كيف اعتذر طفل مريض بـ السرطان لأمه قبل وفاته؟

الأفلام السينمائية المؤثرة، التي تصنع لنا مشاهداً تظل عالقة في البال طوال العمر، مشاهد قد تلامس قلوبنا وتدفعنا إلى البكاء، رغم معرفتنا المسبقة بأنها مجرد تمثيل يؤديه الممثلون ليس أكثر منذلك، ولكن وبكل الأحوال، أليست هذه الأفلام والقصص التي تُعرض علينا، لها علاقتها الوثيقة بحياتنا الواقعية، بل أن هناك الكثير من صُناع الأفلام العالميين، يرون بأنهم مهما بالغوا في أعمالهم الفنية، فإن ما رأوه أو يروه بالحياة، هو أكثر خيالاً من أعمالهم، وأكثر تأثيراً.

ويثبت هذا الطفل البريطاني “تشارلي بروكتور”، صاحب الابتسامة الطيبة، التي لم تتجاوز الـ 5 أعوام من العمر، يأتي ليكون مشهداً حقيقياً عاشه الملايين من الناس إلى جانب الدته خلال اليومين الماضيين، هذا الطفل الذي أبكى كل هؤلاء بحكايته الحقيقية التي لن تموت أبداً في ذاكرة أي من الأشخاص الذين عاشوها أو حتى سمعوا عنها، “تشارلي”، الذي ترك رسالة لأمه تردد صداها بكل العالم.

قبل قرابة العامين، صدم الأطباء في مقاطعة “لانكشاير” الإنجليزية، والدة الطفل “تشارلي”، بعد أن أخبروها أن ابنها مصاب بورم سرطاني نادر، وأنه بحاجة إلى عملية زرع كبد للضرورة القصوى، وكان ذلك خلال العام 2016، وبدأت الأم وطفلها منذ ذلك الوقت، برحلة طويلة ومعركة مؤثرة، حيث حاولت برفقة زوجها أن يجمعا مبلغاً مالياً كافياً لإجراء العملية في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ كانت العملية الجراحية تكلف قرابة الـ 600 ألف جنيه إسترليني.

خلال هذه الفترة، حاول جميع الأهل والأصدقاء، مساعدة والدي “تشارلي” لجمع المبلغ المالي اللازم للعلاج في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أنهم تمكنوا من جمع ما يقارب الـ 360 ألف جنيه استرليني، إلا أنهم فشلوا في هذه المهمة الصعبة، وخلال الشهر الماضي تشرين الأول / أكتوبر 2018، كان الأطباء المشرفين على حالة الطفل البريطاني، قد أعلنوا أن “تشارلي”، لم يتبقَ له سوى القليل من الوقت، أياماً معدودة فقط، قبل أن يغادر جميع من أحبوه وأحبهم.

 

تماماً كما الأفلام السينمائية، إلا أن هذا المشهد كان حقيقياً للغاية، وبينما كان “تشارلي” صاحب الإبتسامة الطيبة، يعاني من آلامه في أحضان والدته، لفظ أنفاسه الأخيرة مغادراً هذي الحياة، لكنه وقبل لحظات قليلة من ذلك، وجّه لوالدته رسالة مؤثرة جداً، حيث قال لها قبل رحيله الأخير: “أنا أسف يا أمي من أجل كل ذلك”، ثم رحل محارب السرطان الصغير، ليلة السبت الماضي 10 تشرين الثاني / نوفمبر 2018، بين يدي والدته المكلومة، وبعد معركة مع المرض دامت طوال عامين كاملين.

ضجت الصحافة البريطانية والعالمية بهذا الخبر المؤثر، وفي محاولة منها لإخفاء وجعها الكبير، قالت والدة “تشارلي”: “ليلة السبت في الساعة 23:14، صديقي المفضل تشارلي غادر عالمي ولفظ أنفاسه الأخيرة”. وخاطبت طفلها بعد رحيله قائلة: “تشارلي.. لقد منحتني فرصة بأن أكون أماً، لقد كنت ليس فقط أكبر إلهام لنا، ولكنك كنت مصدر إلهام لآلاف الأشخاص في جميع أنحاء العالم”. وتابعت الأم الحزينة: “لقد أظهرت لي ما يعنيه الحب يا تشارلي، الآن حان الوقت للسفر، أنا فخورة جداً بك، لقد قاتلت بكل جد. طفلي.. أنا أتألم كثيراً، سأفتقدك إلى الأبد يا حبيبي”.

وبهذه الكلمات، انتهت قصة الطفل المحارب الصغير، الذي لم يتعدَ من العمر 5 أعوام فقط، والذي رغم سنينه القليلة في الحياة، يملك قلباً كبيراً وابتسامة ساحرة ومُلهمة، رسالة قالها لأمه، لم يكن لأحد أن يتوقعها من طفل بعمره الغضّ وجسده النحيل، إلا أنه قالها، اعتذر كمن يشعر بمسؤولية كبيرة عن حزن والديه عليه، قالها ليظل اسمه وقصته محفوران إلى الأبد في ذاكرة الناس.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى