بالفيديو محطات من حياة المـلك البانـي الحسين بن طلال

يصادف اليوم الرابع عشر من شهر تشرين الثاني  ذكرى ميلاد الملك الباني المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه والتي حرص الملك عبد الله الثاني على أن تبقى خالدة في ذاكرة كل الأردنيين. شيباً وشباباً والتي ما نسوها يوماً.

 

ولد المغفور له الملك الحسين بن طلال في مدينة عمان في 14 تشرين الثاني في عام م1935 وتربى في كنف والديه المغفور لهما جلالة الملك طلال وجلالة الملكة زين الشرف وتحت إشراف جده الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين. ومما يجدر ذكره أن جلالة المغفور له الملك طلال بن عبد الله كان أول ضابط عربي أردني يتخرج من الكلية العسكرية “ساندهيرست” وكان على قدرْ كبير من الشجاعة يحب الفروسية والرياضة وقراءة الكتب العسكرية.

نشأ الملك الحسين في كنف والده الملك طلال نشأةً معتدلة بسيطة بعيدة عن ترف الملوك وحياتهم المرفهة فكان المنزل الذي يعيش فيه مؤلفاً من خمس غرف للنوم وهو صغير مقارنة بالمنازل التي يمتلكها الأثرياء. ويمتد نسب الحسين طيب الله ثراه إلى (الحسين بن علي بن أبي طالب) ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والملك الحسين هو الحفيد المباشر الثاني والأربعين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو سليل أسرة استمدت من الدين الإسلامي المثل والقيم والتعاليم السمحة.

 

تلقى جلالة الملك الحسين تعليمه الابتدائي في مدارس عمان وكان جده حريصاً على أن ينشئه على القيم الدينية الأصلية مركزاً على التربية الدينية وقد علمه أصول الحكمة ومبادئ الثورة العربية الكبرى. وعندما بلغ سن السابعة انتقل إلى المدرسة الأهلية بعمان وكان من زملائه في الدراسة الشريف زيد بن شاكر وزيد الرفاعي وحمدي الطباع ومحمد بارطو وكمال عصفور وبشير الصباغ وأسامة الحايك وغيرهم وعندما كان ابن العشر سنوات انتقل جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال إلى كلية المطران ليدرس الصف الرابع الابتدائي وبعد ذلك بعام انتقل إلى الكلية العلمية الإسلامية. ثم التحق جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بكلية فكتوريا في الإسكندرية وذلك عام م1950 ثم قام والده بنقله إلى كلية هارو في بريطانيا ثم إلى الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست البريطانية.

 

كان للحسين في بداية شبابه طموح شديد في تعريب الجيش العربي والاستغناء عن خدمات الضباط الانكليز وجعل إدارة الجيش أردنية عربية حرة. وقد أمضى كلوب باشا مدة تتراوح ما بين 26 عاماً وكان له النفوذ والسيطرة في مجال الأمن والجيش معتمداً على تقربه للعشائر وزعمائها وكان قد وصل إلى ذروة عمله عندما تسلم رئاسة أركان الجيش العربي ، إلا أنه ظل في نظر الأردنيين رمزاً للهيمنة البريطانية. وفي نيسان عام م1955 اجتمع الملك الحسين مع كبار رجالات الدولة الأردنية والعسكريين ، وظهر انزعاج من قبل الضباط الأردنيين ضد ممارسات كلوب داخل الأردن ، وعزم الحسين على التخلص من النفوذ الأجنبي في الجيش العربي. وبالفعل أقدم الحسين في 1 ـ 3 ـ م1956 على اتخاذ قراره الخطير والجريء المتعلق بالجيش والمتمثل بإنهاء خدمة الفريق كلوب باشا من منصبه رئاسة أركان حرب الجيش العربي الأردني وترفع الزعيم راضي عنان لرتبة أمير لواء ، وتعيينه لمنصب رئاسة أركان الجيش العربي. وأبلغ بذلك رئيس وزرائه سمير الرفاعي ، وقرأ الرفاعي القرار الملكي: “قررنا إنهاء خدمات الفريق السير جون باجوت كلوب ابتداءً من هذه اللحظة وعليه أن يغادر الأردن فوراً”. وقد أيد مجلس الأمة الأردني بالإجماع ذلك الإجراء وعمت الأفراح الوطنية داخل الأردن وخارجه.

وعندما نتحدث عن انجازات الملك الباني لا يفوتنا أن نذكر معركة الكرامة وأحداثها فقد جاء الهجوم الإسرائيلي مفاجئاً في الساعة الخامسة والنصف من صبيحة يوم 21 آذار 1968 على الأراضي الأردنية بقوة عسكرية كبيرة مدعومة بسلاح الجو والمدفعية وذلك على ثلاثة محاور رئيسة بغية تحقيق أهدف إستراتيجية تتمثل في احتلال المرتفعات الغربية من الأردن (مرتفعات البلقاء) للوصول إلى عمان العاصمة لكي يفرضوا على الأردن القبول بتسوية معهم على عكس ما أعلنه الإسرائيليون أن هدفهم من الهجوم هو القضاء على قواعد الفدائيين في قرية الكرامة. تصدت قوات الجيش الأردني للعدو ومنذ الدقائق الأولى أخذت تطلق النار على قواته وأوقعت بهم خسائر فادحة وقدم الجيش العربي الأردني بطولات رائعة في الدفاع عن حمى الأردن الغالي مما اضطر إسرائيل لأول مرة في تاريخها العسكري أن تطلب وقف إطلاق النار. إلا أن الملك الحسين رفض ذلك ما دام هناك جندي إسرائيلي واحد شرقي النهر وقد أجبرت القوات الإسرائيلية على الانسحاب تاركة وراءها 250 قتيلاً و 450 جريحاً بالإضافة إلى عدد من الآليات والدبابات على أرض المعركة وقد قدم الجيش العربي الأردني 61 شهيداً و 108 جريحاً وفي تلك المعركة تحطمت الأساطير الإسرائيلية حول عقدة التفوق العسكري الإسرائيلي.

وقد جاهد الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه منذ توليه سلطاته الدستورية من أجل بناء أردن حديث وإرساء دعائم نهضة شاملة في جميع جوانب الحياة وفي شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعمرانية وترسيخ مبادئ الديمقراطية. وقد هيأ قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية الذي اتخذه جلالة الملك الحسين استجابة لرغبة الأشقاء العرب ورغبة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988 الظروف لاستئناف مسيرة الديمقراطية في المملكة.

وعلى الصعيد الدولي فقد عَمًل جلالة الملك الحسين على إقامة شبكة من العلاقات الدولية أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع العديد من دول العالم وتجلى ذلك من عدم تخلفه عن حضور أي مؤتمر قمة عربي والحرص على حضور جميع اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات العربية على كافة المستويات. وفي عهد جلالة الملك الحسين اتسعت قاعدة التعليم الإلزامي وازداد عدد المدارس في مختلف مناطق المملكة وقد ارتفعت نسبة المتعلمين وتم العمل على مكافحة الأمية وشملت نهضة الأردن في عهده رحمه الله جميع المجالات الصحية والخدمات العامة والبنية التحتية والطرق والاتصالات والزراعة والصناعة.

وقام جلالة الملك الحسين بن طلال عام 1991 بدور رئيس في عقد مؤتمر مدريد للسلام وذلك من أجل توفير مظلة للفلسطينيين للتفاوض من أجل مستقبلهم ، وفي عام 1993 وقعت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل إعلان مبادئ (أوسلوا) حدد فيها أطر التفاوض معاً. وقد تم توقيع إعلان واشنطن في الخامس والعشرين من تموز عام 1994 الذي أنهى رسمياً حالة الحرب بين الأردن وإسرائيل والتي استمرت زهاء 46 عاماً. وللمغفور له الملك الحسين رحمه الله خمسة أبناء وست بنات هم جلالة الملك عبد الله الثاني وأصحاب السمو الأمراء والأميرات فيصل وعلي وحمزة وهاشم وعالية وزين وعائشة وهيا وإيمان وراية وجميعهم نشأوا على التواضع والتحلي بالأخلاق النبيلة والقيم الإسلامية.

وفي السابع من شباط عام 1999 كان الأردن والأردنيون في وداع ملك القلوب رحل الحسين تاركاً وراءه العديد من الإنجازات والأعمال والمواقف التي تخلد ذكر الحسين على مر السنين ووسط حشود قادة العالم وجميع الأردنيين سارت جنازة الحسين التي وصفت بأنها جنازة العصر ودل حشد الحضور على المكانة العظيمة التي يحتلها الملك الحسين في قلوب جميع من عرفوه. وقد جاء الملك الشاب عبد الله الثاني ابن الحسين ليسير على خطى والده فترى الأردن يشهد العديد من النقلات النوعية في شتى المجالات ويطلق جلالة الملك عبد الله الثاني بين الحين والآخر العديد من المبادرات التي تهدف إلى تنمية الأردن والأردنيين. رحم الله الملك الباني المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال وأسكنه فسيح جناته.

 

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى