إخلاص القاضي تكتب: زقزقة العصافير لا هدير الرصاص والمدفعية

عليك ان تفرح، أن الحجر والحظر، لم يفرضا، لان الدماء والقتال يغزوان الشوارع، وعليك أن تفرح، أنهما وضحا لك أصوات العصافير، ولم تسمع أصواتا لاطلاق الرصاص والقنص والعصابات والميليشيات والمدفعيات، عليك ان تفرح ان حظر التجول – وأن ارتقى لاحكام عرفية، أو كاد وهو لمصلحة صحتك بالضرورة- ، قد خرق مثلا، لان حرة من حرائر الاردن خرجت لطلب الخبز، ففضلوها أسود الجيش على انفسهم، ولم يردوها خائبة، ولم يعتقلوها..، رغم وضوح قانون الدفاع، فهذا ليس تجاوزا على القانون، بل عملا بروح كل قوانين الدنيا، ( الانسانية) ..
عليك ان تفرح، أن الاردن في زمن الكورونا ربما صورة مصغرة عن مدينة فاضلة، رغم كل ما يشوبها من محاولات تشويه، إذ اجهد كل قدراته للحد الاقصى، ( كرمالك، وكرمال صحتك، وأمن الوطن الصحي)، فأنت في بيتك عزة وكرامة، وسط تأكيدات ان المخزون الغذائي يكفينا لفترة طيبة، وأن طرق الحصول على الغذاء والدواء والمياه، متيسرة، ضمن شروط السلامة والصحة.
عليك ان تدرك أن القوانين الموضوعة، ليست كتابا مقدسا، والتغذية الراجعة لكل قرار، يلفها نسمات الانسانية التي تفاضل بين الاهم والمهم، عليك ان تميز ان الاحكام العرفية في بلدان لا تعرف الرحمة، تعني الرصاص، والالغاء، والخطف، والتصفية، والبطش، فيما تقارب عندنا قيم الحفاظ على الحياة ونوعيتها..
عليك ان تغبط الوقت الذي ابقاك في بيتك، في منزلك، ولم يجبرك على التخييم على حدود الوطن، أو خارجه، بين عوز وفقر ومرض وجوع ومصير مجهول، عليك ان تمتن، لكل الاجراءات المضنية التي قدمتها الحكومة، على الرغم من بعض الثغرات، ولكل الجهود الجبارة الذي قام بها فريق الازمة، وكل منتسبي الجيش العربي الهاشمي المصطفوي الباسل، عليك ان تحمد الله أن سيد البلاد يخاطبك بلغة الاب، متمنيا عليك البقاء في بيتك، خوفا عليك، بينما يخرج مسؤولون آخرون ينعقون، ( ستودعون احبابكم)، عليك ان تتذكر ان العالم كله، يتحدث عن تجربة الاردن الفريدة في التصدي ل( كورونا)، فيما لا يعجب البعض لدينا العجب، مستكثرين على الاردن النجاح في أي ملف، عليك ان تكون سندا لدولتك، لا فرعونا عليها، ففي الشدائد يختبر الحر، وعليك أن تكون جنديا في معركة ضد عدو لا يفرق بين اي من الفئات، عليك ان تتذكر، أن بعض البلدان حرمت الناس التمتع بأموالها، وصادرت تلك الحقوق على خلفيات عدة، فيما صرفت دولتنا الرواتب للقطاع العام قبل الوقت، وهدأت من روع القطاع الخاص بتطمينات ان الرواتب قريبة، وخففت من وطأة الفقير، بمعونات عينية ونقدية، عليك ان تتذكر، كم من الناس اطلقت مبادرات خير، تبرعت، اجتهدت، قدمت انفسها خدمة للوطن، وبعد، وقبل، عليك ان تشكر الله الذي اختبرنا في مرض، وحدنا، على ( المرة) بانتظار ( الحلوة)، التي نتمناها شفاءً عاجلاً لكل المصابين بكورونا في الاردن، ودعواتنا للعالم باسره بزوال الغمة واستتاب الصحة، على أمل تعزيز التضافر، والتكافل، والتضامن، لقتل الاشاعة، فيما يطل علينا فريق الازمة كالابطال، مصرحين بين الطمأنة وتهدئة النفوس وبث الحقائق، مؤكدين أن لا صحة لاخبار كاذبة، فقط، استقوا المعلومة الصحيحة منا، فلا مجال في هذا التحول التاريخي العصيب إلا للحقيقة والشفافية .

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى