زواج القاصرات

يسرا ابوعنيز – ما بين فرحة طفلة بملابس جديدة، وعريس مكتنز، ومجوهرات، وبيت جديد، وهي لم تكمل عامها الخامس عشر، وبين العاب متناثرة لم تتمكن من جمعها، لكونها لم تنتهي من العابها بعد، لصغر سنها، غير أنها ارتدت ثوب الزفاف وهي في هذا العمر.

مثل هذه الحالة، الكثير من الحالات لفتيات قاصرات، بعضهن لم يصلن فعلا سن الزواج، وبعضهن لم يصلن سن الثالثة عشرة، غير أن اجبارهن على الزواج في هذا السن من قبل بعض اولياء الأمور، هي حقيقة موجودة في مجتمعنا، وفي معظم مناطق المملكة، مع اللجوء لطرق ملتوية لعقد القران، حتى وإن كانت هذه الزيجة لخارج المملكة،بهدف الحصول على مكتسبات مادية من هذا العريس المكتنز.

ومع بداية العام الدراسي الجديد، تفاجأ بعض الطالبات،والمعلمات بعدم وجود عدد من الطالبات، في سن المراهقة، وفي صفوف هي اقل من سن الثامنة عشر،بسبب الزواج، او الخطوبة فقط، رغم انهن لم ينهين المرحلة الأساسية في التعليم، وبعضهن لم يصلن سن الزواج الاستثنائي، وهو سن الخامسة عشر.

وهذه الحالات، تتم فعلا لمبررات كثيرة من قبل الاهل، ولعل ابرزها على الإطلاق خوفهم من المشكلات الإجتماعية، وأهمها وصول الفتاة لسن العنوسة كما يقولون، مع أن سن العنوسة لدى بعض الأشخاص في المناطق الريفية هو سن الثامنة والعشرين فما فوق، ولدى بعضهم سن الخامسة والعشرين.

الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن الاردني، ليست ببعيدة ايضاً عن اسباب زواج القاصرات في مجتمعنا، اذ ان بعض اولياء الأمور يوافقون على اول عريس يطرق بابهم، لترويج بناتهم، والستر عليهن كما يرى بعضهم، ولتجد بالتالي من يقوم بالانفاق عليها، وكأنها هم تريد العائلة ان ترتاح منه.

ولا يتوقف موضوع تزويج القاصرات، على اجبار بعضهن على ترك المدرسة في سن مبكرة، ولا لارتكاب جريمة بحق هؤلاء الفتيات،وذلك عند تزويجهن قبل ان يصلن سن الزواج، وحرمانهن من طفولتهن، والتمتع بها فحسب، بل إن لهذا الأمر نتائج سلبية تنعكس على الأسرة، والمجتمع، كأن تزداد الخلافات الزوجية، والأسرية، وحالات الطلاق، ووجود الأطفال يزيد من حجم المشكلة، لتخلي احد الوالدين عنهم، وبالتالي ضياع مستقبل هؤلاء الأطفال، ليكونوا ضحايا جدد لزواج القاصرات.

ولعل ما نراه خلال هذه الأيام، من مشكلات اجتماعية في مجتمعنا، من عمالة الأطفال، وارتفاع نسب الطلاق لفتيات في سن مبكرة، بعضهن لم يصلن لسن العشرين،والتسرب من المدارس، وغيرها من المشكلات الإجتماعية، جاءت معظمها كنتيجة طبيعية لتزويج القاصرات، او اجبار الفتيات على الزواج من قبل بعض اولياء الأمور.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى