شهادة تقدير

بقلم: نادية إبراهيم نوري
على مرِّ العصور، ظلَّ للتقدير نوعان: ماديّ ومعنويّ. ورغم أن التقدير المادي حاجةٌ أساسية في حياتنا، فإن التقدير المعنوي يبقى الأعمق أثرًا والأطول عمرًا. فمجرد أن تشعر بأن هناك مَن يثمّن جهدك ويقدّر عطائك، فهو أعظم مكسبٍ يمكن للإنسان أن يحصده. ذلك الشعور يرافقك وأنت تتصفّح ألبوم ذكرياتك، أو تتأمل محطات حياتك، أو حتى وأنت تلقّن أبناءك وأحفادك دروس العطاء والاجتهاد.
فالمؤمن يعمل بثقة، مطمئنًا لوعد الله:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
سورة التوبة، آية 105.
كثيرون منّا جرّبوا لذّة الوقوف على مسرح المدرسة يوم تكريمهم؛ تلك اللحظة التي يصدح فيها التصفيق من الإدارة والزملاء والحضور، فيشعر القلب وكأنه يعزف لحنًا من الفرح الخالص.
لقد ظهر التصفيق لأول مرة كوسيلة للتعبير عن الإعجاب في القرن الثالث قبل الميلاد، في المسارح الرومانية، حين كان الكاتب الروماني بلاوتوس يختم عروضه بعبارة: “وداعًا… وصفّقوا!”
ومنذ ذلك الزمن، لا يمكن تخيّل أي تكريم بلا تصفيق؛ سواء كان تكريم شاعر، أو فنان، أو خريج، أو حتى في مناقشات رسائل الدكتوراه والانتخابات السياسية.
ولا ينسى أيّ خريج لحظة تسلّمه شهادة التخرج، تلك الورقة الملفوفة بشريط أحمر، التي تحمل في داخلها سنواتٍ من التعب والسهر والإنجاز، فيحملها بفخر كأنها وسام عمره.
جميعنا، مهما اختلفت طبقاتنا، نشترك في فرحة الحصول على التقدير. فالطفل يبتهج بكلمة تشجيع وهو يخطو خطواته الأولى، والعامل يشعر بتمام سعادته حين يسمع من المقاول: “الله ينور”، فتلك الكلمة الصغيرة كفيلة بأن تُشعل داخله طاقة جديدة للعمل. وحتى ربة الأسرة، حين ترى الرضا في عيون أسرتها وتتلقى الثناء على طعامها، تمتلئ روحها سعادة، وتندفع لتقديم الأفضل دائمًا.
لذلك… لا تبخلوا على بعضكم بكلمات الامتنان والتقدير والثناء، فبها تُصنع الدوافع وتُبنى النجاحات.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتقدّم بالشكر الجزيل لإدارة موقع جوهرة العرب الإخباري على منحي شهادة التقدير. سأحتفظ بها ما حييت، وأورثها لأبنائي وأحفادي، لتكون لهم نبراسًا للعطاء، ورمزًا للفخر، ودرسًا في قيمة العمل الصادق




