التطورات التكنولوجية في مجال الصحافة الرقمية وتأثيرها على المصداقية

علي سليمان النجادات
أحدثت التطورات التكنولوجية نقلة نوعية في مجال الصحافة الرقمية، حيث أتاحت لها سرعة الوصول إلى المعلومات وتوسيع دائرة النشر والتفاعل مع الجمهور، ورغم ذلك فقد أثارت هذه التحولات إشكالية تتعلق بمصداقية الأخبار، نتيجة إنتشار الشائعات والمعلومات غير الموثوقة عبر المنصات الرقمية، مما جعل قضية التحقق من صحة المحتوى أحد أبرز التحديات أمام الصحافة الحديثة.

ظهر الإعلام الرقمي منذ عام 2010 تقريباً من خلال وسائل إعلام تقليدية إلى إلكترونية، إلى رقمية طرأت على وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة، إلى إعلام جديد تمثل بالهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، وكذلك إلى الرقمية التي طرأت على الأقمار الصناعية والهواتف الذكية، والتي ساهمت هي الأخرى بشكل كبير في المجال الإعلامي، وذلك بفضل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي نتج عنها الثورة الرقمية التي نشهدها اليوم.

تمثلت ثورة الإتصال الخامسة في إستخدام الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت، لنقل البيانات والصور والرسوم والصوت عبر الدول والقارات بطرق فورية، كذلك أتاحت التكنولوجيا ظهور خدمات عديدة ومتنوعة، لتلبية حاجات الأفراد إلى المعلومات والترفيه مثل الحاسبات الشخصية المتنقلة، والأقمار الصناعية، والإتصال الكابلي، ومايكروويف، والألياف الضوئية، والإتصالات الرقمية، وأدى ذلك إلى ظهور خدمات الإتصال الجديدة مثل التلفزيون الكابلي والفيديو كاسيت وغيرها الكثير.

أدى هذا الإنتشار الواسع لتكنولوجيا الإعلام والإتصال الحديثة إلى زيادة إلتفاف الجماهير حولها والإستفادة مما تقدمه من خدمات إتصالية وإعلامية في شتى الميادين.

ففي مجال الصحافة الرقمية أحدثت تكنولوجيا الإعلام والإتصال الحديثة تغييرات جذرية، حيث أثرت بشكل كبير على كيفية جمع الأخبار وتحريرها وتوزيعها وإستهلاكها وذلك من خلال إستخدام بعض التقنيات الحديثة مثل الذكاء الإصطناعي ومنصات التواصل الاجتماعي والواقع المعزز والواقع الإفتراضي وغيرها.

أصبحت دراسة مصداقية وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية من الموضوعات البحثية المهمة لفهم مجال الإتصال والإعلام، خاصة مع إتساع نطاق الجدل مع ما يشهده العالم العربي من تطورات وأزمات متلاحقة شكلت تحدياً لوسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية في تناول هذه الأحداث بما يتفق وقواعد وحدود المعايير الإعلامية والأخلاقية،وعليه تعد مصداقية وسائل الإعلام أحد العناصر المهمة في تقييم الأداء الإعلامي على مختلف الوسائل الإعلامية.

الصحافة الرقمية صحافة تعتمد على الإنترنت، ومنصات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية وغيرها، كمصادر رئيسية لتوزيع الأخبار والمعلومات، ومن هنا يمكن لنا أن نكتشف مدى الإيجابيات فيها من سرعة في الإنتشار، وزيادة أكثر في التفاعل وإعطاء الجمهور دور اكبر في التشاركية مع الأخبار وغيرها، إلى سلبيات يمكن ان تكون في تآكل الثقة بسبب الأخبار الزائفة، وزيادة الأخطاء في التقارير بسبب الصعوبة في التمييز بين الحقيقي والمزيف، كما يؤدي تدفق المعلومات من مصادر متعددة إلى تشويش الجمهور وصعوبة التمييز بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة.

يتضح ان التكنولوجيا قد أحدثت تحولاً كبيراً في كيفية إنتاج وإستهلاك الأخبار، وعلى الرغم من ان هذه التطورات وفرت فرصاً هائلة لتعزيز وصول المعلومات وتوسيع نطاق التغطية الإخبارية، إلا أنها جلبت معها تحديات كبيرة تتعلق بمصداقية المحتوى الإعلامي.

فمن الضروري ان تتبنى المؤسسات الإعلامية إسترتيجيات مبتكرة لتحسين مصداقية الأخبار في العصر الرقمي، مع التركيز على توعية الجمهور وتعزيز قدرته على تمييز الحقيقة من التضليل، فالمصداقية تظل حجر الزاوية في الصحافة، وضمانها في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة يمثل التحدي الأكبر للصحافة الرقمية في المستقبل.
علي سليمان النجادات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى