لماذا التّثاؤب معدٍ ؟

حوالي نصف البالغين يتثائبون بعد أن يتثائب شخص آخر بسبب ظاهرة عالميّة تسمى “التّثاؤب المعدي”. خلافاً للاعتقاد الشّائع تشير دراسة جديدة من جامعة ديوك إلى أنّ التّثاؤب المعدي لا يرتبط بشدّة بالمتغيرات مثل التّعاطف ، أوالتّعب ، أو مستويات الطّاقة ، على عكس الدّراسات السّابقة التي بيّنت أنّ هناك علاقة بين التّثاؤب المعدي والتّعاطف. وقد وجد الباحثون في مركز ديوك لتغيرات الجينوم البشريّ أنّ التّثاؤب المعدي قد ينخفض مع تقدّم النّاس في العمر وقد لا يرتبط بالتّعاطف. والجينوم هو (مجموعة الكروموسومات الصّبغية في الكائنات الدّقيقة ، أو في كلّ خليّة من الكائنات الحيّة متعددة الخلايا).

تم نشر الدّراسة ، التي تحمل عنوان (التّباين الفرديّ في قابلية التّأثُّر في العدوى المُعْدِية شديدة الاستقرار وغير المبرّرة إلى حدّ كبير بسبب التّعاطف أو العوامل المعروفة الأخرى) ، في مجلة بلوس ون وهي واحدة من أكثر الدّراسات شمولاً لدراسة العوامل التي تؤثّر على التثاؤب المعدي حتى الآن ، كما يقول كريستوفر بيرجلاند وهو لاعب عالميّ في التّحمل ، ومدرب رياضي ، ومؤلف.
تقول الدّكتورة إليزابيث سيرولي ، وهي أستاذة مساعدة في الطّب : إنّ عدم الارتباط في هذه الدّراسة بين التّثاؤب والتّعاطف المعديين يوحي بأنّ التّثاؤب المعدي ليس مجرد نتيجة لقدرة الشّخص على التعاطف. وأكّد الباحثون أنّ الفهم الأفضل للبيولوجيا المتضمّنة في التّثاؤب المعدي يمكن أن يؤدّي في النّهاية إلى فهم أفضل للأمراض مثل الفصام والتّوحد.
وجدت دراسة أجريت عام 2010 من جامعة كونيتيكت أنّ معظم الأطفال ليسوا عرضة للتّثاؤب المعدي حتّى يبلغوا من العمر أربع سنوات تقريبا ، وأنّ الأطفال المصابين بالتّوحد أقل عرضة للتّثاؤب بشكل معدي أكثر من غيرهم.

في دراسة أجريت على حوالي 30 شخص من عمر 6 سنوات ، يعانون من اضطرابات طيف التّوحد ، وجد باحثوا جامعة كونيتيكت أنّ الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التّوحد كانوا أقلّ عرضة للتّثاؤب بشكل معدٍ مقارنة مع أقرانهم الذين يطورون عادة التّعاطف ، والأطفال الذين يعانون من أعراض التّوحد الحادّة كانوا أقلّ عرضة للتّثاؤب بشكل معدٍ من أولئك الذين لديهم تشخيصات أكثر اعتدالا ، حتى أنّ قراءة كلمة تثاؤب يمكن أن تجعل النّاس يتثائبون.
التثاؤب المعدي هي ظاهرة تحدث فقط عند البشر والشّمبانزي كرد على السّمع أو الرّؤية أو حتّى التّفكير في التّثاؤب. وقد وجدت الدّراسات أنّ بعض الأفراد أكثر عرضة للتّثاؤب المعدي من غيرهم.
يحدث التّثاؤب العفويّ عادة عندما يكون الشّخص متعبًا أو ضجرّا ، ولوحظ التّثاؤب العفويّ لأوّل مرّة في الرّحم ، في حين أنّ التّثاؤب المعدي لا يبدأ حتّى مرحلة الطّفولة المبكّرة.

 

وعلى النّقيض من الدّراسات السّابقة ، لم يجد الباحثون في جامعة ديوك صلة قويّة بين التّثاؤب المعدي والتّعاطف ، أو الذّكاء ، أو الوقت من اليوم. كان العامل المستقل الوحيد الذي أثّر بشكل كبير في التّثاؤب المعدي هو العمر: فمع زيادة العمر ، كان المشاركون أقلّ عرضة للتّثاؤب. ومع ذلك فالعمر يفسّر 8 في المئة من التّباين في استجابة التّثاؤب المعدية.
في نهاية المطاف ، لا يزال التّثاؤب المعدي لغزًا غير مفسّر للعلماء ، ويخطط الباحثون في جامعة ديوك لدراسة التّأثيرات الجينيّة المحتملة التي تسهم في التّثاؤب المعدي ، وهدفهم على المدى الطّويل هو تحديد الأساس الجينيّ للتّثاؤب المعدي كوسيلة لفهم الأمراض البشريّة بشكل أفضل مثل الفصام والتّوحد ، وكذلك الأداء البشريّ العام.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى