المشهد العربي ما بعد العراق

عبدالحميد الهمشري – خلال الفترة الممتدة من النكبة الفلسطينية حتى حرب تشرين التحريكية التي قادت لنشوء الطابور السادس في الجسد العربي وتفككه والذي يتبنى التطبيع مع الكيان العبري خدمة لبروتوكولات حكماء صهيون والماسونية العالمية، بعد خفوت نجم القومية من معظم الأقطار العربية بوصفها حركة “متعصبين” رافضة للكيان العبري، واحتضانها لحركات يمكنها ترويضها لتحل مكانها ، كما حصل في إيران بعد نجاح ثورتها الإسلامية التي بعثرت جهود بناء الشرق الأوسط العربي بافتعال تصدير الثورة إليه ، فهب العراق للجم جماح أطماعها التي تلتقي مع العدو الصهيوني في اقتسام ما يعتبرونه فراغاً في المنطقة العربية ، ولما تمكن العراق من ذلك بدأت أجندات تدميره أمريكياً تحلق في سماء المنطقة ، فكان لها ما أرادت في العام 2003بأن جرى احتلاله وتقويض نظام الحكم العروبي فيه وحل جيشه الذي كان سنداً لكل العرب, التداعيات في المنطقة العربية منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية قادت للواقع العربي الممزق الذي زاد من تهلهل الأوضاع العربية ، وأوجد في البلدان العربية طابوراً سادساً يروج للكيان العبري والهيمنة الأمريكية ، فمع تدمير الدولة العراقية بعد احتلال بغداد في العام 2003 ، بانت عورات الوطن العربي الذي لم يعد قادراً على الذود عن نفسه أمام هول الأجندات المرسومة لكافة كياناته ، ما أدى بعد أن بات العدو الصهيو إيراني يصولان ويجولان في فضاءات المنطقة من شرقها وغربها دون رادع إلى تململ الشعب العربي في أكثر من قطر وعرفت بالربيع العربي كان من أسبابها الأساسية واقعه السيء والفساد المستشري والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية والتضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في أكثر من قطر عربي ، ابتدأت بتونس في العام 2011 أدت لفرار حاكمها ، هذا التململ بدايته كانت وطنية خالصة لكن بعد نجاحها في تونس التف عليها وأصبح فيما بعدعرابها الفيلسوف اليهودي الفرنسي برنار ليفي عميل الموساد ، الذي يطلق عليه لورانس العرب الجديد حيث تمكن من حرفها عن هدفها وتحويلها لفوضى عارمة تجتاح الوطن العربي تصب في صالح الدولة العبرية ، فدمرت ليبيا وتنازع القوم في سوريا ، فصالت إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأصبحت تشكل تهديداً مباشراً للوجود العربي برمته .

 

ومع تفاقم الأوضاع وازديادها سوءاً ، تفجرت الأوضاع في أكثر من بلد عربي فالمشهد العربي منذ العام 2018 يختلف عما ساد بعد احتلال العراق ، حيث اليأس والقنوط بفعل تسلط أمريكا على المسرح وسعيها تجويع الشعب العربي لتخلق تنافراً ما بين من احتضنتهم من فاسدين ومفسدين وشعوبهم ، لتبقى تعبث في أمن الجميع ، فأمريكا سادية في تعاملها تتلذذ بمصائب وجوع الأمم الأخرى طالما أن كل المنابع تجري نحو مصباتها ، فالمتتبع للمشهد العربي يرى أن هناك انتفاضات شبابية انطلقت في أكثر من بلد عربي ضد الفساد والطائفية وتسلط الأجنبي ، وما زالت مستمرة أثمرت حتى الآن عن تصويب الأوضاع في القطر التونسي الذي حسم الأمر لصالح التغيير نحو الأفضل ، وكذا الأمر في السودان الذي ما زالت أحزابه الوطنية تسعى للمحافظة على وحدة ترابه الوطني ، فتحية للشعب العربي في تونس ولخياراته العروبية والسودان وخياراته الوطنية ، كما أن الثمار توشك أن تؤتي أكلها في كل من لبنان والعراق وكذلك في الجزائر ، وهذا مؤشر إيجابي يدفع الأمور نحو تحسين الأوضاع في المنطقة العربية والتحلل من ضغوطات ما زالت تمارس نحو تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني.

ولا بد لي هنا من الإشادة بتوجهات الأردن الرسمي المتوافق مع الموقف الشعبي وبما يصب بصالح الأمة والوطن والشعب وهو ما يبشر بخير لأردن الرباط والكيان العربي برمته.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى