عام 2025… إلى أين وصل التعاون الصيني العربي؟

إلهام لي تشاو

السؤال المطروح في عام 2025 لم يعد ما إذا كان التعاون الصيني العربي سيستمر، بل إلى أي مرحلة وصل، وما الذي بات يشكل ملامحه العملية. ففي ظل تصاعد حالة عدم اليقين عالميا واستمرار تعقد الأوضاع الإقليمية، حافظ هذا التعاون على وتيرته واستقراره، متقدما بخطوات محسوبة ضمن أطر قائمة، ومراكِما خبرة عملية تظهر أنه تجاوز مرحلة الاختبار ودخل مرحلة الترسخ.
السمة الأبرز لتعاون عام 2025 كانت “الاستقرار مع تحسين النوعية.
في مجال الطاقة، واصل التعاون التقليدي في النفط والغاز أداء دوره كعامل أساسي، لكن طبيعته اتجهت بوضوح نحو سلاسل القيمة الكاملة. فقد أحرز تقدم في مشاريع التكرير المتكامل والتمويل الطاقي وبناء قدرات التخزين والنقل، ما عزز قدرة الجانبين على مواجهة تقلبات الأسواق. وفي الوقت نفسه، تسارعت وتيرة التعاون في الطاقة المتجددة، مع تعميق مشاركة الشركات الصينية في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة، دافعا بعملية التحول الطاقي في الدول العربية من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ.
وعلى صعيد التجارة والاستثمار، تحول التعاون تدريجيا من الاعتماد على التبادل التجاري إلى التركيز على التنسيق الصناعي والتنمية المحلية. فقد ازداد الاهتمام بالتصنيع المحلي وبناء المناطق الصناعية وتطوير المراكز اللوجستية، مع تركيز أوضح على تنمية القدرات وخلق فرص العمل. هذا التحول جعل التعاون أقل ارتباطا بالمكاسب قصيرة الأجل، وأكثر التصاقا ببناء أسس تنموية طويلة المدى.
كما برزت مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي كقاطرة جديدة للنمو في عام 2025.
شهد التعاون تسارعا ملحوظا في البنية التحتية الرقمية والمدن الذكية والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية،. وقد انسجمت المزايا الصينية في التطبيق واسع النطاق وضبط التكاليف مع احتياجات الدول العربية في تحديث الإدارة العامة وتحسين الخدمات، ما جعل هذه الشراكات سريعة التنفيذ وقابلة للتكرار.
بالتوازي مع ذلك، استمر التقدم في مجالي التبادل الإنساني وبناء الآليات المؤسسية. توسعت برامج التعاون في التعليم والثقافة ومراكز الفكر وتبادل الشباب، ما عزز الأساس الاجتماعي للعلاقات الصينية العربية. كما أصبحت قنوات الحوار متعددة المستويات أكثر نضجا، الأمر الذي دفع التعاون نحو مزيد من المؤسسية والاستمرارية، بعيدا عن الاعتماد على مشاريع فردية أو مجالات محدودة.
وعلى هذه الخلفية، تطرح القمة الصينية العربية الثانية المرتقبة في عام 2026 بوصفها محطة سياسية تربط بين ما تحقق وما هو قادم. فهي لا تنطلق من فراغ، بل تستند إلى ثلاث سنوات من التقدم المتراكم والتجارب العملية منذ القمة الأولى. وما أنجز خلال عام 2025 من هياكل تعاون وآليات تشغيل وخبرات تطبيقية، يوفر أرضية واقعية لتعزيز التواصل الاستراتيجي والتنسيق على مستوى أعلى، من دون افتراض قفزات مفاجئة.
إجابة عن السؤال في العنوان، لقد وصل التعاون الصيني العربي إلى مرحلة الترسيخ العملي: تعاون يحافظ على استقراره في بيئة مضطربة، ويحسن نوعيته بدل توسيع شعاراته، ويراكم القدرة على التنفيذ بدل الاكتفاء بالتصريحات. هذه المرحلة تحدد موقعه الراهن وتمنحه قاعدة أكثر صلابة للانتقال الهادئ إلى الخطوة التالية، ضمن إيقاع محسوب واستنادا إلى واقع متراكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى