صنــــدوق النقد العربي يصــــدر العدد السابع من موجز سياسات بعنوان  ” الاندماج في سلاسل القيمة العالمية”

في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أطلق صندوق النقد العربي سلسلةً بحثيةً دوريةً جديدة بعنوان “موجز سياسات”، تستهدف دعم عملية صنع القرار في الدول العربية من خلال توفير إصدارات بحثية موجزة تتطرق لأبرز الأولويات والموضوعات ذات الاهتمام بالنسبة للبلدان الأعضاء مصحوبةً بتوصيات لصناع السياسات.

تطرق العدد السابع من هذه السلسلة إلى موضوع “الاندماج في سلاسل القيمة العالمية“، حيث أشار إلى أن الانتشار الواسع لمصطلح سلاسل القيمة العالمية (Global Value Chain, GVC)، خلال العقود الأخيرة، جاء نتيجة للتغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي، والتراجع الذي شهدته تكاليف الشحن والنقل، إضافة إلى تراجع مستويات الحواجز الجمركية والتجارية العالمية، وازدياد وتيرة الانفتاح الاقتصادي، وقيام الكثير من دول العالم بتحسين مناخ الأعمال بهدف تشجيع وجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية المباشرة. يأتي ذلك في ضوء ارتفاع المستوى التقني العالمي وزيادة عدد مراحل الإنتاج وتعقدها، وارتفاع مستويات المنافسة المحلية والإقليمية والعالمية.

أشار الموجز إلى أن الاندماج في سلاسل القيمة العالمية يعمل على زيادة مستويات الإنتاجية والدخل، كنتيجة للسمات التي تتميز بها سلاسل القيمة خاصة منها العلاقة طويلة الأمد التي تنشأ بين الشركات أو المؤسسات، إضافة إلى التخصص المُفرط في مراحل إنتاج أو مهام محددة.

مكن الاندماج في سلاسل القيمة العالمية الشركات المحلية من الارتباط بصورة كبيرة مع الشركات الأجنبية التي تمتلك المعرفة والتقنيات.  كما لم تعد عملية التصدير تتطلب إتقان عملية الإنتاج بأكملها في ظل التخصص المفرط في مرحلة معينة من مراحل الإنتاج. بناءً عليه، تمكنت الشركات التي تشارك في سلاسل القيمة العالمية في الدول النامية من تسجيل مستويات أعلى من الإنتاجية، وزيادة أكبر في مستويات الدخول مقارنة بالدول التي تنخرط بشكل أكبر في التجارة التقليدية. حيث تشير الدراسات إلى أن زيادة نسبة المشاركة في سلاسل القيمة العالمية بمعدل 10 بالمائة يؤدي إلى زيادة متوسط الإنتاجية بحوالي 1.6 بالمائة، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 11 و14 بالمائة. علاوةً على ما سبق، بينت الدراسات أن الاندماج في سلاسل القيمة العالمية يوفر وظائف أكثر وأفضل، كما أن الشركات المُندمجة في سلاسل القيمة العالمية تميل إلى توظيف عدد أكبر من النساء مقارنة بالشركات الأخرى، مما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

كمحصلة للزيادة المُحققة في معدلات النمو الخاصة بكل من الدخل والعمالة، فإن الاندماج في سلاسل القيمة العالمية ساعد على تحقيق خفضٍ كبيرٍ في معدلات الفقر في بعض الدول النامية ومن أهمها الصين، وهو ما يُعزى إلى كون المكاسب الاقتصادية المحققة من الاندماج بسلاسل القيمة العالمية تكون أكبر مقارنة بالمكاسب المحققة في إطار الاندماج في التجارة التقليدية.

على صعيد مدى اندماج الدول العربية في سلاسل القيمة العالمية، أظهرت الدراسات تحسن نسبة مساهمة السلع الوسيطة في إجمالي الصادرات لعدد من الدول العربية، حيث بلغت في بعض الدول العربية نحو 25 بالمائة من إجمالي صادراتها خلال الفترة (2010 – 2015). بينما بلغت حصة الواردات من السلع الوسيطة نسبة تراوحت بين 20 و30 في المائة من إجمالي واردات عدد من الدول العربية. في هذا الإطار، اهتمت بعض الدول العربية بتعزيز إدماج الشركات في سلاسل القيمة العالمية كوسيلة لتحقيق هدف التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة والشاملة، حيث عمل صناع القرار في هذه الدول على تبني السياسات الرامية إلى دمج اقتصاداتهم في شبكات التجارة والاستثمار والإنتاج العالمية ومن بين هذه البلدان تونس، ومصر، والمغرب، والأردن، ولبنان. كمحصلة لذلك، حققت هذه الدول تقدماً في الاندماج في سلاسل القيمة العالمية. عززت المشاركة في سلاسل القيمة العالمية، من مستويات التنمية الاقتصادية، لاسيما في الدول التي ترتفع بها نسبة المكونات السلعية للصادرات.

في هذا الإطار، أشار العدد السابع من هذا الموجز إلى بعض الانعكاسات على صعيد السياسات لتحسين مستويات اندماج الدول العربية في سلاسل القيمة العالمية، من أهمها:

  • تحسين البيئة والمناخ الاستثماري في الدول العربية، بهدف زيادة وجذب المزيد من التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبي المباشر لدول المنطقة لاسيما تلك التي تستهدف تعميق الاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
  • اتباع السياسات الهادفة نحو تحسين مستويات وصول المستثمر المحلي والأجنبي إلى التمويل، بما يدعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
  • اتباع السياسات الرامية إلى الحد من الاختلالات في أسعار الصرف.
  • أهمية الاستثمار في رأس المال البشري بهدف تحسين مستويات المهارة الفنية والابتكار لدى الخريجين العرب، من خلال اتباع سياسات تعليمية تهدف إلى رفع مستويات جودة التعليم والتدريب والانفتاح على العالم الخارجي، حتى تتماشى قدرات الخريجين مع احتياجات أسواق العمل.
  • إصلاح وتطوير المنافذ الجمركية من خلال تطبيق أحدث أساليب التقنية الحديثة.
  • تبني المعايير والمقاييس الدولية، فيما يخص قبول السلع بالمنافذ الجمركية.
  • سن وتفعيل قوانين الملكية الفكرية، لما لها من أهمية كبيرة فيما يتعلق بالاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
  • اتباع السياسات الزراعية الهادفة إلى دمج أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل القيمة الزراعية، من خلال منحهم بعض الدعم وخاصة في مجال الإرشاد الزراعي والحصول على التمويل.

 

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى