صنــــدوق النقد العربي يصــــدر العدد التاسع من سلسلة “موجز سياسات” حول “العبء الضريبي”

في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أطلق صندوق النقد العربي سلسلة بحثية بعنوان “موجز سياسات”، تستهدف دعم عملية صنع القرار في الدول العربية من خلال توفير إصدارات بحثية موجزة تتطرق لأبرز الأولويات والموضوعات ذات الاهتمام بالنسبة للدول العربية الأعضاء مصحوبةً بتوصيات لصناع السياسات.

تطرق العدد التاسع من هذه السلسلة إلى موضــوع “العبء الضريبي “، حيث أشــار الموجز الى الإصلاحات الضريبية الهادفة الى توزيع العبء الضريبي بصورة عادلة  والذي من شأنه أن يقلل من معدلات التهرب الضريبي وزيادة التحصيل الضريبي وبالتالي تعظيم الإيرادات الضريبية. تطرق الموجز أيضاً إلى عملية نقل العبء الضريبي من المكلف قانوناً بدفع الضريبة إلى شخصٍ آخر. حيث أوضح أن  عملية النقل تختلف من ضريبة لأخرى، فمثلاً بالنسبة لضرائب التجارة الخارجية أو ما يُعرف بالتعريفة الجمركية، فإن المستورد يقوم بتحميل العبء الضريبي على سعر السلعة المستوردة وبالتالي تنتقل إلى المستهلك الآخير. كما أشار الموجز أيضاً إلى أن تحمل العبء الضريبي يختلف بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، ذلك حسب نوع السوق الذي تتم فيه ممارسة النشاط.

بالإضافة إلى ذلك أشار الموجز إلى أن العبء الضريبي يختلف عن ما يعُرف بالجهد الضريبي حيث يشير المصطلح الأول  إلى إجمالي ما يتحمله المكلفون من ضرائب خلال فترة زمنية معينة منسوباً إلى الناتج المحلي الإجمالي، في حين يعبر الجهد الضريبي عن إجمالي الضرائب المُحصلة فعلياً منسوبة إلى الطاقة الضريبية المٌقدرة أو “العبء الضريبي الأمثل”.

تطرق الموجز إلى المنهجيات المستخدمة في قياس العبء الضريبي مثل منحنى لورنز (Lorenz curve) لتوزيع العبء الضريبي، وكذلك منحنى لافر(Laffer curve) أو ما يعرف بمنهجية الضغط الضريبي. كما استعرض الموجز عدد من المحاولات الدولية لقياس العبء الضريبي من بينها “مؤشر العبء الضريبي” لمؤسسة هيرتاج  (Heritage Foundation)  الذي تحتسبه المؤسسة في سياق إصدار مؤشر الحرية الاقتصادية الذي هو عبارة عن المتوسط الترجيحي لثلاثة مؤشرات فرعية تتمثل في معدل ضريبة الدخل على الأفراد، ومعدل ضريبة الدخل على الشركات، بالإضافة إلى العبء الإجمالي للضرائب المباشرة وغير المباشرة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. هناك علاقة عكسية بين قيمة المؤشر والعبء الضريبي، فكلما انخفضت قيمة المؤشر دل ذلك على كِبر حجم العبء الضريبي[1]. يكمن الهدف من استخدام هذا المؤشر كأحد المؤشرات المستخدمة للتعرف على الحرية الاقتصادية للأفراد والشركات[2]. كما استعرض الموجز مؤشرات أخرى تُستخدم لقياس العبء الضريبي، مثل معدل الضريبة القانونية (Statutory Tax Rates) الأكثر شيوعاً بالأخص فيما يتعلق بمفاضلة الأعباء الضريبية بين الدول من أجل إتخاذ القرارات الاستثمارية.

تطرق الموجز إلى بعض التجارب الدولية والعربية في توزيع العبء الضريبي حيث أشار إلى أن بعض الدول العربية لجأت إلى تخفيض العبء الضريبي على الشركات الأجنبية بهدف تشجيع جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية. حيث تبين أن هناك تحسن في توزيع كفاءة العبء الضريبي في الدول العربية وفق أحدث البيانات بما يعكس أثر الإصلاحات المالية التي تم تبنيها في الآونة الأخيرة. في هذا السياق، ارتفعت الأهمية النسبية للضرائب المباشرة على الدخل والأرباح لتشكل في عام 2018 نحو 40 في المائة من مجمل الإيرادات الضريبية على مستوى الدول العربية كمجموعة مقابل نحو 27 في المائة فقط في عام 2014، في حين تراجعت الأهمية النسبية للضرائب غير المباشرة التي تُفرض على مبيعات السلع والخدمات دون التفرقة بين المُكلفين حسب مستوى الدخل، حيث انخفضت نسبتها لتشكل 60 في المائة من مجمل هيكل الإيرادات الضريبية في عام 2018 مقارنة بنحو 73 في المائة في عام 2014.

أُختتم الموجز بمجموعة من التوصيات على صعيد سياسات الإصلاح الضريبي، حيث تمت الإشارة في هذا الصدد، إلى أن صناع السياسات الاقتصادية يحرصون على تعزيز الإجراءات الخاصة بتوسيع القاعدة الضريبية، مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية المتاحة وبالتالي تمويل مشاريع البنية التحتية ودعم برامج شبكات الأمان الاجتماعي. كما يحرصون على وضع نظام ضريبي مرن يُمكن من خلاله فرض عبئاً ضريبياً مقبولاً وفعالاً لضمان امتثال المكلفين بدفع الضريبة وعدم التهرب منها. إلى جانب حرصهم على وضع نظام ضريبي مرن يُمكن من خلاله فرض عبئاً ضريبياً مقبولاً وفعالاً لضمان إمتثال المكلفين بدفع الضريبة وعدم التهرب منها. يتطلب ذلك النظر في ثلاث محددات أساسية تتمثل في: إتساق العبء الضريبي مع أهداف التنمية المستدامة، وتقييم العبء الضريبي دورياً، وأن يتسم  تصميم العبء الضريبي بالكفاءة، والمساواة، والشفافية، والمراجعة الدورية.

[1]  يتم احتساب مؤشر العبء الضريبي والذي يشير  إلى ما يعرف بالحرية المالية وفقاً لمؤسسة هيريتاج من خلال دالة التكلفة التربيعية والتي تعكس إمكانية تناقص الإيرادات الضريبية مع تزايد معدلات الضريبة.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى