وائل مكاحله يكتب : متلازمة سعد جابر

بعد أن مددني على “شيزلونغ” مريح، ووضع اسطوانة كلاسيكية لـ”موتسارت” في جهاز الستيريو القديم.. لتنساب موسيقى ناعمة بددت التوتر العام، قال في خفوت:


– أريدك أن تفضفض وتحكي لي، بماذا تشعر؟

– مؤكد يا دكتور أنني لم أقبل أن أحجز موعدا لدى دكتور نفسي.. وأدفع خمسين دينارا مرة واحدة لكي أسترخي في مكتبك، طبعا سأحكي..!

بدا مبهوتا.. أشعل سيجارة.. ورشف رشفة من كوب الشاي أمامه.. ثم طعّم في سره ثلاثا، وقال:
– إخلص.. هل هي البارانويا؟
– لا..
– فوبيا؟
– لا..
– شيزوفرينيا؟
– أيضا لا..
– لعاد مالك؟!
– هات ذانك جاي.. سعد جابر يا دكتور!!

أنا محاط بهذا الرجل حرفيا!!.. في العمل.. لا سيرة للزملاء إلا عن بطولات سعد جابر وإنجازات سعد جابر ومقولات سعد جابر، في البيت يصيح أخي كل سبع دقائق ليزف لنا ما قال سعد جابر وما أكد سعد جابر وعلام شدد سعد جابر، يرن منبه إشعارات الواتس أب.. فأفتح لأجد مقاطع “شيلات” تلولح لسعد جابر وتهيجن لسعد جابر وتدحّي لسعد جابر..

حتى على الفيس بوك!!.. هناك حالات وبروفايلات وكفرات وبوستات، الرجال يبكون عمرهم الذي مضى لأنهم لم يصبحوا كسعد جابر، والنساء تنعين حظوظهن لأن رجالهن ليسوا نسخا مكررة عن سعد جابر، فيما الفتيات لا يكففن عن ترديد عبارات غريبة لم ترد في آثار الأولين أو معاجم اللغة، مثل “يسعد الله” و”لا تغمزيلي بعينتش” و”إطعج يا بكرج”، ومؤخرا بدأ الأمر يأخذ منحى غريبا حين بدأت عبارة “ينعن عمري” تسري بين الشباب العزب.. كلما رأوا الرجل يتحدث – جديا – عن أعداد المصابين واستعدادات الدولة لعلاجهم..

(ريحة النشادر فوئتني بقى يا باشا)..!

هل ما نمر به من متلازمة لمعالي السيد الوزير سعد جابر سيعيش معنا طويلا؟.. هل هو توق الشعب لرؤية من يعمل لأجلهم بحق الله؟.. وهل حل سعد جابر محل “السوبر ستار” الذي يرافق دمار قصص الحب عند الشباب، وبكاء البنات وغيابهن عن الوعي على خشبات المسارح؟.. هل تراجعت أسهم “كاظم الساهر” و”عمرو دياب” و”روبي” إلى هذا الحد؟!

أقسم بالله أني أحب الرجل في الله، وهو جندي من جنود الوطن يستحق كل احترام، وقد أظهرت هيئته المجهدة على الشاشات أنه لم يعرف الراحة منذ ابتلي العالم بهذا الوباء، ومتأكد أن هذا أثر على بيته وعائلته بالمقابل، ما أتحدث عنه هنا هو المبالغة.. المبالغة في كل شيء حتى أصبحنا نحب بعنف.. ونكره بعنف.. ولا نعرف الحياد أو أنصاف الحلول..

ظل الوضع مشحونا – كما ترون – حتى خرجت زوجته السيدة المحترمة الوقور عن صمتها، وقررت الرد على المعجبين والمعجبات.. الذين لولا انشغال الرجل لملأوا صفحاتهم وبروفايلاتهم بصورهم معه مع إشارة النصر ✌️ وغمزة 😉 وبوز بطة!!.. ما قالته السيدة الرؤوم أضحكني وأبكاني وعصر قلبي في آن معا، تعال يا دكتور وتتبع معي:

1- نعم متزوج… (مؤكد أن هناك حالات انتحار)
2- نعم عنده أولاد… (يعني لا يحتاجون لزوجة أب)
3- مش ناوي يثني… (تشي هذه النقطة بعدد مهول من عروض التزويج يتلقاه يوميا)
4- نعم زلام الأردن بغاروا منه… (إجت سيرتنا معكو بالمعية)
5- نعم أصله من الشوبك وعائد مهجر من الخليل… (واضح أن بعض الرسائل لعبت على الوتر المعتاد)
6- أبوه كان… إحم!!! 😳

وهكذا ستكتشف – يا دكتور – أن المضايقات تعدته لتمس عائلته وبيته، وأن حب الشعب “دفش” كحب الدبب (كما يقول إخواننا السوريون)، زد على ذلك أن……

– مممممم دكتور.. أنا أتحدث إليك، أترك الهاتف قليلا، دكتور..

– انتظر يا أخي.. سعد جابر يتحدث في مؤتمر صحفي، ينعن عمري أنا…

– اه والله.. وينعن شرفك كمان…!!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى