صحافة الهاتف المحمول: البداية والتطور

علي سليمان النجادات
شهدت وسائل الإعلام والإتصال في عصرنا الراهن نقلة نوعية، إنتقلت بها إلى مرحلة متطورة تُعرف بمرحلة الميديا الجديدة، والتي إرتبطت بإنتشار الإنترنت وظهور الوسائط الإتصالية الحديثة، وقد أفرز هذا التطور ما يُعرف بالإعلام الرقمي أو ما يسمى بالثورة الرقمية التي إنعكست بوضوح على تطور الأجهزة الذكية وأدوات الإتصال التكنولوجي.
أسهمت هذه الثورة في إحداث نقلة بارزة، إذ باتت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياة الأفراد، سواء في إستخدامها الشخصي لمواكبة مستجدات العصر أو في توظيفها للإطلاع على الأخبار المحلية والعالمية ومتابعة الأحداث أولاً بأول مع إمكانية التفاعل معها بسرعة وسهولة.
ومن أبرز نتائج هذا التحول ظهور صحافة الموبايل، التي إنتشرت على نطاق واسع بين الصحفيين والإعلاميين وأصبحت وسيلة مفضلة لنقل الأخبار.
وتُعد صحافة الموبايل ظاهرة إعلامية حديثة تعتمد بشكل أساسي على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لنشر المعلومات وبث الأخبار بمرونة وسرعة فائقة.
بدأت ملامح صحافة الموبايل بالظهور عندما إستخدم أحد الإعلاميين الموبايل ابان حرب العراق عام 2003 مع بداية الغزو الأمريكي، ثم في عام 2004 نشرت صحيفة نيويورك تايمز لأول مرة على صفحاتها صورة ملتقطة بجهاز موبايل.
ويُحسب ان البداية الأولى لصحافة الموبايل كانت عام 2005 في الصحافة الإخبارية بفورت مايرز فلوريدا، حيث شاع إستخدام مصطلح mojo وهو إختصار ل mopile journalism، وهذا المصطلح يستخدم حالياً في سلسلة صحف جانيت في الولايات المتحدة.
يمكن تعريف صحافة الموبايل بشكل مبسط بأنها عملية جمع الأخبار ونشرها بإستخدام هاتف ذكي أو جهاز لوحي، وهو إتجاه جديد في تغطية الإخبار وبثها.
مرت صحافة الموبايل بعدة مراحل من التطور حتى وصلت إلى شكلها الحالي، ومن أبرز هذه التحولات: بداية إيجاد الرسالة النصية وتبادلها بين الناس (إخبار بعضهم بما يحدث) وإنتشار الإنترنت، ما حول العالم إلى قرية صغيرة دون أي حدود تذكر، وتطور كاميرا الهاتف من ناحية الدقة، العدد، البيكسل، وتوفر التقنيات المهمة المساعدة، وظهور التطبيقات الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي التي أسهمت في تعزيز سرعة النشر والوصول إلى جمهور أوسع، وجعلت من كل صحفي أو حتى مواطن قادراً على أن يكون ناقلاً للحدث.
ما يميز القصص المنتجه بالهاتف المحمول هو تركيزها على المضمون وقربها من الناس، فالتواصل المباشر ساعد على تقبل الناس للأفكار والتلقائية ، كما ان االتحدي الأساسي في عدم ثقة البعض بالموبايل مرده الشكل غير الإحترافي الذي يعمل به بعض الصحفيين.
يمكن الإستنتاج مما سبق ان الهاتف المحمول يؤثر على جودة المحتوى من خلال الإمكانيات التقنية والتطبيقات المتاحة والوقت والموارد، وعلى دقة المعلومات من خلال السرعة مقابل الدقة والتحقق من المصادر وضغط المنافسة، وعلى الجمهور من خلال زيادة التفاعل وإنتشار الأخبار الزائفة وتغيير عادات الإستهلاك.
ومن الأمثلة الحديثة على صحافة الموبايل في الأردن تغطية جائحة covid – 19 وتغطية الانتخابات النيابية 2020 وتغطية الإحتجاجات الإجتماعية مثل إحتجاجات إضراب المعلمين 2019 و 2020 وتغطية الأحداث الطارئة والكوارث الطبيعية مثل فيضانات البحر الميت 2018.
يمكن القول أن صحافة الهاتف المحمول تعد تحولاً جوهرياً في مسار تطور الإعلام، إذ لم تعد الأخبار حكراً على المؤسسات الإعلامية الكبرى، بل أصبحت في متناول يد كل صحفي بل وحتى المواطن العادي، فقد وفرت الهواتف الذكية أدوات متكاملة للتصوير والتحرير والنشر، مما أتاح سرعة الوصول إلى المعلومة وتوسيع دائرة التفاعل مع الجمهور.
ان هذا التحول لم يُغير فقط من آليات العمل الصحفي، بل أعاد تشكيل العلاقة بين الإعلام والمتلقي، وجعل من الهاتف المحمول غرفة أخبار متنلقة تعكس روح العصر الرقمي.
علي سليمان النجادات