الهيبة إذا نطقت قراءة فلسفية في خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في البرلمان الأوروبي

د. عمّار محمد الرجوب

من ستراسبورغ، في قلب البرلمان الأوروبي، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم لا ليلقي خطابًا تقليديًا، بل ليحمل في صوته نبض أمة، وكرامة وطن، ووجع شعبٍ يعاني منذ عقود. كان المشهد أكثر من مجرد كلمات، كان إعلانًا للعالم بأن الأردن ليس على الهامش، بل في صدارة الموقف، وأن صوت الحق، وإن خفت في الضوضاء، فإن وقار العقل يصنع له مهابة تعلو على التصفيق.

جاء حديث جلالته عن أمن الأردن، ليعيد التأكيد على أن استقرارنا ليس حالة مؤقتة، بل خيار وطني نابع من حكمة القيادة وإرادة الشعب. وأما حديثه عن غزة، فكان نداء الضمير الإنساني في وجه الصمت العالمي، عندما قال بوضوح إن ما يحدث هناك هو “نسخة مخزية من الإنسانية”. لم تكن تلك الجملة مجرد وصف، بل إدانة أخلاقية للعالم المتحضر حين يُغض الطرف عن دماء الأبرياء، وصوت الأطفال المحاصرين، وأمل الشعوب في حياة كريمة.

في كل كلمة نطق بها جلالته، كان هناك درسٌ في السياسة من دون مزايدات، وفي الإنسانية من دون ضعف، وفي الدبلوماسية من دون تنازلات. فحين يتكلم ملك بقامة عبدالله الثاني، تنصت أوروبا احترامًا، ويُصفق العالم تقديرًا، لا لشخصه فحسب، بل لما يمثله من اتزان نادر، ومن ضمير عربي يقظ لا يساوم على الحق.

نحن أمام قائد لا يكتفي بتشخيص الألم، بل يطرح رؤى للحل. دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلى احترام القانون الدولي، إلى إنهاء دوامة العنف. وفي خضم الانحيازات، كان صوته متوازنًا، صادقًا، وأبويًا، لا يحتمي خلف الشعارات، بل يقف في وجه العاصفة بحكمة الملوك وإرث الهاشميين.

ولعل أكثر ما يلخص هذا الخطاب، أنه يعكس مكانة الأردن في الوعي الدولي: دولة صغيرة بحجمها، عظيمة بمواقفها. فكلما نطق عبدالله الثاني، شعرنا أن الوطن أكبر، وأن العروبة أكثر كرامة، وأن صوت العدالة لا يزال ممكنًا.

وانا اقول : في حضرة الكبار، تتضاءل الضوضاء، ويعلو صوت الحكمة. هكذا تكلم الملك، فصمت العالم احترامًا، وتكلم الأردنيون فخرًا.

إذا تكلم عبدالله كان الصمت إنصاتا
وصوت الحق لا يُخشى إذا نادى بثباتا
هو الملكُ الذي يمضي وحوله ألفُ راية
ولكن راية الأردن له المجدُ وراياتا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى