سر الإعلانات المفاجئة: خوارزميات أم تجسس فعلي على هاتفك؟

في السنوات الأخيرة أصبح كثير من مستخدمي الهواتف يشعرون بأن أجهزتهم “تسمعهم”، فمجرد حديث عابر عن منتج أو فكرة مع أحد الأصدقاء قد يعقبه مباشرة ظهور إعلان مشابه على مواقع التواصل أو أثناء التصفح، الأمر الذي يثير تساؤلات واسعة حول مدى مراقبة الهواتف لنا، وهل ما يحدث مجرد صدفة أم أن هناك آليات خفية تعمل في الخلفية بدون علم المستخدم؟
الحقيقة أن الأمر ليس بهذه البساطة، فمعظم الشركات لا تعتمد على تسجيل صوت المستخدم بشكل مباشر كما يعتقد البعض، وإنما على تقنيات تتبع السلوك الرقمي وجمع البيانات من أنشطتك اليومية على الإنترنت، فعندما تتصفح موقعًا معينًا، أو تبحث عن موضوع ما على محرك بحث، أو تتفاعل مع منشورات محددة على منصات التواصل، يتم تخزين هذه الأنشطة في صورة بيانات تساعد الخوارزميات على فهم اهتماماتك وتوقع ما قد يجذبك لاحقًا، وبالتالي تظهر لك الإعلانات المرتبطة بما تفكر فيه أو تتحدث عنه.
وهناك عامل آخر يساهم في تعزيز هذا الشعور، وهو ملفات تعريف الارتباط التي تستخدمها المواقع لجمع معلومات عن الصفحات التي تزورها والوقت الذي تقضيه فيها، إضافة إلى تتبع بعض التطبيقات للمعلومات المرتبطة بالهاتف مثل الموقع الجغرافي أو نوع الجهاز أو التطبيقات الأكثر استخدامًا. هذه البيانات لا تُجمع بهدف “التجسس الصوتي”، بل لتكوين صورة أوسع عن الأنماط اليومية للمستخدمين، وهو ما يجعل نظام الإعلانات المستهدفة أكثر دقة مما نتوقع.
ورغم أن شركات التكنولوجيا الكبرى تنفي باستمرار اعتمادها على تسجيل الأصوات لتحليل اهتمامات الأفراد، فإن بعض التطبيقات قد تحصل على إذن الوصول إلى الميكروفون لأغراض ثانوية، وهنا ينشأ الالتباس لدى المستخدم، خاصة إذا لم يكن يعرف لماذا منحت تطبيقًا لا يحتاج للصوت إذن استخدام الميكروفون.
ولتقليل هذا النوع من الاستهداف، يمكن للمستخدم اتخاذ عدة خطوات بسيطة لكنها فعالة. من أهمها مراجعة الأذونات الممنوحة للتطبيقات والتأكد من إلغاء إذن الميكروفون من أي برنامج لا يحتاج إليه فعليًا.
كما يمكن إيقاف ميزة تتبع النشاط خارج التطبيق في فيسبوك وإنستجرام، وهي واحدة من أكثر الأدوات التي تعتمد عليها المنصات في جمع البيانات. استخدام متصفح يركز على الخصوصية مثل Brave أو Firefox قد يقلل أيضًا من حجم التتبع الإعلاني، إلى جانب مسح الكوكيز بشكل دوري وعدم تسجيل الدخول إلى الحسابات الشخصية أثناء التصفح العام قدر الإمكان.
ومع التطور المتسارع للتكنولوجيا، ستظل الخصوصية موضوعًا يشغل الكثيرين، لكن معرفة كيفية عمل الإعلانات المستهدفة واتخاذ احتياطات بسيطة يساعدان في تقليل الشعور بأن الهاتف “يتنصت” عليك، ويوفران قدرًا أكبر من التحكم في بياناتك الرقمية.





