من رأس المال الضخم إلى التنمية المستدامة: نيكولاي بودغوزوف يكشف استراتيجية بنك التنمية الأوراسي لجذب 22 تريليون دولار في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض
شارك رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الأوراسي، نيكولاي بودغوزوف، في أحد أبرز المنتديات الاستثمارية على مستوى العالم، مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) ،

شارك رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الأوراسي، نيكولاي بودغوزوف، في أحد أبرز المنتديات الاستثمارية على مستوى العالم، مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) ، التي نظمها معهد مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض.
وخلال مشاركته في الجلسة الحوارية بعنوان “هل يمكن لرأس المال الهادف أن يحرّر التريليونات المطلوبة لتحقيق نمو شامل؟”، انضم السيد بودغوزوف إلى كوكبة من الشخصيات الدولية البارزة، من بينهم: معالي الدكتور سيدي ولد التاه، رئيس البنك الإفريقي للتنمية، ويزيد صالح اليحيى، الرئيس التنفيذي لشركة إكساب السعودية للاستثمارات الدولية، ومختار ديوب، المدير العام لـ مؤسسة التمويل الدولية(IFC) ، وإيلان غولدفاجن، رئيس البنك الأمريكي للتنمية (IDB).
وتناولت الجلسة الفجوة التمويلية السنوية البالغة 4 تريليونات دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدةً على أهمية تعزيز القدرات الجماعية للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف (MDBs) لتسريع الجهود في سدّ هذه الفجوة وتحفيز استثمارات فعّالة تدعم النمو الشامل والمستدام عالميًا.
شدّد نيكولاي بودغوزوف على الدور المحوري للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف (MDBs) في سدّ فجوة التمويل الهائلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أنّ هذه المؤسسات تمتلك الخبرة والرسالة التنموية التي تجعلها من أفضل مصادر رأس المال الهادف على مستوى العالم. وأوضح بودغوزوف أنّه على الرغم من الدور الحيوي لهذه البنوك، فإنّ إجمالي استثماراتها السنوية لا يتجاوز نحو 180 مليار دولار، بينما تراجعت حصتها من الاقتصاد العالمي خلال السنوات الـ25 الماضية من 1.9% إلى 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقال بودغوزوف في كلمته خلال الجلسة: “لقد تقلّص الدور الفعلي للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف في الاقتصاد العالمي. نحن بحاجة إلى زيادة حجم استثماراتنا، وتطوير قدراتنا الفنية، وتعزيز حضورنا الميداني في الدول الأعضاء، والأهم من ذلك كلّه، جمع رأس المال لدعم التنمية الشاملة والمستدامة“.
وقال نيكولاي بودغوزوف: “بادئ ذي بدء، أرى أننا بحاجة إلى تطوير أدوات مالية تمكّننا من زيادة رأس مال البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف (MDBs) بمقدار الضعف على الأقل – أي مضاعفته. أعتقد أن مجموعة البنك الدولي قدّمت بالفعل بعض المقترحات في هذا المجال، وينبغي لنا أن نسير على خطاها. ثانيًا، علينا تعزيز التعاون لجذب رأس المال الخاص نحو الأنشطة والمشروعات التنموية.”
وأوضح بودغوزوف أنّه رغم تراكم أكثر من 22 تريليون دولار من الأصول الخاصة على مستوى العالم، إلا أن هذه الأموال نادرًا ما تصل إلى المشروعات في الدول النامية. ويُعزى ذلك، بحسب قوله، إلى عدم التوازن بين مستوى المخاطر والعوائد المتوقعة، وهو ما يُعدّ العائق الأكبر أمام توجيه الاستثمارات الخاصة نحو التنمية المستدامة في الأسواق الناشئة.
وقال نيكولاي بودغوزوف، في سياق حديثه عن أهمية تحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية العالمية: “يتدفق رأس المال فقط إلى حيث تكون المخاطرة مبرَّرة بالعائد. فالمشروعات التنموية عادةً ما تكون ضعيفة الربحية أو منخفضة الهامش. لكن إذا تمكّنا من خفض مستوى المخاطر وتحسين العوائد، فسنشهد تدفّقًا طبيعيًا ومتزايدًا لرأس المال نحو هذه المشاريع.”
وأضاف قائلًا: “من الضروري اليوم تنويع مصادر التمويل وعدم الاعتماد على قنوات تقليدية فقط. فأسواق رأس المال الأكثر نشاطًا ونموًا حاليًا تقع في دول الخليج العربي والصين، حيث تتزايد ديناميكيتها وتأثيرها في المشهد المالي العالمي”. وأكد أنّ بنك التنمية الأوراسي (EDB) يعمل بفاعلية في هذه المناطق من خلال إصدار سندات بالعملات المحلية وتوسيع نطاق حضوره الإقليمي لتوسيع قاعدة تمويله ودعم مشروعات التنمية المستدامة”.
ويجدر بالذكر أنّه في يونيو 2025، أصدر بنك التنمية الأوراسي (EDB) أول سنداته المقيّمة بالدرهم الإماراتي، في خطوةٍ تُعدّ محطة رئيسة ضمن استراتيجيته للتوسّع في أسواق المال الإقليمية. كما يستعد البنك لافتتاح مكتبه الجديد في مركز أبوظبي المالي العالمي (ADGM) خلال خريف هذا العام، في إطار مساعيه لتعزيز وجوده في منطقة الخليج العربي. ويبحث البنك أيضًا إمكانية دخول أسواق رأس المال في المملكة العربية السعودية، في خطوة تهدف إلى توسيع نطاق أنشطته التمويلية وتنويع أدواته الاستثمارية بما يتماشى مع رؤية المنطقة الطموحة للنمو المستدام.
كما شدّد نيكولاي بودغوزوف على أن فعالية المشاريع التنموية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجودة إعدادها ومدى فهم المخاطر المحيطة بها.
وقال موضحًا: “يتركّز نشاط بنك التنمية الأوراسي (EDB) بشكل رئيس في آسيا الوسطى، وهي منطقة تشهد نموًا متسارعًا بمعدلٍ يتجاوز 6%. ومن الواضح أنّ جذب رؤوس الأموال إلى هذه المنطقة يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية لدعم مسارها التنموي.” وأضاف: “إن مستوى القروض المتعثّرة في بنك التنمية الأوراسي قريب من الصفر، والسبب في ذلك على الأرجح هو أننا ندخل في المشاريع منذ مراحلها الأولى، ما يمنحنا القدرة على تصميم هيكل تمويلي وتنفيذي يتناسب مع جميع الأطراف المعنية – سواء كانوا مستثمرين من القطاع الخاص أو بنوكًا إنمائية أخرى متعددة الأطراف.”
وتابع نيكولاي بودغوزوف قائلًا: “من هذا المنطلق، أرى أنه من الضروري تعزيز التعاون ليس فقط على المستوى الأفقي، بل أيضًا على المستوى العمودي. فالبنوك الصغيرة أو الإقليمية تمتلك فهمًا أعمق لخصوصيات المنطقة وقدرة أكبر على إدارة المخاطر المحلية”. وأضاف: “لذلك، قد يكون من الأنسب بناء شراكات قوية بين البنوك العالمية والإقليمية، بما يتيح تبادل الخبرات وتكامل الأدوار، ويسهم في جذب المزيد من رأس المال الخاص والاستثمارات إلى المناطق التي تحتاج إلى تمويل تنموي مستدام”.
وفي سياق حديثه عن ثقة المستثمرين, أكّد نيكولاي بودغوزوف على أهمية تقييم النتائج والشفافية، حيث تضطلع البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف (MDBs) بدور محوري: “البنوك الإنمائية متعددة الأطراف ليست مُلزمة بزيادة الأرباح، إذ أن مهمتها الأساسية هي التنمية. فهي تعتمد منهجيات تقييم خاصة بالمشاريع، وعندما تضمن البنوك الإنمائية هدفًا محددًا وتتابع النتائج عن كثب، فإنها بذلك تبني الثقة مع المستثمرين وتؤسس لشراكات استثمارية طويلة الأمد ومستدامة.”
خلال الجلسة، ناقش المشاركون محاور رئيسة مثل: تحفيز رؤوس الأموال للاستثمار، وتقليل المخاطر على الاستثمارات الخاصة، وأهمية دعم الدول الأعضاء في تطوير أطرها القانونية والمؤسسية والتنظيمية لتوفير الثقة للمستثمرين. وأكد جميع المشاركين في الجلسة أنّ البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف (MDBs) لا تهدف إلى تحقيق عوائد أو أرباح من استثماراتها، بل يتركز اهتمامها على التنمية المستدامة الطويلة الأمد وتعزيز النمو الشامل من خلال آليات استثمارية شفافة ومنظمة.



