الفرجات مستقبل المملكة التنموي رهنا للوضع المائي والحلول ليست صعبة

احمد الرواشدة

العقبة – أكد أستاذ علم الجيولوجيا والمياه وجيوفيزياء البيئة البرفيسور محمد الفرجات ان موضوع الشح المائي في المملكة موضوع مصيري يتعلق بمستقبل التنمية والامن القومي على حد سواء.
واشار البرفيسور الفرجات في حديثه لـ ” الغد ” ان الواقع المائي في المملكة يحتم علينا التفكير خارج الصندوق لسد حاجات الشرب اولا، وتوفير مصادر معززة لبقية القطاعات من زراعة وصناعة وسياحية وغيرها، بهدف تعزيز العملية التنموية في المملكة واسناد اقتصادنا الوطني، إضافة لمنع اية دوافع تهدد السلم المجتمعي والاستقرار السياسي في المملكة، خاصة ان الماء شريان الحياة.
وبين الفرجات ان الخزانات الجوفية المتجددة التي تشكل اهم مصادر الشرب في المملكة، لا تتغذى بالشكل المطلوب بسبب تأخر الامطار وتساقطها في مواسم دافئة مما يزيد من نسبة التبخر ويقلل بالتالي الشحن الجوفي، مضيفا أنه وللاسف بأن امطار هذا الموسم 2021-2022 وبالنسبة للمساقط المائية السطحية التي تغذي السدود لم تشهد التساقط المطري المطلوب لترفد سدودنا، كما وأنه وفي الربع الاخير من العام الماضي 2021 بدت ظاهرة جفاف بعض السدود لتزيد الضغط على وزارة المياه بجانب الطلب المتزايد اصلا على مياه الشرب في محافظات المملكة المختلفة والنقص الواضح في هذا الخصوص.
واضاف الفرجات انه وبسبب موجات اللجوء الى المملكة مؤخرا وتفاقم ظاهرة التغير المناخي فهناك نقص واضح في مصادر المياه سواء السطحية او الجوفية، كل ذلك بجانب تلوث وتملح ونضوب بعض المصادر المائية، واستنزاف الخزانات الجوفية بالضخ الجائر من الابار، بالتوازي مع زيادة عدد السكان وتنامي الطلب لاغراض الشرب والري والانشطة السياحية والاعمار والصناعة، مما جعل المملكة تواجه شحا مائيا متنامي يقدر سنويا بحوالي 500 مليون متر مكعب من المياه تقريبا ولكافة القطاعات.

فيما اكد الفرجات بأن هناك عدد لا بأس به من سكان المملكة يعملون في القطاع الزراعي وتعتبر الزراعة بالنسبة لهم مصدر الدخل الوحيد، فضلا عن ان الزراعة تشكل جزء هام جدا من الامن الغذائي الوطني، وقد بدأنا نشهد ارتفاع أسعار الخضار بسبب زيادة الطلب ونقصها في الاسواق ويعزى ذلك بسبب او لاخر الى الشح المائي.

ويضيف البروفيسور الفرجات بأن موضوع المياه يجب أن يكون من اهم اولويات الدولة، وأن هنالك حلول على محورين: اولها ان نسير باتجاه تشييد محطة تحلية عملاقة في العقبة بطاقة انتاجية 300 مليون م3 من المياه المحلاة سنوياً قابلة الى الزيادة الى نصف مليار م3 سنوياً، يوازي ذلك التفكير بالطاقة التي تستخدم لغايات التحلية: التقليدية من المحروقات ام المتجددة كالطاقة الشمسية او النووية، وكل ذلك يعني كلف اضافية، بيد أنه وعند تأمين هذين المتطلبين ( محطة التحلية ومصدر الطاقة) نفكر بالناقل الوطني الذي سينقل المياه المحلاة من العقبة الى محافظات الجنوب والوسط والشمال، على ان نفكر ايضاً بأن عملية الضخ وعملية رفع المياه من العقبة الى الجنوب والوسط والشمال بفرق ارتفاعات بـواقع 1000 متر فوق سطح البحر تحتاج طاقة وكلف أيضا.
وبين الفرجات بان كلف هذا المحور بمكوناته الثلاثة يقدر بحوالي 8 مليار دولار لتشييد محطة التحلية ومحطة الطاقة النووية التي ستزودها بالطاقة – على ان الطاقة النووية هي الطاقة الانسب للتحلية والضخ وفقاً لرأي البروفيسور الفرجات – اضافة الى كلف الناقل الوطني الذي ينقل حوالي 300 مليون متر مكعب من الماء المحلى سنويا، مع ملاحظة ان ناقل الديسة عمان لا علاقة له بالموضوع وطاقتة الاستيعابية 100 مليوم م3 سنوياً بمسافة حوالي 250كم وقد كلف حينها ما يزيد عن مليار دينار.

ويتساءل الدكتور الفرجات هل نملك هذه الاموال لسد النقص بمياه الشرب على ان يتم المشروع خلال الخمسة سنوات القادمة وقبل ان تتفاقم الامور، ويجيب الفرجات بأن عجز الموازنة وتنامي المديونية يجعل ذلك صعبا مما يحتم علينا الذهاب الى خيار الاقتصاد التعاوني الشعبي الوطني للإستثمار وطنيا في هذا البند وتأسيس شركة مساهمة وطنية بهذا الخصوص.

واشار ان المحور الثاني يتطلب تكتيك استراتيجي جرىء تعمل من خلاله الدولة الاردنية على اقامة مدن زراعية متكاملة وتفتح الباب للمزارعين الأردنيين للاستثمار والعمل بها: قرية في وادي عربة الجنوبي وتعمتد على المياه المحلاة بالطاقة الشمسية وتعتمد على الزراعة الذكية مناخيا وبما يشبه مشروع صحارى الدينماركي والذي استقطبه جلالة الملك ويقع شمال مطار العقبة، والذي نجح بتوفير منتجات خضرية للمملكة وجزء منها يصدر الى اوروبا على الرغم من انه مشروع ريادي بمساحة لا تتجاوز 30 دونم.
وأضاف انه وعلى الحدود السعودية الاردنية قريبا من حوض الديسة والمدورة يمكن تشييد قرية زراعية أخرى على ان تستخدم المياه الجوفية وباسلوب الزراعة العصرية الذكية المناخية، الى جانب تشييد قرية ثالثة في احدى مناطق شرق المملكة ( الصحراء الشرقية) وبالاعتماد على المياه الجوفية العميقة، مضيفا بأنه ومن شأن هذه القرى دعم امننا الغذائي وتوفير القمح والشعير والذرة والحبوب والاعلاف وتعمل دعم قطاع الثروة الحيوانية ومنتجاتها وتوفر الاف فرص العمل، والاهم من ذلك كله انها توفر البديل للمزراعين الذين يعتمدون على السدود التي بدأت بسبب التغير المناخي تعاني من عدم المقدرة على توفير الكميات المطلوبة من المياه.

وختم الفرجات حديثه لـ ” الغد ” ان العملية برمتها عملية تنموية وتحفظ امننا الوطني والقومي وتدعم توجهات جلالة الملك ورؤية في المشروع النهضوي الملكي دولة الانتاج والاعتماد على الذات، وأننا نعمل في منتدى النهضة منذ ما يقارب 10 اعوام على دعم هذه التوجهات وننادي بها منذ ان اطلقنا رؤية مشروع الشعب للانتاج عام 2012.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى