سبعة مبتكرون عرب يرسمون ملامح مستقبل الابتكار العلمي في الموسم السابع عشر من برنامج “نجوم العلوم” التابع لمؤسسة قطر
ابتكارات شبابية لمواجهة تحديات في الجراحة، والصحة، والاستدامة البيئية، باستخدام تقنيات متقدمة
ابتكارات شبابية لمواجهة تحديات في الجراحة، والصحة، والاستدامة البيئية، باستخدام تقنيات متقدمة
بدايةً من الأنظمة الجراحية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى أجهزة الرعاية الصحية القابلة للارتداء، يُؤكد المتنافسون السبعة المتأهلون لنهائيات الموسم السابع عشر من برنامج “نجوم العلوم” على أن التحديات الإقليمية تستدعي حلولاً تلبي احتياجات المنطقة. وتعكس ابتكاراتهم القائمة على تجارب والمدفوعة بالتزامهم بإحداث طفرة نوعية، تحولاً جذريًا في آليات تطبيق الشباب العربي للعلوم، وما تشتمل عليه من رؤية جلية وتعاون بنّاء وهدف طموح.
ومنذ انطلاقه في عام 2009، أصبح برنامج “نجوم العلوم”، الذي تستضيفه واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، عضو مؤسسة قطر، محفزًا للابتكار في العالم العربي. وقد شهد البرنامج بث أكثر من 313 حلقة منذ الموسم الأول، إلى جانب مشاركة 175 خريجًا من 18 دولة عربية، وساعد خريجيه في إطلاق أكثر من 55 شركة في مختلف القطاعات الحيوية.
رواد الجراحة
اختير محمد كاهنة من تونس، الحاصل على درجة البكالوريوس في تكنولوجيا الجراحة، لتطوير نظام توجيه جراحي آني يحاكي دور نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ولكن في غرفة العمليات. وقد صُمم الجهاز خصيصًا لدعم جراحات المناظير، ويعتمد في عمله على إرسال إشارات بصرية وسمعية بالغة الدقة للمساعدة في توجيه الجراحين عند إجراء عمليات معقدة. ويعزز ابتكار كاهنة آفاق الدقة الجراحية، حيث يعلق قائلاً: “أرغب في أن يضمن هذا النظام توفير إرشادات واضحة للجراحين في أشد اللحظات حرجًا خلال العمليات الجراحية”.
وفي سياق تحسين نتائج العمليات الجراحية، يركز خلدون مقدادي من الأردن، الحاصل على درجة الماجستير في علم الأعصاب الحاسوبي والروبوتات المعرفية، على إقناع لجنة التحكيم لقبوله من أجل تطوير نموذج محاكاة ثلاثية الأبعاد للشريان التاجي، يسمح للجراحين بالتدرب على عمليات تحويل مسار الشريان التاجي عبر نماذج تشريحية مُولّدة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يشكل طفرةً في التخطيط المسبق للعمليات الجراحية. ويوضح مقدادي ابتكاره فيقول: “إنها محاكاة افتراضية تسبق التطبيق الفعلي، حيث تمنح الجراحين فرصةً الاستعداد لإجراء العمليات الجراحية بدقة متناهية، وهو ما يؤدي إلى تنفيذ عمليات جراحية أكثر أمانًا ودقة”. وتدفع مثل هذه الابتكارات عجلة الاستثمار الإقليمي في تقنيات رائدة، تدعم الدقة وتحد من إمكانية وقوع المخاطر المحتملة.
تعزيز التحوّل الأخضر
مع التوسع في استخدام وسائل النقل الكهربائية بمنطقة الخليج العربي، يعكف محمد الشيخ صالح من الأردن على تطوير نظام يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بأعطال بطاريات السيارات الكهربائية في الوقت الفعلي، من خلال النمذجة القياسية للفيزياء. ويتحدث صالح، الحاصل على درجة الدكتوراه في هندسة الحاسوب والهندسة الكهربائية، عن ابتكاره فيقول: “تفتقر معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الشفافية، وقد سعيت إلى تطوير نظام أكثر موثوقية فيه، وقائم على بيانات فيزيائية حقيقية”. وفي ظل التوقعات بوصول حجم سوق السيارات الكهربائية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 10.44 مليار دولار بحلول عام 2034، يدعم النظام الذي يطوره صالح طموحات المنطقة في التحول إلى الطاقة الخضراء.
حماية النظم البيئية البحرية
بعد حصوله على درجة الماجستير في علوم البحار والثروة السمكية، استلهم محمد المر السالمي ابتكاره من القطاع البحري العُماني، ليطور رذاذًا إنزيميًا يمنع تراكم البكتيريا على الأسطح المغمورة بالماء، وهو يُعدُ بديلاً بيئيًا مأمونًا للطلاءات الكيميائية البحرية السامة. وحول ذلك، يقول السالمي: “يمثل المحيط شريان الحياة لاقتصادنا، وهو ما دفعني إلى تعزيز حمايته”. ويتسق ابتكار السالمي مع أهداف التعاون البيئي الحالي بين سلطنة عُمان ودولة قطر، لا سيما وأن المساحة المحمية من البيئة البحرية في قطر تغطي ما يزيد عن 2.5 بالمئة من أراضيها.
الرفاه والصحة النفسية
يسعى الجزائري العيد دردابو إلى تعزيز الصحة النفسية من خلال جهاز تتبع مدمج في ساعة ذكية يراقب مستويات فيتامين “د” والمؤشرات الحيوية الأخرى في الوقت الفعلي، ليساعد المستخدمين على فهم صحتهم النفسية وإدارتها بصورة أفضل. وصرَّح المتسابق، الذي يجتهد للحصول على شهادته الثانية في الدكتوراه في مجال التغذية الحيوانية: “إذا كانت التكنولوجيا قادرة على تتبع كافة خطواتنا، فمن الأجدر أن تساعدنا على تتبع مشاعرنا”. ويقدم جهازه حلاً فعالاً لمشكلة صحية ملحة في منطقة تُعد فيها معدلات نقص فيتامين (د) من بين الأعلى على مستوى العالم.
وبينما تستكمل مسيرتها الأكاديمية للحصول على درجة الدكتوراه في الهندسة الطبية الحيوية، تُركز السعودية رزان باهبري على إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية عبر العلاج المُدمج بألعاب الفيديو، حيث يُحوّل ابتكارها رحلة التعافي إلى تمارين تفاعلية قائمة على الألعاب من ناحية، ومن ناحية أخري يمكّن مقدمي الرعاية الصحية من مُتابعة المرضى عن بُعد. وتشير رزان إلى أن “إعادة التأهيل ينبغي ألا تكون تقليدية ومكررة”. وقد أظهرت الأبحاث أن المنصات التفاعلية على غرار “FitMi” تُضاعف حركة المريض بمقدار ثلاث مرات مُقارنةً بنظم العلاج التقليدية.
طب مستوحى من الطبيعة
بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الصيدلة، استلهم المبتكر الجزائري رياض حاج حبيب ابتكاره من الطبيعة، حيث يعتمد النظام الذي ابتكره على خاصية طبيعية موجودة في سم العقرب لحماية أدوية علاج السرطان من إمكانية تثبيط الجهاز المناعي لها، وهو ما يُحسّن دقة علاج أمراض مثل السرطان. وعلق حبيب على ابتكاره، فقال “قد يبدو الأمر ثوريًا، لكنه يستند إلى مبدأ المحاكاة البيولوجية، وهو علم استخدام النماذج الطبيعية لتشجيع الابتكار البشري”. وبدايةً من أسطح المستشفيات المستوحاة من جلد سمك القرش وصولاً إلى القطارات فائقة السرعة المصممة على شكل طائر الرفراف، لطالما حفزت المحاكاة الحيوية الاكتشافات العلمية، وابتكاره ما هو إلا امتداد لهذا الإرث.
وقد برهن المتسابقون السبعة المشاركون في الموسم السابع عشر على أنه عندما يُتاح للمبتكرين العرب المساحة والدعم والإرشاد، فإنهم يبتكرون تقنيات لا تواكب الاتجاهات العالمية فحسب، بل تتفوق عليها. وتعكس جهودهم نضجًا متزايدًا في مجال الابتكار بالمنطقة، حيث أصبح حل المشكلات المحلية يشكل تحديًا علميًا وواجبًا اجتماعيًا في آنٍ واحد.
ادعموا المبتكرين الذين يساهمون في رسم ملامح مستقبل منطقتنا. تابعونا لمشاهدة آخر المستجدات المتعلقة بابتكاراتهم في برنامج “نجوم العلوم”، الذي تُبث حلقاته أسبوعيًا عبر العديد من القنوات الإقليمية وعلى شبكة الإنترنت، حتى أكتوبر 2025.