عملاء غزة من الخيانة العلنية الى التصفية الميدانية اقتلوهم حيث وجدتموهم !

د . مهدي مبارك عبد الله

في زمن أصبح فيه الوطن لدى البعض سلعة تباع على ارصفة المصالح وطاولات الصفقات ويرهن بثمن بخس بعدما ماتت الرجولة وخذلت الانسانية وفقدت الشهامة وانحصرت مواقف البطولة وساد الصمت والخذلان والعار والجبن ودفنت القيم والمبادئ تحت اقدام الاقزام المطبعين والخائنين واعتلت صيحات المحاسبة وتعليق المشانق في الساحات العامة وتفريغ الرصاص ميدانيا في اجساد العملاء ليكونوا عبرة لكل خائن لوطنه

جهاز أمن المقاومة شكل مؤخرا قوة ضاربة باسم ” رادع ” لتنفيذ عملية أمنية شاملة لتطهير الجبهة الداخلية وحماية شعبها ومقاومتها باستهداف المتورطين بالتعاون مع الاحتلال وكل من يتستر عليهم وملاحقة اللصوص وقطاع الطرق وعصابات المرتزقة وأوكار الجريمة وأذناب الاحتلال من أجل استعادة الأمن والاستقرار في المناطق التي انسحبت منها قوات الاحتلال

العمالة جريمة ليس لها أي مبررات مقبولة ولا شفاعة او عفو لمن يقوم بهذا الفعل الشنيع والمنافي للدين والشرف والكرامة حتى من يخونون وطنهم لمصلحتهم ستجدهم أكثر الناس احتقارا لهم وعدم ثقة بهم فمن يبيع وطنه سيبيع كل أوطان الأرض فكيف لنا أن نتهاون مع من يبيع وطنه ويتآمر عليه مع الأعداء ويجعل من النذالة خيار حر ووجهة نظر مستقلة بعيدا عن عار لا يمحوه الزمان وهؤلاء العملاء يستحقون أقصى عقوبات القتل فلا ترحموهم وأخرجوهم من جحور الذل وجروهم من أوكار الخيانة واسحبوهم من تحت الركام الملوث كما تُسحب الجيف النتنة والقوا بهم الى حتميتهم المخزية ونهايتهم المهينة فلا ثقه في خائن ولا كرامه لمن باع ضميره ووطنه

ربما لم يكن مشهد الإعدامات الميدانية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في غزة بحق العملاء والخونة حدثا طارئا لكل من يعرف طبيعة المعركة وحجم الدماء التي سالت بفعل خيانتهم فمن خان وطنه وفتح الأبواب لجنود الاحتلال كي يقتلوا الأطفال والنساء ويدمروا البيوت فوق ساكنيها لا يستحق إلا الحساب الصارم بلا هوادة او شفقة وتحية اكبار واعتزاز للشيخ الوطني الشريف حسين المغني رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر في غزة والذي كشف العديد من التصرفات الخيانية لهذه العصابات المجرمة

اليوم وبعد استعادة المقاومة السيطرة على مناطق واسعة في غزة بدأ مسار التطهير الأمني والاجتماعي لأولئك الاوغاد الذين رهنوا أنفسهم للعدو مقابل حفنة مال أو وعود بالنجاة فلم يكونوا مجرد متعاونين بل تحول كثيرون منهم إلى مليشيات وعصابات عميلة شكلها الاحتلال ودعمتها أحيانا أطراف داخلية وزودتها بالمال والسلاح والمعلومة لتكون أدوات قذرة لتمزيق النسيج الوطني وإشعال الفتنة و الفوضى في غزة وهذه الإعدامات الميدانية السريعة في هذا التوقيت تحمل رسالة ردع مزدوجة وقوية من قبل المقاومة الاولى داخلية موجهة إلى أي شخص يفكر في التعاون مع الاحتلال أو تحدي سلطة المقاومة، مفادها أن لا تهاون على الإطلاق مع الخونة وأن القبضة الأمنية للمقاومة قد عادت بقوة والثانية رسالة خارجية موجهة إلى أجهزة استخبارات الاحتلال، مفادها أن أي شبكات عملاء تم زرعها خلال فترة الحرب سيتم تفكيكها والقضاء عليها بسرعة وحزم

منذ سنوات ما بعد الانقسام الفلسطيني عملت أجهزة الاحتلال على بناء شبكات خفية داخل غزة تحت غطاء إنساني وتجاري واجتماعي وقد استخدمت إسرائيل أدوات الاتصال الحديثة والتطبيقات المشفرة وأقامت ما يشبه غرف السيطرة داخل قواعدها المحيطة بالقطاع لتوجيه العملاء وإدارة عملياتهم وقد تمكنت المقاومة عبر الاعوام الماضية من تفكيك عشرات الخلايا التي زرعت بين الناس بهدف جمع المعلومات عن أنفاق المقاومة ومخازن السلاح وتحركات القيادات الميدانية لكن الحرب الأخيرة أظهرت الحجم الحقيقي لهذه الخلايا ومدى تضخمها وتغلغلها في النسيج الاجتماعي بعد سنوات طويلة من الحصار والاستهداف المنهجي للمجتمع الغزي

الاحتلال لم يكتف بتجنيد أفراد منفصلين بل عمل على بناء ميليشيات عائلية ومنظمات محلية صغيرة ترفع شعارات مدنية في ظاهرها وتخفي مهاما أمنية في باطنها ودعمها بالسلاح الخفيف والمركبات ووسائل الاتصال ووعد عناصرها بدور سياسي متميز بعد الحرب كما فعل في جنوب لبنان عندما أنشأ جيش سعد حداد ومن بعده ميليشيات أنطوان لحد والفكرة ذاتها تكررت في غزة لكن بوجوه مختلفة وأسماء جديدة غير أن سقوط هذه المجاميع السريع كشف هشاشتها وانعدام عقيدتها الوطنية حيث تحولت عند أول مواجهة إلى عصابات نهب وفرق لصوص وقتل وانفض الناس عنها كما تنفض الريح الغبار في الاجواء

داخل هذه الشبكات ظهرت جماعات وعائلات تورطت في تسليم المقاومين ومهاجمة نقاط المقاومة وسرقة المساعدات واحتجاز شاحنات الإغاثة ومنهم عملاء ساروا أمام القوات الإسرائيلية لتحديد مواقع الأسرى وكشف الأنفاق والارشاد للمخابئ حيث كانوا يوجهون الطائرات إلى أهدافها ويبيعون معلومات عن أماكن تجمع المدنيين مقابل الحصول على مصالح شخصية دنيئة

معظم العصابات الاجرامية لم تكتف بالتجسس بل شاركت في جرائم قتل ميدانية وعمليات إعدام مباشرة بحق عائلات بأكملها في الشجاعية وخان يونس ورفح كما كانوا يسهلون وصول الجنود والمعدات إلى داخل الأحياء ويفتحون الأبواب أمام نهب المساعدات وبيعها في السوق السوداء بينما الأطفال والشيوخ والنساء يموتون من هول الجوع وانعدام الدواء والماء

ما يميز غزة اليوم أن الشارع الغزي هو الذي طالب المقاومة بتطهير الداخل من العملاء والخونة قبل أن تتحرك الأجهزة الأمنية نفسها فبعد سنتين من المعاناة وجرائم السرقة والتبليغ والتواطؤ شعر الناس بأن أمنهم لا يمكن أن يعود ما لم يستأصل هذا الورم السرطاني الخبيث من الجسد الوطني ولهذا خرجت أصوات كثيرة في المخيمات تطالب علنا بالمحاسبة الصارمة وتدعو إلى حماية المقاومة لا انتقادها في مجتمع يواجه الإبادة يوميا ولا مجال للحياد بين خائن ومقاوم وبين من يفتح الباب للدبابة ومن يحفر النفق للدفاع عن بيته

المقاومة تصرفت وفق معيار واضح ان من يتآمر مع العدو في زمن الحرب خائن لا خصم سياسي ولا يمكن له أن يبقى دون حساب ومع ذلك كان هناك باب للتوبة لمن لم تتلطخ ايديهم بالدماء وأعطيت لهم مهلة لتسوية اوضاعهم وتسليم انفسهم لمن أراد منهم تجنيب مجتمعه مزيدا من الفوضى وغياب الامن

مرة ثانية نؤكد انه رغم قسوة المشهد فإن ما قامت به المقاومة ليس انتقاما بل ضرورة وطنية وأخلاقية لحماية المجتمع من الانهيار الداخلي فهي لم تفتح باب الدم دون حساب بل عرضت العفو لمن لم تتلطخ يداه وقدمت فرصة للتوبة العلنية أمام الجميع وهذا يميزها عن أنظمة أخرى استخدمت العنف الأعمى لقمع خصومها بينما اختارت المقاومة أن تضبط سلوكها تحت سقف الواجب الوطني فالإعدام في الميدان لم يكن قاعدة عمومية بل استثناء خاص لمن ثبتت خيانته في أحرج لحظات الحرب وهو ما جعل الشارع يرى في هذه الحملة استعادة للهيبة وحماية الناس لا انتهاكا للإنسانية وحقوق المواطنين

المفارقة المقيتة الحاضرة في المشهد أن بعض القنوات والمواقع الاخبارية العربية الصهيونية المأجورة سارعت إلى اتهام المقاومة بأنها تصفي حسابات داخلية وتستغل الوقت للقضاء على المعارضين متجاهلة الحقيقة البسيطة ان أولئك العملاء كانوا سببا مباشرا في مآسي لا تحصى من سرقة قوت الجائعين وتسهيل جرائم الإبادة والوقوف في صف الاحتلال فكيف يساوى القاتل بمن يدافع عن كرامة الأمة والوطن

كعادتها وكما سبق أن تخلت إسرائيل عن عملائها في جنوب لبنان بعد تحريره فعلت اليوم الشيء نفسه في غزة حين فقدت السيطرة الميدانية سارعت إلى نبذ وكلائها ورفضت استقبال كثير منهم وتركتهم يعانون الإذلال والنسيان لأن الاحتلال نفسه لا يقبل و لا يرحم خائنا ولا يحمي عميلا عندما تتبدل عليه الحسابات وينتهي دوره

التاريخ مليء بأمثلة تؤكد أن الخونة في كل الحروب ينتهون بالطريقة نفسها في الميدان بحكم العدالة الثورية ففي فرنسا بعد التحرير من الاحتلال النازي أعدم المئات ممن تعاونوا مع العدو في الساحات العامة وفي الجزائر بعد الاستقلال لفظ الشعب عملاء فرنسا ورفض عودتهم ولا تختلف غزة عن تلك الشعوب الحرة فهي تدرك أن التساهل مع الخيانة يعني تكرار المأساة في كل جولة قتال وأن حماية دماء الشهداء لا تكون إلا بحماية الذاكرة النضالية من التلوث والسقوط

المقاومة في غزة اليوم تطهر جرحها بيدها وتؤسس لشرعية أمنية جديدة مبنية على محاسبة الخونة وإنهاء فوضى التسليح والعصابات وهي تؤكد ان القصاص ليس متعة بل ضرورة حاسمة لبناء مجتمع قادر على الحياة والأمن بعد حرب طويلة امتدت لسنوات من القتل والدمار والسجن والخيانة ليست وجهة نظر لأنها تؤدي إلى ضحايا بمئات الألوف بل بالملايين والتصدي للخونة واستبعادهم بعد فضحهم أحد أهم المبادئ الإنسانية والتي تصبح واجبة قبل المطالبة بالحقوق الإنسانية الأخرى وكما قال مارتن لوثر ” قد يأتي يوم يكون فيه الصمت خيانة ”

ختاما : الذي بجب فهمه بعقل لا بعاطفة ان غزة الآن لا تعدم أجساد عفنة بالخيانة فحسب في عمليات الإعدام الميدانية السريعة بل تطهر ذمم ونفوس مسكونة بالعمالة في معركة لم تعد فقط بين مقاوم ومحتل بل بين وطنية وشرف وارتزاق ووعي وعمى وبين من يصمد على تراب الوطن ومن يبيعه بثمن رخيص والواضح ان إسرائيل خسرت عملاءها كما خسرت مشروعها في غزة وها هي المقاومة تعيد ترميم الجبهة الداخلية كشرط أول للانتصار القادم

ومن يخن اليوم ويتعامل مع العدو لن يجد غدا بابا للتعاطف والرحمة ومن يثبت على المبدأ سيكتب في تاريخ الأمة المشرف ومن يتحدث عن القضاء وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية عليه بنفسه وبيته حين يحتل وطنه وتنخره العمالة ولهذا كان القرار واضحا لا لبس فيه بانه لا مفر من قبضة العدالة الصارمة التي ستطال كل خائن ومتستر ولا مكان للخارجين عن القانون أو من يهددون أمن المواطنين ولا مكان للعملاء فوق تراب غزة اقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا

كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى