حقيقية انشقاق القمر يوم أمس

انتشرت على بعض صفحات مواقع التواصل صورتين قيل إنهما تُظهران تصدّعاً على سطح القمر يُرجّح فرضيّة أن يكون هذا الجرم الأقرب للأرض قد انقسم في الماضي إلى قسمين ثم التحما، في ما يراه البعض متوافقاً مع مطلع سورة القمر في القرآن.

لكن هاتين الصورتين تُظهران في الحقيقة تمزّقاً في القشرة القمريّة بسبب تقلّص كتلته مع برودة جوفه، أما “انشقاق القمر” فلا دليل عليه من الناحية العلميّة حتى الآن، وفقاً لعلماء وكالة ناسا. ويظهر في الصورتين ما يبدو أنه سطح صخري فيه شقوق.

وجاء في التعليقات المرافقة أن هذه الشقوق “حيّرت العلماء ولم يجدوا لها تفسيراً” وأنها “قد تكون مؤشرات” لإثبات أن القمر انشقّ فعلاً في الماضي.

وبهذا تذهب هذه المنشورات لتأييد أحد التفسيرات للآية الأولى من سورة القمر، السورة الرابعة والخمسين من القرآن “اقتربت الساعة وانشقّ القمر”.

فبحسب أحد التفسيرات لهذه الآية، وما ورد في بعض المرويّات الإسلاميّة، انشقّ القمر بالفعل في زمن النبيّ لإثبات نبوّته أمام منكريها، فيما يذهب تفسير آخر للقول إن هذه الآية تتحدّث عن علامات نهاية الأزمان، وليس عن شيء وقع في الماضي بالفعل.

وفي سياق تأييد التفسير الأول، الذي يميل لتأييده أنصار “الإعجاز العلمي في القرآن”، ظهرت هذه المنشورات على مواقع التواصل بلغات عدّة حول العالم.

لكن ماذا تُظهر الصورتان؟

يُظهر التفتيش عن الصورتين المتداولتين، باستخدام محرّكات البحث، أنهما منشورتان أولاً على موقع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في التاسع عشر من أغسطس 2010، وهما تُظهران سطح القمر بعدسة المسبار “Lunar Reconnaissance Orbiter”، الذي أطلق من الأرض في 19 يونيو 2009 ودخل في مدار القمر بعد أربعة أيام.

هل حيّرت الصورتان العلماء؟

جاء في شرح الصورتين أنهما تُظهران “تمزّقاً في قشرة القمر” ناجماً عن “برودة الجزء الداخلي منه وتقلّصه خلال المرحلة الجيولوجية الحديثة”.

وفصّل موقع ناسا “على مرّ العصور الجيولوجيّة، بردت نواة القمر وتقلّصت، وتقلّص قطر القمر نحو 100 متر، ونتيجة لذلك تمزّقت قشرته الهشّة وتشكّلت ندوب على سطحه”.

وليس في الأمر “حيرة بين العلماء” أو ما يؤيّد فرضيّة انشقاق القمر، مثلما ادّعت المنشورات.
هل تحدّثت وكالة ناسا عن انشقاق القمر؟
ردّاً على سؤال من أحد متابعي صفحة وكالة الفضاء الأميركية عمّا إن كان القمر قد انشقّ فعلاً في الماضي مثلما تتداول صفحات إسلاميّة، قال عالم الفضاء في الوكالة براد بيلي، “نصيحتي هي عدم تصديق كلّ ما تقرأونه على شبكة الإنترنت” داعياً إلى استقاء المعلومات العلميّة من مصادرها.

وأضاف بيلي الذي يعمل تحديداً في مشروع وكالة ناسا المخصّص لدراسة القمر “ليس لدينا حالياً أي دليل على أن القمر انقسم في الماضي ثم التحم من جديد”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى