اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة: نحو عالم شامل وعادل

بقلم : عبدالكريم الشنون

يأتي اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يُحتفل به في الثالث من ديسمبر من كل عام، ليُسلط الضوء على حقوق وكرامة ورفاهية الملايين حول العالم، وليكون تذكيراً عالمياً بضرورة إزالة الحواجز وخلق مجتمعات شاملة للجميع. هذا اليوم ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة للعمل لضمان أن يتمتع الأشخاص ذوو الإعاقة بفرص متساوية في جميع مناحي الحياة.
الأهمية العالمية ودعم الإرادة الهاشمية
تبنّت الأمم المتحدة هذا اليوم لتعزيز الفهم العام لقضايا الإعاقة وحشد الدعم لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية. وفي الأردن، يُمثل دعم هذه الفئة ركيزة أساسية في التوجيهات الملكية السامية، إذ يؤكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين باستمرار على أن:
“الشمولية لا تقتصر على ضمان إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للمرافق العامة فحسب، بل تشمل أيضاً الاعتراف بالإمكانات الكامنة في كل إنسان، وتوفير البيئة التي تتيح للجميع المساهمة في بناء المستقبل”.

وهو ما يجسد الرؤية الوطنية التي تهدف إلى تحويل النظرة من “التركيز على القصور” إلى “التركيز على القدرات” وتقدير مساهماتهم كجزء لا يتجزأ من التنمية البشرية المستدامة.
الأردن: ريادة تشريعية وتحديات مستمرة
يُعتبر الأردن من الدول الرائدة في المنطقة التي وقّعت وصادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أصدرت المملكة قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي يُعد إطاراً تشريعياً هاماً لضمان حقوقهم. هذا الالتزام يعكس البصيرة الملكية السامية.
على الرغم من هذا الإطار التشريعي المتقدم، لا يزال الأشخاص ذوو الإعاقة في الأردن يواجهون تحديات هيكلية ومجتمعية تتطلب تضافر الجهود:
1. تحديات الوصول الشامل
* البيئة العمرانية: لا تزال الكثير من المباني، الأرصفة، ووسائل النقل العام غير مهيأة بشكل كافٍ لحركة الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية أو البصرية، مما يقيد حريتهم في التنقل والمشاركة.
* المعلومات والاتصالات: نقص في توفير المواد بلغة برايل أو لغة الإشارة في المؤسسات العامة والخاصة، مما يُعزل فئات من الوصول للمعلومات الأساسية.
2. التحديات الاقتصادية والتوظيف
* الفرص المحدودة: بالرغم من وجود حصة إلزامية للتوظيف، يجد الكثير من ذوي الإعاقة صعوبة في الحصول على وظيفة لائقة، بسبب الصور النمطية أو عدم تكييف بيئة العمل لتناسب احتياجاتهم، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب البطالة في هذه الفئة.
3. التحديات التعليمية
* الدمج الفعّال: لا يزال نظام الدمج في المدارس العامة بحاجة إلى تعزيز من حيث توفير المعلمين المتخصصين، والتقنيات المساعدة، وخطط التعليم الفردية لضمان جودة التعليم للجميع دون استثناء.
4. الحواجز الذهنية والمجتمعية
* النظرة النمطية: لا يزال بعض أفراد المجتمع ينظرون إلى الإعاقة بعين الشفقة أو العجز، بدلاً من نظرة احترام وتقدير للقدرات المختلفة. هذا الحاجز الذهني هو الأصعب إزالة، وهو ما تسعى القيادة الهاشمية لتغييره، حيث أكدت جلالة الملكة رانيا العبد الله أنهم يمثلون “عزيمة الأردني” و”قصص نجاح”.

دعوة إلى العمل والتمكين
إن اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة هو فرصة لتجديد الالتزام بتحويل مجتمعاتنا إلى أماكن لا تقصي أحداً. يجب أن ينتقل التركيز من مجرد “الرعاية” إلى “التمكين” و”المشاركة الفعالة”.
يتطلب الأمر جهداً مشتركاً من الحكومات والمؤسسات والقطاع الخاص والأفراد لـ:
* تطبيق صارم لمعايير الوصول الشامل في جميع المشاريع الجديدة والقائمة.
* الاستثمار في التعليم الشامل والتدريب المهني النوعي.
* تغيير الثقافة المجتمعية من خلال حملات توعية مستمرة تُسلط الضوء على قصص النجاح والمساهمات الهائلة للأشخاص ذوي الإعاقة.
إن ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو معيار حقيقي لتقدم أي مجتمع وعدالته، وهو استثمار في مستقبل شامل وقوي للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى