتفتح آفاقًا أوسع أمام الطموح. هذه الجامعات لم تكن مجرد مبانٍ وكليات، بل قصصًا متتابعة من السعي نحو التميز والارتقاء بالمستوى العلمي والبحثي.
ومع مرور السنوات، أخذت الجامعات الخاصة تتوسع وتترسخ حضورًا في المشهد التعليمي الأردني، حتى باتت رافدًا مهمًا لا يقل شأنًا عن الجامعات الرسمية، بل يكمّلها ويغنيها. فالتخصصات تنوعت، والبرامج الأكاديمية تطورت، والطلبة وجدوا أمامهم مساحة أرحب لاختيار ما يناسب ميولهم وقدراتهم.
جامعة جدارا إشراقة خاصة في سماء التعليم
في قلب هذه المسيرة، برز اسم جامعة جدارا كإحدى العلامات الفارقة في تجربة التعليم العالي الخاص. تأسست الجامعة على رؤية واضحة، جعلت من الجودة والتميز نهجًا، ومن خدمة المجتمع رسالة، ومن الانفتاح على العالم هدفًا. موقعها على بوابة الشمال الأردني منحها ميزة إضافية، حيث تجتمع الطبيعة الهادئة مع بيئة علمية محفزة، لتكون الوجهة المفضلة للكثير من الطلبة.
ما يميز جدارا حقًا ليس مبانيها وحدها، بل روحها المؤسسية. فالكليات بتنوعها، من الهندسة والصيدلة إلى الأعمال واللغات، تعكس إدراكًا عميقًا لاحتياجات العصر. والمرافق التي جُهزت بعناية، من مختبرات وقاعات ومراكز بحث، تُترجم عمليًا فكرة أن الجامعة ليست مكانًا للتلقين فقط، بل فضاءً للإبداع والاكتشاف.
أما الكادر التدريسي والإداري، فهو الركيزة الأساسية التي أعطت للجامعة حضورها القوي. فقد سعت جدارا إلى استقطاب كفاءات متميزة، تجمع بين الخبرة الأكاديمية والقدرة على الإلهام والتأثير في الطلبة. ويأتي دور مجلس الإدارة ومجلس الأمناء ليعزز هذه المسيرة، برؤية استراتيجية تضمن أن تبقى الجامعة على مسار التطور والتجدد الدائم.
ومن العلامات البارزة في مسيرة الجامعة، يبرز اسم الدكتور شكري المراشدة الذي كان له دور فاعل ومؤثر في نهضة جدارا وتطورها. فقد آمن منذ البدايات بأن الجامعة ليست مشروعًا تعليميًا فحسب، بل رسالة وطنية وإنسانية تستحق أن تُبنى على أسس راسخة من الجودة والطموح. كانت بصمته واضحة في دفع الجامعة نحو التميز، من خلال دعمه المستمر، ورؤيته الاستراتيجية التي ساعدت على بناء كلياتها، وتطوير مرافقها، وتعزيز حضورها الأكاديمي والمجتمعي. لقد اقترن اسمه بروح الإصرار على أن تكون جدارا جامعة قادرة على المنافسة، وأن تواكب متغيرات العصر، وتخدم أبناء الوطن بما يليق بطموحاتهم.
ومن اللافت أيضًا أن الجامعة لم تكتفِ بدورها التعليمي فقط، بل جعلت من البحث العلمي نشاطًا أصيلًا في بنيتها، ومن خدمة المجتمع غاية ملازمة لمسيرتها. المؤتمرات العلمية والأنشطة الطلابية والبرامج اللامنهجية تشكل جميعها ملامح جامعة تعي تمامًا أن رسالتها لا تقتصر على قاعات الدراسة، بل تمتد إلى تشكيل وعي الطالب وإعداده لمواجهة تحديات الحياة.
التعليم نهضة وأمل
إن التعليم ليس جدرانًا ولا شهاداتٍ تُعلَّق على الحائط، بل هو فعل نهضة وحياة، ومشروع أمة تُعيد صياغة مستقبلها عبر عقول أبنائها. الجامعات، وفي مقدمتها جامعة جدارا، ليست مجرد مؤسسات تُخرّج طلبة، بل مصانع للأمل، ومرايا تعكس صورة الوطن وهو يراهن على المعرفة كقوة لا تُهزم.
وحين ننظر إلى مسيرة هذه الصروح، ندرك أن كل قاعةٍ تُضاء، وكل مختبرٍ يُنشأ، وكل محاضرةٍ تُلقى، هي في حقيقتها لبنة في بناء نهضة الأردن. فالعلم لا يُقاس بعدد الكتب أو الامتحانات، بل بقدرة الجامعة على أن تُخرّج إنسانًا يؤمن بالمسؤولية، ويصنع فارقًا في الحياة.
من هنا، تصبح الجامعات الخاصة الأردنية – وجدارا بوجهٍ خاص – شاهدًا على أن المستقبل لا يُمنح، بل يُصنع. وأن المعرفة، حين تُزرع بصدق، تتحول إلى شجرة ظلها ممتد، وثمرها متجدد، وأثرها خالد في مسيرة وطنٍ يسعى إلى أن يكون كما أراده أبناؤه: عظيمًا بالعلم، راسخًا بالقيم، ومضيئًا بالأمل.