البارزة في المشهد الأدبي العربي المعاصر: سمو الشيخة الدكتورة سارة طالب السهيل: تسعى لترسيخ قِيَمٍ انسانية وأخلاقية عبر الكلمة… وتوظيف الأدب كأداة تربية ووعي

عمان _ بسام العريان
واحدة من الأسماء البارزة في المشهد الأدبي العربي المعاصر:
الدكتورة سارة طالب السهيل: تسعى لترسيخ قِيَمٍ انسانية وأخلاقية عبر الكلمة… وتوظيف الأدب كأداة تربية ووعي
سارة طالب السهيل أديبة و كاتبة وشاعرة عربية تحمل هوية متعددة الجذور، فهي عراقية الأصل، أردنية النشأة، لبنانية الأم، ما منحها ثراءً ثقافيًا وإنسانيًا انعكس بوضوح في كتاباتها. هي واحدة من الأصوات الأدبية التي جمعت بين الشعر وأدب الطفل والكتابة الاجتماعية، لتقدّم تجربة متفرّدة تحمل بصمات الانتماء والحنين والرسالة الإنسانية. حضورها الثقافي لا يقتصر على النصوص المكتوبة، بل يمتد إلى النشاط الإعلامي والمجتمعي، حيث تسعى إلى ترسيخ قيم إنسانية وأخلاقية عبر الكلمة، وتوظيف الأدب كأداة للتربية والوعي والهوية.
أولًا: النشأة والهوية
تنتمي سارة طالب السهيل إلى عائلة عربية عراقية من قبيلة بني تميم، ووالدها الشيخ طالب السهيل التميمي شخصية اجتماعية معروفة. ووالدتها من لبنان، ما أضاف إلى تكوينها بعدًا ثقافيًا مشرقيًا متنوعًا، وجعلها تحمل في داخلها مزيجًا من العراق والأردن ولبنان.
• نشأت في الأردن، حيث تلقت تعليمها الأساسي، ما منحها ارتباطًا وجدانيًا بالأرض الأردنية إلى جانب جذورها العراقية. هذا التداخل بين البيئات الثلاث انعكس على كتاباتها، إذ نجد في نصوصها حنينًا للأرض العراقية، ووفاءً للأردن، وانفتاحًا على الثقافة اللبنانية.
• الهوية المتعددة جعلتها أكثر قدرة على التعبير عن قضايا الأمة العربية، بعيدًا عن الانغلاق المحلي، فهي ترى نفسها جزءًا من فضاء عربي واسع.
ثانيًا: التعليم والتكوين الثقافي
• درست في مدارس الأردن، حيث تلقت تعليمًا يوازن بين الانفتاح الثقافي والهوية العربية وواصلت دراستها الجامعية في بريطانيا، حيث حصلت على تكوين أكاديمي في مجال التجارة وإدارة الأعمال، ما منحها خلفية معرفية عملية، وتابعت أيضًا دراستها في القاهرة، حيث درست الإعلام، ما أضاف إلى شخصيتها الأدبية بعدًا معرفيًا وإعلاميًا.
هذا التكوين المزدوج بين بريطانيا والقاهرة منحها خبرة متنوعة تجمع بين الفكر الغربي والانتماء العربي، وهو ما انعكس في كتاباتها التي تجمع بين الانفتاح والهوية.
ثالثًا: الشعر
بدأت تجربتها الشعرية في سن مبكرة، حيث كتبت نصوصًا باللهجة العامية الخليجية، ثم انتقلت إلى الشعر الفصيح ودواوينها الشعرية تعكس مراحل تطور شخصيتها الأدبية، من البدايات البسيطة إلى النضج الفني واللغوي.
ونجد في شعرها حضورًا قويًا للوجدان الوطني، خاصةً تجاه العراق، حيث عبّرت عن الألم والحنين والدموع على أرض الرافدين، وكما يظهر في نصوصها البعد الإنساني العام، فهي لا تكتفي بالحديث عن الوطن، بل تتناول قضايا الحب، الفقد، الأمل، والبحث عن الحرية.
ويتسم أسلوبها الشعري بالوضوح والصدق، بعيدًا عن التعقيد المفرَط مما يجعل نصوصها قريبة من القارئ العام، وفي الوقت نفسه تحمل عمقًا دلاليًا يرضي القارئ المتخصص
رابعًا: أدب الطفل
تُعتبر سارة طالب السهيل من الكاتبات العربيات اللواتي كرّسن جزءًا كبيرًا من إنتاجهن لأدب الطفل،
وقصصها الموجّهة للصغار تحمل رسائل تربوية واضحة، مثل تعزيز القيم الأخلاقية، حب الوطن، احترام الآخر، والتمسك بالهوية.
تعتمد في كتاباتها للأطفال على لغة بسيطة وسرد مشوّق، مع توظيف الخيال بما يتناسب مع عقلية الطفل، وأدبها لا يقتصر على الترفيه، بل يسعى إلى بناء شخصية الطفل العربي، وغرس قيم الانتماء والفضيلة، وحضورها في هذا المجال جعلها من الأسماء المعروفة في أدب الطفل العربي، حيث شاركت في ندوات ومؤتمرات متخصصة، وحصلت على تكريمات عديدة.
خامسًا: الأسلوب والموضوعات
اللغة: تجمع بين الفصحى والعامية، لكنها تميل أكثر إلى الفصحى في أعمالها الناضجة، مع حرص على وضوح المعنى وسلاسة التعبير وموضوعات: تتنوع بين الوطنية، الإنسانية، التربوية، والاجتماعية. وفي الشعر نجد الحنين والوجع، وفي أدب الطفل نجد التربية والهوية.
• الخيال: تستخدم الخيال كأداة تربوية في قصص الأطفال، بينما في الشعر يوظَّف الخيال للتعبير عن المشاعر العميقة.
• الصدق الفني: نصوصها تحمل صدقًا واضحًا، فهي تكتب من قلبها وتجاربها، ما يجعل القارئ يشعر بالقرب منها.
سادسًا: النشاط الثقافي والإعلامي
لم تقتصر تجربتها على الكتابة، بل أقامت في مصر لفترة طويلة، حيث شاركت في العديد من الفعاليات الثقافية والإعلامي وحضورها الإعلامي يعكس رغبتها في أن تكون الكلمة أداة للتأثير المجتمعي، وليس مجرد نصوص معزولة.
• حصلت على ألقاب ودروع تكريمية من جهات ثقافية متعددة، ما يعكس تقدير المؤسسات لجهودها في خدمة الأدب والطفل.
• عضويتها في مؤسسات ثقافية وأدبية عززت مكانتها ككاتبة فاعلة في المشهد العربي.
سابعًا: القيم والرسالة تسعى سارة طالب السهيل إلى ترسيخ قيم إنسانية عبر كتاباتها، مثل: حب الوطن والانتماء للأرض.
• تعزيز الأخلاق والفضيلة.
• احترام الآخر والتعايش.
• الاهتمام بالطفل كركيزة أساسية لبناء المستقبل.
ورسالتها الأدبية تتجاوز حدود الفن، فهي ترى الأدب وسيلة للتربية والتغيير الاجتماعي.
ثامنًا: أثرها ومكانتها
في الشعر: تُعتبر صوتًا وجدانيًا يعبّر عن آلام العراق وأحلام الأمة العربية، بإسلوب يجمع بين البساطة والعمق.
و في أدب الطفل: تُعد من الكاتبات اللواتي أسهمنَ في بناء مكتبة عربية للأطفال، عبر قصص تحمل قيمًا تربوية وإنسانية.
وفي الإعلام والثقافة: حضورها المستمر جعلها شخصية معروفة في الوسط الثقافي العربي، حيث تُستضاف في ندوات ومؤتمرات، وتُكرَّم على جهودها.
• مكانتها تتعزز بكونها تجمع بين الإبداع الأدبي والنشاط المجتمعي، ما يجعلها نموذجًا للكاتبة العربية الفاعلة.
تاسعًا: آراء الناس والنقاد
حظيت سارة طالب السهيل باهتمام نقدي وجماهيري ملحوظ، إذ يرى النقاد أن تجربتها تجمع بين الصدق الفني والرسالة التربوية، وأنها استطاعت أن توازن بين الشعر وأدب الطفل دون أن تفقد هويتها في أي منهما. يشيد القرّاء بقدرتها على التعبير عن المشاعر الوطنية والإنسانية بلغة واضحة ومؤثرة، ويعتبرونها صوتًا صادقًا يعكس وجدان العراق والأردن ولبنان. أما في مجال أدب الطفل، فقد أثنى المربّون والمهتمون بالشأن الثقافي على قصصها التي تحمل قيمًا تربوية وأخلاقية، معتبرين أنها تُسهم في بناء شخصية الطفل العربي وتغرس فيه حب الوطن والانتماء. حضورها الإعلامي والثقافي عزّز هذه الصورة، حيث ينظر إليها الكثيرون ككاتبة مسؤولة ترى الأدب رسالة اجتماعية قبل أن يكون مجرد فن.
عاشرًا: مواضيع المقالات والقصص:
كتبت سارة طالب السهيل مقالات متنوعة تناولت قضايا اجتماعية وثقافية، مثل مكانة المرأة في المجتمع العربي، أهمية التربية الأخلاقية، دور الإعلام في تشكيل الوعي، إضافة إلى مقالات عن الهوية والانتماء والحنين إلى الوطن. هذه المقالات تحمل طابعًا تحليليًا ووجدانيًا، حيث تمزج بين التجربة الشخصية والرؤية الفكرية.
أما قصصها الموجّهة للأطفال، فتتنوع موضوعاتها بين الحكايات التي تعزز القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة، والقصص التي تزرع حب الوطن والانتماء، وأخرى تركّز على احترام الآخر والتعاون. كما تلجأ إلى الخيال لتقديم مغامرات مشوّقة تحمل رسائل تربوية، بحيث يجد الطفل نفسه مستمتعًا بالقصة
بحيث يجد الطفل نفسه مستمتعًا بها وفي الوقت نفسه متعلّمًا لقيمة أو سلوك إيجابي. هذا المزج بين الترفيه والتربية جعل قصصها محط تقدير في الوسط الثقافي والتربوي، حيث اعتُبرت نموذجًا للأدب الذي يوازن بين الخيال والرسالة.
أما مقالاتها، فهي تتناول موضوعات اجتماعية وثقافية ذات صلة مباشرة بالواقع العربي، مثل قضايا المرأة وحقوقها، دور الإعلام في تشكيل الوعي، أهمية التربية الأخلاقية في مواجهة التحديات، إضافة إلى مقالات عن الهوية والانتماء والحنين إلى الوطن. هذه المقالات تحمل طابعًا وجدانيًا وتحليليًا، حيث تمزج بين التجربة الشخصية والرؤية الفكرية، ما يجعلها قريبة من القارئ وفي الوقت نفسه ذات قيمة فكرية.
الخاتمة:
سارة طالب السهيل ليست مجرد كاتبة أو شاعرة، بل هي مشروع ثقافي متكامل يسعى إلى الجمع بين الإبداع الأدبي والرسالة التربوية والاجتماعية. أعمالها تعكس هوية عربية أصيلة، ووجدانًا صادقًا تجاه العراق والأردن ولبنان والأمة العربية. في الشعر، هي صوت وجداني يعبّر عن الحنين والألم والأمل، وفي أدب الطفل، هي مربّية بالكلمة، تسعى إلى بناء جيل عربي يحمل القيم والهوية. مكانتها في المشهد الثقافي العربي تتعزز بكونها جمعت بين الدراسة في بريطانيا والقاهرة، والإقامة في مصر، والانتماء إلى بيئات متعددة، لتكون نموذجًا للكاتبة العربية التي ترى الأدب رسالة ومسؤولية.
إنها كاتبة تحمل في نصوصها مزيجًا من الأصالة والانفتاح، وتقدّم للأدب العربي إضافة نوعية تجمع بين الشعر الوجداني وأدب الطفل التربوي، وبين المقالات الفكرية والنشاط الثقافي، لتظلّ واحدة من الأسماء البارزة في المشهد الأدبي العربي المعاصر.


