بمناسبة مرور اربعين يوما على وفاته.. السفير القضاة يرثي والده الحبيب ابا سفيان

بسم الله الرحمن الرحيم
في رثاء المغفور له باذن اللّٰه والدي *سلمان مفلح القضاة (ابو سفيان)* الذي رحل إلى رحاب اللّٰه قبل أربعين يوما في 13-10-2025
أربعون فجرًا على رحيلك يا سيدي،،
أربعون فجرًا تشرق فيها الشمس ولا نرى ظلك، أربعون فجرًا تطلع شموسها وأنت في عالم الأبرار، أربعون ليلة تُظلّلها السُّحب وأنت في رحاب الجنان. يا من كنت عماد البيت، وعضيد الأسرة والعشيرة، والسدّ المنيع الذي نستند إليه في الشدائد، والملجأ الأمين الذي نلوذ به عند الملمّات.
والدي العزيز،
يوم رحيلك، ألمَّت بقلوبنا المكلومة لحظات فخر، حين رأينا أفواج المحبّين والمريدين ورفاق السلاح وأبناء العشيرة يتزاحمون لحظة تشييع جثمانك الطاهر في المكان الأحبّ إلى قلبك ومسقط رأسك (رأس منيف). مشينا خلف نعشك الذي رُفع على أكفّ ضبّاط جيشنا العربي المصطفوي، الجيش الذي كان وما زال يعلّمنا دروسًا في الوفاء والتآخي ومعاني الفخر والإباء.
مشينا ونحن نستذكر مسيرتك العطرة ومناقبك الكريمة، ورؤوسنا تكاد تلامس السحب فخورين بما قدّمت من عطاء، وبما زرعت فينا من قيم. حضر لوداعك يا أبي أصدقاء الدهر، وزملاء السنين، ورفاق العمر، وأبناء الجبل، وأقرباء ومريدون. وتوسّطهم ضبّاط وجنود من كتائب وألوية الفخر والشجاعة والإقدام، وأحبّهم إلى قلبك (الطواقي الخضر). وقفوا إلى جانبنا يتلقّون العزاء برحيلك، وليس لوقفتهم عنوان سوى العهد والوفاء.
وفي بيت العزاء، تحدّث الناس عن مناقبك ومكارمك، وكان البيت يزداد بالازدحام شرفًا وجلالًا، فرفعت من شأننا حيًّا وميتًا.
والدي الحاني،
الرجولة في قاموسك يا والدي لم تكن مجرد صفة، بل كانت منهج حياة. كانت الشهامة عنوانًا لمواقفك ومعدنك الأصيل، وكانت فزعتك مثلًا يُضرَب؛ تسبق رجلُك لسانَك. ما عرفت قدماك طريقًا إلا إلى خير، ولا وطئت إلا لترفَع ظلمًا، أو تُنجد ملهوفًا، أو تمسح دمعة يتيم. كنت ترى الغريب أخًا فتنصره، وترى المنكسر أخًا فتجبره. لقد كنت صورة حيّة من الفروسية الأردنية الأصيلة.
كنت يا والدي من الرجال الذين إذا قالوا فعلوا، وإذا عاهدوا وفَوا. كنت كالجبل الراسخ لا تزلّه الرياح، وكالنخلة الوارفة لا تمنع ظلّها أحدًا.
رحلتَ عنا يا والدي جسدًا، لكن روحك ما زالت فينا. كانت حياتك حافلة بالعطاء والتضحية والإخلاص لوطنك ومليكك، عشتَ جنديًا من بواسل قواتنا المسلحة في ميادين الشرف والإباء ومعارك الجيش العربي.
كافحتَ في حياتك كرجل عصامي، بنيت نفسك بعرق جبينك، ولم تنتظر من أحد أن يمنحك ما تستحق. علمتنا أنّ الكفاح شرف، وأنّ العمل عبادة، وأنّ الإنسان يصنع مستقبله بإرادته.
واليوم، ونحن نذكرك بعد أربعين يومًا على رحيلك، نعدك بأننا سنسير على دربك، رافعين اسمك وإرثك عاليًا، متمسكين بالقيم التي غرستها فينا.
اللهم إنه عبدك وابن عبدك، نزل بك وأنت خير منزول به. اللهم وسّع عليه مدخله، وأكرم نزله، واغسله بالماء والثلج والبرد، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، والحقنا به على خير يا أرحم الراحمين.





