أشرف مروان.. الجاسوس الذي قلب موازين حرب أكتوبر وخدع إسرائيل

قصة أشرف مروان، أو كما أطلق عليه جهاز الموساد الإسرائيلي لقب “الملاك”، ما زالت حتى اليوم واحدة من أكثر الملفات الاستخباراتية إثارة للجدل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. وسائل الإعلام العبرية تعود بين الحين والآخر لتسليط الضوء على الدور الغامض لهذا الرجل، الذي قُدم في إسرائيل كـ “أعظم جاسوس”، لكن الوثائق والتحقيقات الأخيرة تكشف أنه كان في الحقيقة رأس الحربة في خطة خداع مصرية محكمة، أدت إلى تضليل تل أبيب بشكل غير مسبوق قبل حرب أكتوبر 1973.

أشرف مروان
أشرف مروان

إقرأ أيضا : حقيقة الإعفاء الجمركي على الهواتف المحمولة للمصريين القادمين من الخارج

 خدعة كبرى قلبت الطاولة

ذكرت القناة السابعة العبرية أن “الملاك” لم يكن عميلاً مخلصًا لإسرائيل كما روجت في السابق، بل كان جزءًا من عملية تضليل واسعة ساعدت مصر في تحقيق عنصر المفاجأة. التحقيق الذي نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” وأعده الصحفي رونين بيرغمان، كشف عن ثروة من المعلومات الاستخباراتية التي لم يتم الإعلان عنها سابقًا، وأكد أن مروان كان يعمل لمصلحة مصر، واستطاع عبر تحركاته أن يزرع ثقة زائفة في جهاز المخابرات الإسرائيلي، مما أدى إلى فشل ذريع في قراءة نوايا القاهرة ودمشق.

أشرف مروان
أشرف مروان

تضليل ممنهج للموساد

المحلل العسكري عوزي باروخ أوضح أن إخفاقات الموساد في التعامل مع مروان كانت كارثية. فابتداءً من أغسطس 1973، شارك مروان في اجتماعات سرية بين الرئيسين المصري والسوري، حيث تم تحديد موعد الهجوم يوم السادس من أكتوبر. إلا أن ما نقله إلى مشغليه في إسرائيل كان مختلفًا تمامًا؛ إذ زودهم بمعلومات خاطئة عن مواعيد غير دقيقة، وتوقعات بأن الحرب قد لا تقع، بينما كانت القوات المصرية والسورية تستعد لأكبر هجوم منسق على إسرائيل منذ تأسيسها.

إقرأ أيضا: مصر.. القصة الكاملة لحريق المحلة بعد وفاة 11 شخصاً و 35 مصاباً

 الحرب التي غيرت مسار الشرق الأوسط

التحذير الغامض الذي أرسله مروان عشية الحرب لم يكن كافيًا، وجاء متأخرًا جدًا، ليجد الجيش الإسرائيلي نفسه أمام مفاجأة كاملة على جبهتي القناة والجولان. النتيجة كانت مقتل أكثر من 2400 جندي إسرائيلي، وفق القناة السابعة، وهو ما اعتُبر فشلاً استخباراتيًا غير مسبوق ألقى بظلاله على المؤسسة العسكرية والسياسية في تل أبيب لسنوات طويلة.

أشرف مروان
أشرف مروان

 الدروس المستفادة

التحقيقات الأخيرة تؤكد أن مروان لم يكن “أفضل عميل للموساد”، بل العكس، فقد كان “الحلقة الذهبية” في خطة خداع مصرية بارعة. هذه الخطة لم تقتصر على إرسال معلومات مضللة، بل شملت بناء ثقة طويلة المدى بينه وبين الإسرائيليين، ما جعلهم يغضون الطرف عن إشارات التحذير التي كانت تلمح إلى حقيقة ولائه.

وتشير التحليلات إلى أن ما فعله أشرف مروان يعكس براعة المخابرات المصرية في إدارة الحرب النفسية والاستخباراتية، الأمر الذي منح القوات المسلحة المصرية ميزة استراتيجية هائلة في بداية المعارك.

أشرف مروان
أشرف مروان

قصة “الملاك” تظل مثالًا حيًا على أن الاستخبارات ليست فقط جمع معلومات، بل أيضًا القدرة على تضليل الخصم وزرع الثقة الزائفة. وما أثبتته الوثائق الإسرائيلية اليوم أن أشرف مروان لم يكن خائنًا لبلده، بل بطلًا من نوع خاص ساعد مصر على كتابة واحدة من أعظم صفحات تاريخها العسكري في حرب أكتوبر 1973.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى